لا قيمة قانونية لإعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب إعترافه بسيادة إسرائيل على ​الجولان​ السوري المحتل. لن يغيّر رأي البيت الأبيض من الوقائع، لا ديمغرافياً، ولا جغرافياً، ولا سياسياً. فالأرض ستبقى بالنسبة إلى السوريين، والدول العربية والأوروبية هي أرض تحتلّها إسرائيل. يعرف الإسرائيليون ذلك جيّداً، لكنهم يريدون ان يعتاد العالم على تشريع الإحتلال لفرض هوية جديدة على الهضبة السوريّة.

هل يُدرك الإسرائيليون والأميركيون أنهم قدّموا خدمة لـ"محور المقاومة" في الإقليم؟.

اولاً، صوّب إعلان ترامب سهماً مسبقاً على مبادرته المرتقبة بعد الإنتخابات الإسرائيلية، للتسوية بين الإسرائيليين والفلسطينيين، تحت عنوان "صفقة القرن". لأن خطاب الرفض والممانعة سيتوسّع في المنطقة، مقابل تراجع الخطاب الذي يدعو إلى "السلام بين العرب والإسرائيليين".

ثانيا، إستولدت الخطوة الأميركية ردوداً أوروبية رافضة لإعلان ترامب، إلى جانب الصين، وروسيا، ستُعطي الشرعية الدولية لأي فعل مقاوم في الجولان، ولو بطريقة غير مباشرة.

ثالثاً، لقد بات موقف الرئيس السوري بشار الأسد اقوى، داخلياً، وإقليمياً، ودولياَ وفق كل المقاييس التي تنطلق من عدائه لإسرائيل.

رابعاً، سترتاح إيران من الضغوط السياسية، وخصوصاً الروسية، نتيجة مطالبة تل أبيب بإبعاد الإيرانيين مسافة ٨٠ كيلومترا عن الحدود الجنوبية السورية. الآن سيتعزز النفوذ العسكري لحلفاء إيران في سوريا.

خامساَ، أحرجت الخطوة الأميركية كل السوريين المعارضين المحسوبين على الغرب، الذين راهنوا على التسويات مع تل أبيب وواشنطن. فأتتهم الضربة قاسية حيث لا يتجرأون على قبولها، ولا السكوت عنها.

سادسا، أثبت إعلان ترامب صحة ما ينادي به "محور المقاومة" ألاّ أمان للأميركيين المنحازين دوماً إلى جانب الإسرائيليين في السلم والحرب.

سابعا، احرجت الخطوة الترامبية العواصم العربية الحليفة للولايات المتحدة الأميركية، خصوصاً أنها تأتي في سياق بدأ بالإعتراف الترامبي بالقدس عاصمة لإسرائيل، والآن يأتي الاعتراف بضم الجولان.

عدا عن ذلك، تُقرّ الصحف العبرية أن "مندوبي دول غربية مركزية" يعتبرون ان خطوة ترامب سيكون لها آثاراً جسيمة وهدّامة على الفرص لحل سياسي للنزاع. بل يرون ان ما يجري ليس الاّ هدايا أو جوائز يقدّمها ترامب لصديقه رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو. علما ان من يتعمّق في البحث، يجد في العمق مصالح إقتصادية ترتبط بالثروات الطبيعية الغازية والنفطية في الجولان، والتي دعت الدول الأوروبية الى رفض خطوة ترامب، لمعرفتها بأن لا حصة لها في تلك الثروة التي لا تزال في باطن الأرض السورية في الهضبة وجوارها.

بالمحصلة، صار مفهوم المقاومة أوسع، لا يستطيع أحد في سوريا رفضه، ولذلك اوحت دمشق بفتح كل الخيارات، مع ما يعني ذلك من إعادة النبض لفكرة مقاومة الاحتلال الإسرائيلي عملياً، وسيكون الأمر مؤلماً جداً للإسرائيليين بإضافة جبهة عسكرية جديدة تنضم الى جبهات تحاصرهم، لكن المقاومة الموعودة ستكون مؤلمة لإسرائيل في حال تعاون ابناء الجولان مع جبهات المقاومة خارج الهضبة.