لم تكن مواقف وزير ​الخارجية الأميركية​ ​مايك بومبيو​، خلال المؤتمر الصحافي المشترك مع وزير الخارجية والمغتربين ​جبران باسيل​، مفاجئة بالنسبة إلى الكثيرين، لا سيما أنّ الرسائل التي يحملها كانت قد سبقته إلى العاصمة ال​لبنان​ية، عبر التسريبات الصادرة عن بعض المسؤولين الأميركيين.

انطلاقاً من ذلك، كان السؤال الأساسي الذي يطرح نفسه في الأوساط المحليّة هو كيف سيتمّ التعاطي مع ما سيطرحه من قبل المسؤولين اللبنانيين، خصوصاً أن ​واشنطن​ على ما يبدو في طور الانتقال الى مرحلة جديدة من التصعيد على مختلف الصعد.

في هذا السياق، تشير مصادر سياسيّة مطلعة، عبر "النشرة"، إلى أن أغلب المواقف التي طرحها وزير الخارجية الأميركي كانت معروفة مسبقاً، إلا أنّ وجهة النظر حول اللهجة كانت تختلف بين فريق وآخر، حيث كان البعض يُصر على أنها ستكون شديدة اللهجة، بينما البعض الآخر كان يتوقع ألاّ تخرج عن الإطار الدبلوماسي.

وتلفت هذه المصادر إلى أنّ وجهة النظر الأولى هي التي انتصرت، نظراً إلى أن مواقف الزائر الأميركي من ​وزارة الخارجية والمغتربين​ كانت خارج كل الأعراف الدبلوماسية، بالرغم من إشادتها على أهمية المواقف التي عبر عنها كل من ​رئيس الجمهورية​ العماد ​ميشال عون​ ووزير الخارجيّة جبران باسيل، بالإضافة إلى رئيس ​المجلس النيابي​ ​نبيه بري​.

وتشدّد المصادر نفسها على أن الجواب اللبناني كان موحداً من مختلف الملفّات التي طرحت، سواء تلك المتعلقة بترسيم الحدود البحريّة أو تلك المتعلّقة بالموقف من "​حزب الله​" والجمهورية الإسلاميّة في ​إيران​، بالإضافة إلى ملفّ ​النازحين السوريين​، حيث سمع بومبيو كلاماً واضحاً بأن لبنان لم يعد يحتمل المزيد من التأخير في معالجة هذا الأزمة، وتضيف: "العامل الأساس هو الإصرار على الاستمرار في الآليّة المتبعة من قبل ​الأمن العام​ لإعادتهم إلى بلادهم".

على صعيد متصل، ترى مصادر نيابيّة في قوى الثامن من آذار، عبر "النشرة"، أن ​الولايات المتحدة​ قرّرت التماهي بشكل مطلق مع الأهداف الإسرائيليّة على مستوى المنطقة، وبالتالي ينبغي التعامل معها على هذا الأساس، لا سيما أن الرئيس الأميركي ​دونالد ترامب​ كان قد سبق زيارة وزير خارجيته إلى لبنان، بالإعلان عن أن الوقت حان للاعتراف بسيادة تلّ أبيب على ​الجولان​ السوري المحتلّ.

ولا تتردد المصادر نفسها في القول أنّ واشنطن تريد من حلفائها في لبنان التماهي مع مواقفها المعادية لـ"حزب الله" و​سوريا​ وإيران، حيث ترى أن هذا هو أحد أبرز أهداف الزيارات المتكرّرة التي يقوم بها المسؤولون الأميركيون، وتشير إلى أن المواقف التي أطلقها بومبيو على هذا الصعيد واضحة، وتلفت إلى أنّ السياسات المعادية التي تمارسها بلاده لا تحتمل اللبس، وهي لا تصبّ إلا في مصلحة إسرائيل.

وفي حين تشدّد هذه المصادر على أن لا جديد في المواقف الأميركيّة التي كان يتم التعبير عنها بشكل دائم سابقاً، تلفت إلى أن الأساس هو عدم التماهي معها من قبل بعض القوى والشخصيات اللبنانيّة، لا سيّما أنّ الأجواء على الساحة المحليّة لا تصبّ في هذا الاتجاه، خصوصاً بعد تشكيل ​حكومة​ وحدة وطنية تسعى جميع القوى المشاركة فيها إلى التعاون مع بعضها البعض.

في المحصّلة، الأساس بالنسبة إلى المصادر النيابية في قوى الثامن من آذار أن لا جديد في المواقف الأميركيّة، في حين أن التسوية أو المعادلة القائمة على المستوى المحلّي مستمرة، بغضّ النظر عن الضغوط التي تمارسها بعض الجهّات الإقليميّة أو الدوليّة.