إنطلاقاً من السجال السياسي الذي سيطر على الأجواء المحليّة، في نهاية الاسبوع المنصرم، تطرح الكثير من الأسئلة حول كيفيّة التعامل مع لائحة "الطلبات" التي سيقدمها وزير الخارجية الأميركيّة ​مايك بومبيو​، الذي يزور ​لبنان​ في الأيام المقبلة.

من حيث المبدأ، أغلب الملفات التي سيتناولها الزائر الأميركي "متفجّرة"، في ظلّ الخلافات حولها بين الأفرقاء المحليين، وبالتالي من المفترض أن تكون العنوان الأبرز على المستوى السياسي، لكن هل تؤثّر على الإستقرار المحلي؟.

في هذا السياق، تشير مصادر سياسية مطلعة، عبر "النشرة"، إلى أن بومبيو سينقل، خلال زيارته إلى ​بيروت​، رسائل أميركيّة واضحة، وتؤكّد أنها ستكون شديدة اللهّجة، نظراً إلى أن ​واشنطن​ ليست في مرحلة مفاوضات، في الوقت الراهن، على مستوى ملفّات المنطقة، بل هي في طور التشدّد أكثر من السابق، لا سيما على مستوى العلاقة مع الجمهورية الإسلامية في ​إيران​.

وتلفت المصادر نفسها إلى أن وزير الخارجيّة الأميركيّة سيشدّد على ضرورة أن يبقى لبنان بعيداً عن الإنخراط في المحور الإيراني، في ظلّ الدعوات إلى رفع مستوى التنسيق بين البلدين على مختلف المستويات، بالإضافة إلى عدم إفساح المجال أمام "​حزب الله​" لزيادة نفوذه على الساحة المحليّة، مستفيداً من التطور الّذي حصل بعد الإنتخابات النيابيّة الأخيرة، حيث نجحت قوى الثامن من آذار، بالإضافة إلى "​التيار الوطني الحر​"، بالفوز في الأغلبيّة النيابيّة للمرة الأولى منذ العام 2005.

بالتزامن، تؤكد هذه المصادر أنّ ملف العلاقات اللبنانيّة السوريّة سيكون حاضراً على طاولة المباحثات، حيث سيطالب بومبيو بضرورة عدم الإنزلاق نحو إعادة العلاقات بين البلدين إلى سابق عهدها، كما سيؤكّد أن بلاده ترفض هذا الأمر بشكل مطلق، لا سيّما أنها تعتبر أنّ المسألة مرتبطة بإنطلاق العمليّة السياسيّة في ​سوريا​، وتشير إلى أنّ الجميع يعلم أن واشنطن هي الجهّة الأساسيّة التي ترفض عودة النازحين إلى بلادهم في هذه المرحلة، وكانت وراء "فرملة" الإندفاعة العربيّة التي ظهرت باتّجاه دمشق في الفترة السابقة.

وفي حين تشير مصادر سياسيّة مطلعة إلى أن بومبيو سيؤكّد إستمرار دعم بلاده للأجهزة الأمنية اللبنانية، لا سيّما المؤسّسة العسكريّة، تلفت إلى أن ملف العقوبات الأميركيّة على "حزب الله" سيكون حاضراً، لجهة ضرورة عدم إفساح المجال أمامه للتهرّب منها، إلا أنّها توضح أنّ الملفّ الأبرز سيكون ملف ترسيم الحدود اللبنانية-الاسرائيليّة، وتلفت إلى أنّ هناك شبه إجماع لبناني على كيفيّة التعامل مع هذا الأمر، على عكس ما هو الواقع بالنسبة إلى الملفّات الأخرى، وتضيف: "الجانب المحلّي متمسك بقاعدة أن ترسيم الحدود البحريّة يجب أن يتمّ بالتوازي مع ترسيم الحدود البريّة".

من وجهة نظر هذه المصادر، الأهم على هذا الصعيد هو كيفيّة التعامل اللبناني مع هذه الملفات، نظراً إلى أن الخلافات القائمة من الممكن أن تكون مادة ل​تفجير​ الإستقرار السياسي القائم منذ التسوية الرئاسيّة في العام 2016 حتى اليوم، وتؤكّد أن الأفرقاء المعنيين متمسكون بالحفاظ على هذه التسوية، إلا أن تلك السجالات المتكررة حول تلك الملفات من الممكن أن تؤثر عليها في المستقبل، لا سيما إذا ما كان هناك من ضغوط إقليمية أو دولية حولها.

وتشدد المصادر نفسها على أن بومبيو لن يحمل معه ملفات سريّة، وتشير إلى أنّ أهميّة الزيارة ليست بما يحمله بقدر ما هي بكيفيّة تعاطي الجهات الرسميّة معها، وتشدد المصادر على أن رئيس ​المجلس النيابي​ ​نبيه بري​ يعلم بأن بومبيو يأتي الى بيروت لفرض طلبات أميركيّة لا يمكن للبنان أن يقبل بها لأنها تخالف مصلحته، سواء كانت متعلّقة بالعلاقات مع سوريا أو تختص بـ"حزب الله"، لذلك نرى الحرص على أهميّة تعاطي اللبنانيين مع الزيارة بمسؤوليّة، وعدم محاولة استثمارها بالسيّاسة الداخليّة.

بالتزامن تكشف هذه المصادر أيضاً أن ​رئيس الجمهورية​ العماد ​ميشال عون​ لن يتهاون بالردّ على الزائر في ملفّ ​النازحين السوريين​، حيث تشير إلى أنّ جوابه بهذا الخصوص سيكون حازماً بضرورة عودتهم إلى بلدهم عملاً بالمبادرة الروسيّة، لا سيّما أنّ هذا الملف سيكون حاضراً على رأس جدول أعمال زيارته إلى ​موسكو​.

في المحصّلة، علامات إستفهام كثيرة تُطرح حول توقيت هذه الزيارة، لا سيّما أنها تأتي في ظل أجواء متوترة على الساحة المحليّة، عاد فيها الحديث عن إحتمال إسقاط ​حكومة​ ​سعد الحريري​ الثالثة، لكن هل تكون نتائجها مؤشراً على توتير أكبر في المرحلة المقبلة؟.