تعمّد الاحتلال الإسرائيلي خرق الهدوء، الذي جرى التوصّل إليه بجهود مصرية، لوقف عدوانه على قطاع غزّة، الذي بدئ شنّه بعد ظهر أمس الأوّل (الإثنين)، وبتنفيذ طائراته عشرات الغارات ضد أهداف متعدّدة في القطاع، بينها في مناطق مأهولة ومكتظة بالسكان.

فيما ردّت ​المقاومة​ بإطلاق عشرات الصواريخ، التي أُطلِقَتْ باتجاه المستوطنات الإسرائيلية في غلاف غزّة، وصولاً إلى شمال مدينة ​تل أبيب​.

ومع استمرار الجهود لمنع التصعيد، تشخص الأنظار إلى المسيرة المليونية الكبرى، التي ستنطلق على الحدود الجنوبية لقطاع غزّة، يوم السبت في 30 آذار الجاري، إحياءً لمرور عام على "مسيرات العودة وكسر الحصار"، وكيف ستكون عليه، مع خشية الاحتلال من تحطيم المتظاهرين للأسلاك الشائكة والحواجز.

وهذا ما يفسّر دفع قوّات الاحتلال بتعزيزات إلى محيط غزّة، بما في ذلك قوّات الاحتياط وقيادة لواء مشاة وكتيبة مدفعية.

هذا التطوّر يسبق إجراء ​الانتخابات​ العامة لـ"الكنيست" في 9 نيسان المقبل، مع مواصلة رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو حصد جوائز الترضية الأميركية بدءاً من اعتراف الرئيس الأميركي ​دونالد ترامب​ ب​القدس​ الموحّدة عاصمة للكيان الإسرائيلي، وليس آخرها الاعتراف بضمّها ​الجولان​ السوري المحتل.

وذُكِرَ أنّ قوّات الاحتلال أرسلت إلى حركة "حماس" - عبر الجانب المصري - رسالة تهديد بشن "حرب واسعة على قطاع غزّة في حال استمرار إطلاق الصواريخ والتظاهرات على الحدود".

فقد عاش أكثر من مليوني فلسطيني في قطاع غزّة، أجواء الخوف والحذر من الغارات الإسرائيلية، التي شملت مناطق عدّة في القطاع، فدمّرت مبان سكنية، بينها مكتب رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" الدكتور ​إسماعيل هنية​، في حيّ النصر في غزّة ومقر "الجمعية الفلسطينية للتنمية والإعمار" (بادر).

وقد أمضى العديد من العائلات الفلسطينية ليلتهم في العراء، في ظل ظروف صعبة وطقس بارد، في حين أُعلِنَ عن إصابة مواطنين بجراح.

فيما أطلق الاحتلال صفّارات الإنذار، تحذيراً للمستوطنين الذين نزلوا إلى الملاجئ، مع سقوط الصواريخ.

إلى ذلك، تواصلت في مخيّمي العودة بخانيونس - جنوب القطاع، والبريج وسطه، فعاليات الإرباك الليلي، حيث أشعل المتظاهرون الإطارات المطاطية، على الرغم من إطلاق جنود الاحتلال النار باتجاههم.

وتمكّن شبان من اجتياز السياج الفاصل، شرق مخيّم البريج، وإحراق دشمة عسكرية، قبل عودتهم بسلام.

من جهته، قرّر المجلس الأمني الإسرائيلي المصغّر "الكابينيت"، الدفع بتعزيزات إضافية إلى الحدود مع قطاع غزّة، وذلك في جلسة تقييم الوضع، التي عقدها برئاسة رئيس حكومة الاحتلال ووزير جيشه نتنياهو، إثر اجتماعه برئيس أركان الجيش أفيف كوخافي.

وتقرّر:

- استدعاء المزيد من قوّات المشاة الإضافية وكتيبة المدفعية إلى حدود غزّة.

- تجنيد قوّات احتياط إضافية.

- منع الإجازات في صفوف تلك الكتائب.

هذا في وقت بدأ فيه جيش الاحتلال منذ ليل أمس، العمل على تخفيف الإجراءات التي اتخذها في مستوطنات غلاف غزّة، بإزالة الحواجز التي وضعها قرب المناطق المحاذية للقطاع، كما عادت خطوط السكك الحديدة للعمل كالمعتاد.

من جهتها، ذكرت صحيفة "معاريف" العبرية أمس (الثلاثاء) أنّ "المشكلة الوحيدة أنّ نتنياهو لا يقول الحقيقة للجمهور الإسرائيلي كالعادة، وبالذات لا يقول الحقيقة لسكان مستوطنات غلاف غزّة وشمال مدينة تل أبيب بأنّهم اللحم الحي للعبة، وأنّ عليهم أنْ يصمدوا، حيث يجهد لضبط نفسه، والغياب عن المواجهة والاختباء، لكن لا تستهتروا بموقفه هذا، لأنّه صاحب استراتيجية واضحة، شعارها "إنّ غزّة ليست العدو، وإنّما ​رام الله​ و​بيت لحم​ والخليل هي العدو"، وإنّه جاهز للتنازل عن قطاع غزّة من أجل تحقيق أطماعه في ​الضفة الغربية​".

واعتبرت الصحيفة أنّ "قصة غزّة الآن واضحة، لأنّ نتنياهو وحكومته يريدون الحفاظ على حكم "حماس" في غزّة بكل ثمن، وهم يرون أنّ السلطة الفلسطينية هي العدو الاستراتيجي، وأنّ "حماس" هي كنز بالنسبة لهم".

في غضون ذلك، أخطرت قوّات الاحتلال فجر أمس (الثلاثاء)، عائلة الشهيد عمر أمين أبو ليلى (19 عاماً) في بلدته الزاوية - غرب سلفيت بهدم المنزل، وأمهلت العائلة حتى 31 الجاري للاستئناف على قرار الهدم.

وسلّمت قوّات الاحتلال الإخطار بعد اقتحامها البلدة فجراً، حيث اعتدت على صور الشهيد عمر، الذي ما زالت تخطف جثمانه بعد استشهاده مساء الثلاثاء (19 الجاري) في عملية مواجهة بطولية مع قوّات الاحتلال، خلال تحصّنه في منزله بقرية عبوين - شمالي غرب رام الله، بعد رفضه الاستسلام، وإصابة أحد الجنود المهاجمين بالسلاح، الذي كان قد استولى عليه من جندي إسرائيلي، طعنه بسكين فقتله خلال تنفيذ عملية "أرئيل" - شمال سلفيت في الضفة الغربية، يوم الأحد (17 الجاري)، وقتل بالسلاح الذي استولى عليه حاخاماً إسرائيلياً وجرح آخرين، وتمكّن من التواري.