رأى عضو مجلس حكماء المسلمين العلامة السيد علي الأمين في كلمة له في "المؤتمر الديني الدولي: ​الإسلام​ رسالة الرحمة والسلام"، في ​موسكو​، أن "من أهم غايات ومقاصد الرسالات السماوية التي حملها الرسل والأنبياء إلى البشر من الله الخالق هو إقامة العلاقات في المجتمع البشري على أسس وقواعد من الأخلاق الحميدة التي ترسخ عرى التواصل والترابط بين أعضائه، والتي تقربهم من بعضهم البعض وتبعدهم عن الصراعات والنزاعات".

ولفت الأمين الى أنه "قد جاء في رسالة الإسلام التأكيد على ترسيم نهج أخلاقي في العلاقات بين البشر أفرادا وجماعات وشعوبا ومجتمعات، ويمثل هذا النهج في تعاليمه الجانب العملي للاعتقاد بالإسلام، فلا يصح الإنتساب إليه بالقلب فقط، أو بالإقتصار على بعض العبادات والأقوال دون الإنعكاس لذلك الإعتقاد على العمل والسلوك، لأن حقيقة الإيمان في منظار الدين هي ذات بعدين متلازمين: أحدهما يتحقق بعلاقة الإنسان بربه، والآخر في علاقته بغيره. ولا تؤتي تلك الحقيقة الإيمانية ثمارها بمعزل عن العمل المجسد لها في التصرفات والممارسات. وقد جاء في النص الديني أن "الإيمان ما وقر في القلب وصدقه العمل".

وأشار الى ان "هذا المعنى للايمان العملي هو ما فهمه ​المسلمون​ الأوائل عندما ذهبوا إلى ملك الحبشة النصراني فرارا من اضطهاد قومهم بطلب من الرسول عليه ​الصلاة​ والسلام الذي قال لهم: "إذهبوا إلى الحبشة فإن فيها ملكا عادلا لا يظلم عنده الناس". وجاء في كلمة جعفر بن أبي طالب عنه أمام الملك عندما سأله عن سبب إيمانهم وفراراهم من قومهم: "...أيها الملك...إنا كنا قوما أهل جاهلية جهلاء، نعبد الاصنام، ونأكل الميتة، ونسئ الجوار، ونقطع الأرحام، ونأتي الفواحش، ويأكل القوي منا الضعيف، فكنا على ذلك حتى بعث الله إلينا رسولا منا، نعرف نسبه وصدقه، وأمانته وعفافه، فدعانا لنوحد الله ونعبده، ونخلع ما كنا نعبد نحن وآباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان، وأمرنا بصدق الحديث، وأداء الأمانة، وصلة الرحم، وحسن الجوار، والكف عن المحارم والدماء، ونهانا عن الفواحش، وقول الزور، وأكل مال اليتيم، وقذف المحصنات، وأمرنا أن نعبد الله لا نشرك به شيئا، وأمرنا بالصلاة والزكاة و​الصيام​، فصدقناه وآمنا به..."، فهذه هي القيم والمبادئ التي تصنع المجتمع المتراحم والمتماسك، وليست من الإيمان التجريدي البعيد عن مقام العمل والتطبيق".

واكد أنه "اعتمد الإسلام في ذلك على منظومة من القيم والمبادئ التي تزرع الوئام والإحترام بين الناس، والتي تهيء المناخ لسلامة البعد الإنساني في العلاقات التي يجب أن تقوم بين الأفراد والجماعات والشعوب والمجتمعات، وقد خاطبهم الله تعالى بالقول بأنكم متساوون في الخلق، فلا امتياز ولا تفاضل إلا بالعمل الصالح، كما جاء في القرآن الكريم: "يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباوقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم" وهو خطاب من الله لكل الناس على اختلاف أعراقهم وأديانهم، وهذا ما جاء في بعض نصوص الحديث: "الخلق كلهم عيال الله، وأحبهم إليه أنفعهم لخلقه" وفي بعضها أيضا: "أفضل المؤمنين إيمانا، أحاسنهم أخلاقا، الموطئون أكنافا، الذين يألفون ويؤلفون"، ثم قال: "لا يبلغ عبد حقيقة الإيمان حتى يحب للناس ما يحب لنفسه، وحتى يأمن جاره بوائقه والمهاجر من هجر السوء. والذي نفسي بيده لا يدخل الجنة عبد لا يأمن جاره بوائقه والمسلم من سلم الناس من يده ولسانه، والمؤمن من ائتمنه الناس على أموالهم وأنفسهم".