لفت عضو "​اللقاء الديمقراطي​" النائب السابق ​بلال عبدالله​ خلال ندوة فكرية لمناسبة الذكرى 42 لاغتيال ​كمال جنبلاط​ في حصروت إلى أنه "عندما تأتي مناسبة 16 من آذار دائما نحن في ​الحزب التقدمي الإشتراكي​ نحاول العودة الى هذا النبع الفكري الأخلاقي الغني بالقيم والوطنية، ودائما نأسف أين أصبح البلد؟ وأين كان كمال جنبلاط؟"، مشيراً إلى أن "لكن هذا لم ولن يردعنا أبدا من المضي بحمل هذه الرسالة مهما تكالبت القوى، ومهما تآمرت كل دوائر الغرف السوداء وان هذه المسيرة الوطنية الكبرى، والتي كانت دائما عمادها الإنفتاح السياسي والإجتماعي والثقافي والفكري على جميع المشارب السياسية والفكرية كافة، ستستمر في حزبنا، وفي ذكرى كمال جنبلاط، من الطبيعي ان نعود الى ذلك الحلم، حلم ​العروبة​ الحرة، حلم الإشتراكية الإنسانية، حلم ​لبنان​ الديموقراطي العربي الحر السيد المستقل، والذي رفض الدخول آنذاك في السجن العربي الكبير. هذا الحلم لا يراود فقط الحزب التقدمي الإشتراكي، وأنا على يقين أن رؤية لبنان حرا عربيا ديموقراطيا بحداثته في نظامه ومؤسساته مهما اختلفت الأشكال، ومهما تباينت الرؤى، فهو حلم كل اللبنانيين".

وأشار إلى انه "في هذه الذكرى نتطلع الى تقوية الجسور وفتح هذا التواصل مع القوى السياسية كافة، التي تحالفنا معها وتنافسنا معها، لأن بناء الوطن وبناء لبنان في ظل هذا الآتون الذي يعيش جنبنا جنوبا مع العدو الإسرائيلي، وشمالا مع حرب كونية ما زالت مستمرة، يفرض علينا جميعا تغليب مصلحة لبنان الوطنية فوق كل المشاريع الخاطئة"، معتبراً أنه "آن الأوان أن نعمل على صياغة رؤية سياسية اقتصادية بالحد الادنى موحدة لإنتشال البلد من المستنقع الذي يتخبط فيه، لأن مأزق النظام ومأزق ​الاقتصاد​ سيؤدي الى نتائج كارثية، لذلك ترون اليوم الرؤساء وقيادات القوى السياسية يعمدون رويدا رويدا الى تقريب وجهات النظر، والى محاولة انعاش الوضع الإقتصادي، ونحن عندما نتحدث عن ذلك في حصروت، هذه البلدة التي كانت وستبقى نموذجا للتقارب والوحدة مهما تباينت الآراء ومهما اختلفت وجهات النظر، حصروت كانت وستبقى عائلة واحدة وبيتا واحدا وصوتا واحدا، ودائما عندما ينتصر صوت العقل تبقى التناقضات ثانوية، ونحن أردنا في هذه المناسبة أن نكون في حصروت لنقول لأهالي حصروت كافة، أنه كما كنا معكم، سنبقى معكم يدا بيد".

وأضاف عبدالله: "عندما نتذكر كمال جنبلاط، نتذكر مشروعه السياسي، برنامج ​الحركة الوطنية​ الإصلاحي، وقد يظن البعض ان هذا البرنامج طوته السنوات والإنقسامات ​الطائف​ية والمذهبية والإجتياحات الإسرائيلية، وطوته الوصايات المتنوعة التي مرت على هذا البلد، لكن لا بد من التأكيد دون ان نخطو خطوة في المجهول، هذا النظام ولا أقصد أحدا، ونحن جزء من هذا النظام في اطار ​المحاصصة​ الطائفية للأسف، ولكن هذا النظام الطائفي لن تقوم له قيامة اذا استمررنا على هذا النهج، نحن امام اي تعيين أو أي استحقاق او اي خطة، عندنا استعداد للانقسام في الشارع، طائفيا ومذهبيا ومناطقيا، هكذا نظام لا يدوم ولا يبني مواطنية وانتماء وطنيا، نحن مضطرون اليوم ان نحمي هذا الطائف لحين وضوح الرؤية الاقليمية وما ستؤول اليه الأوضاع في المنطقة، ولكن هذا لن يلغي في يوم من الأيام طموحنا لبناء ​الدولة المدنية​، وان نحقق برنامج كمال جنبلاط الإصلاح والتغيير، دولة الحداثة ودولة اللاطائفية، دولة الإنتماء الوطني، فعندها وهذا لا يتعارض لا مع الأديان ولا مع ​الطوائف​ ولا مع الخصوصيات، التي يجب ان تستمر المؤسسات، ولكن لا يمكننا ان نواكب العصر والحداثة الا بنظام لا طائفي، لأن هذا النظام وانتم تسمعون اليوم هذا الكم الهائل من محاربي ​الفساد​، كلنا نحارب الفساد، هذا الفساد هو وليدة هذا النظام، ومن صلب هذا النظام الطائفي، وأعتقد ان ​رئيس الجمهورية​ ورئيسي ​مجلس النواب​ والوزراء يحاولون جاهدين وبصدق معالجة هذا الموضوع".

