أوضحت مصادر مواكبة لزيارة روسيا والمواقف الصادرة خلالها، انّ موقف ​رئيس الجمهورية​ العماد ​ميشال عون​ لا يعكس تحوّلاً في الموقف اللبناني، ولا هو ممهد لانعطافة لبنانية في التموضع بين ​الولايات المتحدة​ وروسيا. إذ انّ لبنان لا يمتلك القدرة على هذا التموضع، حتى ولو اراد ذلك. وسبق لرئيس الجمهورية ان حدّد موقع لبنان خلال حديثه مع الاعلام الروسي، حيث قال، إن "للبنان وضعاً خاصاً ودقيقاً جداً، فهو مطوَّق، ويقع ضمن مثلث متساوي الأضلاع بين روسيا و​أميركا​ والصين، فيما لا تزال ال​سياسة​ العامة في ​الشرق الأوسط​ غير واضحة المعالم.. ووضع لبنان لا يسمح له بالاختيار، فهو لن يدخل في حروب مع أي من الفرقاء، بل يسعى للتفتيش عن صداقات الجميع".

ولفتت المصادر في حديث لـ"الجمهورية"، الى ان "هناك من يتعمّد تكبير حجر الزيارة سلباً، ويعتمد نمطاً تشويشياً على الزيارة"، موضحة انه "صحيح انّ هناك اوجه تقارب لبنانية روسية متعددة، ومنها ​ملف النازحين السوريين​، حيث يتمسّك لبنان بالمبادرة الروسية لاعادتهم، ليس لكونها المبادرة الدولية الوحيدة المطروحة حالياً فحسب، وإنما لكونها تشكّل مدخلاً حقيقياً لتجنيب لبنان مخاطر وجودية. وايضاً في ملف الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، التي تقدّم موسكو نفسها فيه من موقع الممتلك لمقوّمات عديدة للقيام بدور "الوسيط النزيه"، خلافاً للدور الاميركي المنحاز لاسرائيل. الا انّ واقع الحال، هو ان ليس بين سطور ​السياسة​ اللبنانية بشكل عام اي احتمالات حتى للتفكير بتموضع لبناني بين الروس والاميركيين".

وأضافت "ان لبنان في الاساس، يدرك حجم التداعيات الكبير لهذه المسألة. ليس فقط على المستوى الاميركي، بل قبل ذلك على المستوى الداخلي، إذ انّ هذا الامر خلافي في الداخل اللبناني، في ظل الانقسام السياسي التقليدي بين محور "حليف" لأميركا، ومحور آخر معادٍ لها. ويدرك قبل كل ذلك، حجم الولايات المتحدة وقوتها ومداها على امتداد العالم، ما يعني انها الممسكة بالكثير من "أوراق اللعبة" في المنطقة ومن ضمنها لبنان، تجعل اي اندفاعة في اتجاه المجهول ضرباً من الجنون".

ماذا بعد؟

في اعتقاد المصادر السياسية، انّ طبقة كثيفة من ​الضباب​ تلفّ مصير المنطقة. وثمة حديث متزايد في اروقة الدول الكبرى عن تحولات ستشهدها، وباتت وشيكة، وما يُخشى منه ان تلفح لبنان رياح سلبية. فتهديدات بومبيو لا ينبغي اعتبارها كلاماً عابراً، وقرار ترامب بشأن ​الجولان​، لا يعني ​سوريا​ فقط، بل يعني لبنان بالدرجة الأولى، بالنظر إلى تداعياته المباشرة على قضية ​مزارع شبعا​ وتلال ​كفرشوبا​ المحتلة، والتي تقع الآن تحت احتمال اعلانها تحت السيادة الاسرائيلية. وهنا يكمن الخطر الكبير.