ككرة ​الثلج​ كبرَ لدى القضاء ال​لبنان​ي ملفّ الشهادات الجامعية المزورة التي تباع إما من قبل أصحاب جامعات خاصة، وإما عبر موظفين في هذه ​الجامعات​، وأحياناً عبر شبكات تقوم بتزوير أختام وتواقيع، كل ذلك بالتواطؤ مع موظفين كبار في ​وزارة التربية​ و​التعليم العالي​. تدحرج الملف على رؤوس كبار، فوصلت حصيلته حتى نهاية الأسبوع الماضي الى ما يزيد عن خمسين موقوفاً والحبل عالجرار، أبرزهم مدير عام التعليم العالي في وزارة التربية وأصحاب جامعات ومعاهد مهنيّة، إضافة الى سماسرة وموظفين رسميين وعسكريين. فكيف كانت البداية ومع من؟ ولماذا فتحت مديريّة المخابرات في ​الجيش اللبناني​ الملفّ وبدأت ​توقيفات​ها ولم تدخل على خط تحقيقاته مديريّة ​الأمن العام​؟.

في الرواية الأمنيّة، فمن كشف الخيوط الأولى من الملف المذكور هو أحد المطلوبين الى العدالة بتهم إرهابية، وهو ليس مطلوباً فقط في لبنان بل من قبل السلطات السوريّة. كيف؟.

تروي المصادر الأمنية أنه ومنذ أشهر بدأت ​مديرية المخابرات​ البحث عن مطلوب بتهم إرهابية ورد إسمه على لوائح إسميّة مقدمة من السلطات السوريّة الى لبنان. خلال تقصّيها عن الموضوع، تبين للمديريّة أنّ المطلوب المذكور تابع دراسته في إحدى الجامعات البيروتيّة، وبعد إرسال محقّقين لديها الى الجامعة المشكوك بأمرها، بدا واضحًا أن صحّة المعلومات عن المطلوب بجرائم إرهابية هي حقيقة، وبعد التوسع في التحقيق، تأكدت المديريّة أن المطلوب إيّاه قد حصل على شهادة مزورة ومن دون أن يحصّل دراسته في الإختصاص الذي يحمله. فضيحة دفعت ب​مخابرات الجيش​ الى التحقيق سرياً بملف الجامعة وتحديداً بملفات العسكريين والرتباء الذين يحملون شهادة جامعية صادرة عنها. هنا تكمن خطورة الملفّ، إذ أنّ التحقيقات العسكريّة أثمرت توقيفات داخل مؤسسة الجيش اللبناني، ومن بين الموقوفين رتباء قدّموا الى ​القيادة​ شهادات جامعيّة بهدف الحصول على ترقية. الأفظع هو ما كشفته التحقيقات عن هؤلاء الرتباء الذين أنهوا دراساتهم لم يطلبوا يوماً من ​قيادة الجيش​ إذناً لحضور حصة تعليميّة في الجامعة، وهذا ما دفع بالقيادة الى توقيفهم والتحقيق معهم ليتبيّن أنهم إشتروا شهادات من الجامعة بهدف الترقية. من هنا كانت البداية، ومن هنا فتح الملف الأخطر في تاريخ التعليم في لبنان. ملفّ لو لم يكشف النقاب عنه، لكانت الأوضاع قد إنزلقت الى مزيد من الإرتكابات التي تضر بسمعة القطاع التربوي في لبنان، والتي تدفع الشركات العربيّة والأجنبيّة الى التخلّي عن عدد كبير من الموظّفين المخرّجين من الجامعات المتورّطة، وقد أصبح عددها أربعة. ملفّ لا يمرّ يوم من دون توقيفات جديدة فيه ومن دون فضائح جديدة، وأبرزها حتى اللحظة المعلومات التي تتحدّث عن شخصيات معروفة سياسيّة وإعلاميّة تحمل شهادات مزوّرة إشترتها من هذه الجامعات، وتسمح لنفسها بإلقاء المحاضرات اليوميّة عن مكافحة الفساد!.