وتابع: "في هذا الظرف السياسي الدقيق تسمعون ما يجول في المنطقة من مخططات ومؤامرات وإنهاء ما يسمى ​القضية الفلسطينية​ والتسويات المطروحة في ​سوريا​، وللأسف ليس فيها اي دور حقيقي للشعب السوري. فعندما يناقش ​الدستور السوري​ بوجود قوى اقليمية ودولية وغياب كل السوريين، فهذا دليل ان هذه الأزمة ليس قريبة من الحل، لذلك ما تسمعون وما نسمع عن تباين في موضوع معالجة ​النازحين السوريين​، وهذا التباين مرده الى العجلة في تحرير البلد من هذه الأزمة واطلاق عجلته الإقتصادية، فهناك انقسام عمودي في لبنان حول هذه المسألة. لذلك اعود وأقول ان لدينا بيانا وزاريا حدد النقاط ​العريضة​ لهذا الملف، ومن الضروري ان ننتظر زيارة فخامة الرئيس ل​روسيا​، لأنه من خلال ​البيان الوزاري​ كل القوى ارتضت اننا نقف وراء المبادرة الروسية في معالجة هذا الملف، وأنا أكيد أن فخامة الرئيس ذاهب الى سوريا ليس من أجل مناقشة الموضوع النووي الدولي ولا غيره، بل ذاهب لمناقشة أزمة لبنان وأزمة النازحين، فأتمنى ان نخرج من الاعلام اي ملف خلاف، يمكن في ​مجلس الوزراء​ أن نناقش ما نريد ونتخاصم كيفما نريد، لكن خارج المؤسسات آن الأوان أن يظهر لبنان بالحد الأدنى موحدا، لكي نكون في موقف سليم لمفاوضاتنا مع كل الجهات الدولية. اليوم جاءنا وزير الخارجية الأميركي وفي لبنان انقسام، وهو يعرف هذا الانقسام. نحن نستطيع في مثل هذه المحطات تغليب المصلحة الوطنية العليا".

وتطرق عبد الله الى ​الوضع الاقتصادي​، معتبراً "اننا كبرنا هذا الحجم كثيرا، وهذا يتسبب في تكبير حجم الدين، حيث أصبح الدين مئة مليار ​دولار​، فما لا تقوله ​الحكومة​ اليوم علينا نحن ان نتوجه ونصارح ​الشعب اللبناني​ به، فالمطلوب ​سياسة​ تقشف قصوى، لأن 90 بالمئة من ​الموازنة​ تصرف على الرواتب وخدمة الدين و​الكهرباء​، فكل ما تطالب به الناس من خدمات وتوظيفات ومشاريع وشؤون صحية واجتماعية واشغال وغيره هي بنسبة 10 بالمئة، يجب ان تخفض الموازنة، لأنه اذا لم يكن هناك سياسة تقشف حقيقية، فالبلد يتجه نحو الهاوية. لذلك نقول في ذكرى كمال جنبلاط، وفي ظل الظروف الإقتصادية التي نعيشها، وفي ظل هذا الانقسام الإقليمي الدولي حول مصالحهم وليس حول مصالحنا، لذلك لا نريد أن يبقى لبنان كما كان، وكما يريده البعض مسرحا للتناقضات الاقليمية والدولية، كفانا ان نكون ممرا للرسائل، وهذه دعوة موجهة الى كل القوى السياسية في لبنان، لبنان وبنظامه الهش، وبإنقسامه الداخلي والتفرقة الداخلية، واقتصاده المتهاوي لا يتحمل اي خضات جديدة ولا اية رسائل اقليمية في هذا الاتجاه او ذاك، وانا اعلم ان فخامة الرئيس ودولة الرئيس ​الحريري​ يعيان هذا الامر ويعرفان التفاصيل، فأتمنى ان نمارس جميعا، ويمارسان هما كونهما في موقع المسؤولية، على هذا المستوى من عمق الأزمة، لأن مستقبل لبنان على المحك، ونحن وبمناسبة ذكرى كمال جنبلاط العزيزة على قلوب كثير من الوطنيين وليس الاشتراكيين فقط، فقد كانت في تلك الايام الخصومة شريفة، كانت القيم والأخلاق هي التي تحكم العلاقات السياسية، ونحن نعلم ان الكثير من الوطنيين وخصوصا من ​قوى اليسار​ تراهن العودة الى تلك المدرسة، الى تبني امور الناس، فأطمئنهم اننا في ​الحزب التقدمي الاشتراكي​ اضطررنا في مراحل معينة ان نكون ضمن التسويات، ولكن في المرحلة الحالية فنحن ضد التسويات، ولن نسمح لأحد أن يعيق عملنا الوطني وانطلاقتنا الوطنية واهتمامنا بشؤون الناس، فأولويات الناس هي اولوياتنا، ولن نسمح ان تعالج مشاكل الخزينة على حساب الفقراء فقط، فلتوزع نسبيا بين الفقراء والأغنياء".