يستعد "​التيار الوطني الحر​" كما الحزب "التقدمي الاشتراكي" بحماسة للقداس الذي دعا اليه وزير المهجرين ​غسان عطالله​ يوم السبت في ذكرى "شهداء الجبل"، فالطرفان يعولان عليه لتمتين المصالحة وتدعيم ركائزها ولفتح صفحة جديدة من العلاقة بينهما بعد مرحلة طويلة من التجاذب السياسي الذي توج بعملية تشكيل الحكومة حيث اعتبر رئيس "التقدمي الاشتراكي" ​وليد جنبلاط​ تعيين ​صالح الغريب​، الوزير الدرزي الثالث، وزيرا للنازحين وعطالله وزيرا للمهجرين بمثابة رسالتين واضحتين موجّهتين ضده بشكل مباشر.

وان كانت حركة ومواقف الغريب ورئيس الحزب "الديمقراطي اللبناني" النائب ​طلال ارسلان​ لا تزال لا ترضي زعيم ​المختارة​، الا ان الانفتاح الذي عبّر عنه عطالله تجاهه حين توجه اليه ليصيغا معا الخطوط العريضة للخطّة التي من المفترض أن تؤدي الى اقفال ​وزارة المهجرين​ بعد سنوات من الاستفادة السياسيّة والانتخابية منها، ترك ارتياحا لدى الزعيم الدرزي الذي بادر سريعا لتلقّف دعوته الى القدّاس الذي حمل عنوان "التوبة والمغفرة" اللافت والذي يُظهر ان هناك طرفًا يطلب التوبة وآخر يغفر، ما يشكّل بحدّ ذاته تحوّلا أساسيًّا من شأنه أن ينهي قريبا ملف المهجّرين ليفتح ملف العودة وانماء الجبل.

واعتبرت مصادر "التقدمي الاشتراكي" انّ القدّاس هو لتثبيت ​مصالحة الجبل​ وتعزيزها، لافتة الى انها "خطوة تصب في اطار النهج التصالحي الذي ارساه جنبلاط والحزب التقدمي الاشتراكي منذ سنوات". واشارت الى انه "رغم الخلاف السياسي مع "التيار الوطني الحر" كنا دائما منفتحين على الخطوات الايجابيّة التي ممكن أن تتوفر لتأكيد العيش المشترك في الجبل وتلافي أي شكل من أشكال التوترات على الأرض، ولا نزال على هذا القدر من الانفتاح".

ورأت المصادر انه "من الطبيعي باليوميات السياسية أن يكون هناك قضايا قد نتفق عليها مع "الوطني الحر" بمقابل قضايا أخرى نختلف عليها، وهذا أمر مفهوم ومشروع باطار النظام الديمقراطي، لكن المهم اليوم استثمار المناخ الايجابي الذي سيتولد نتيجة هذا النشاط والبناء عليه ومحاولة مراكمة التفاهمات المشتركة على العناوين الاسياسية والعناوين الكبرى".

بالمقابل، تتحدث مصادر "الوطني الحر" عن شروط يتوجب توافرها لفتح صفحة جديدة مع "التقدمي الاشتراكي" لافتة الى ان جزءا كبيرا من هذه الشروط بات مؤمّنا وبالتحديد بموضوع التعاون لاقفال وزارة المهجرين بعد اخذ أصحاب الحق حقوقهم. وقالت المصادر: "من مصلحة كل الأفرقاء طي هذه الصفحة لتفادي ان تكون كل فترة نافذة خلافية وسجالية، أما التعاون السياسي مع التقدمي الاشتراكي فبالطبع مطروح كما مع كل الفرقاء على اساس شروط واضحة وصريحة وأبرزها توافر النوايا الصافية واعتراف كل فريق أخطأ بمكان ما بالخطأ والاعتذار عنه لتفادي تكراره في مرحلة مقبلة".

فهل يكون غسان عطالله الذي عُين يوما ما وزيرا لتوجيه صفعة لوليد جنبلاط هو الذي يعيد ترميم العلاقة بين "التيار الوطني الحر" والحزب "التقدمي الاشتراكي"؟ وهل تكون المصالحة الجديدة أمتن من سابقاتها فتصمد الهدنة وقتا أطول؟.