صحيح أن ​لبنان​ يتميّز "بنضارة اخضراره" وبثروته الحرجيّة إلا أن هذه الثروة تضحملّ شيئاً فشيئاً، نظراً لتقليص المساحة الخضراء التي تحل بدلا عنها الأبنية العمرانية والمجمعات السكنية، ومؤخراً المجمعات الصناعية التي كادت أن تقضي على أكبر منطقة صنّفت "محميّة" في منطقة المتين المتنية، يضم "حرش الضيعة" القائم على العقارين 3954 و3955.

في أحد المرّات إستفاق أهالي البلدة على خبر أن ثلاثة مناطق صناعيّة الأولى في ​بعلبك​، الثانية في ​البقاع​ والثالثة في المتين ستُقام بهبة من الدولة الهولنديّة. هنا تشير مصادر مطلعة عبر "​النشرة​" الى أنّ "هذا المشروع كانت تعمل عليه بلديّة المتين وبحسب المعلومات فإن الهدف كان إعطاء تراخيص للمعامل لايجاد فرص عمل للناس، مع العلم أنّ في المكان منطقة صناعيّة مساحتها 560 ألف متر مربع مستثمر فيها 20 ألف متر مربع فقط لا غير.

"حرش الضيعة" محميّة

تشرح المصادر عبر "النشرة" أنّ "مجموعة من أبناء البلدة أرسلت كتاباً الى وزارة ​البيئة​ في العام الماضي أُرفقت بدراسة قانونيّة تظهر أنه لا يمكن إنشاء منطقة صناعيّة في الحرش لأن هذا الأمر مخالف لقانون المحميّات"، لافتةً الى أن "وزير البيئة آنذاك ​طارق الخطيب​ حول الكتاب الى هيئة التشريع والاستشارات ب​وزارة العدل​، والتي بدورها حكمت أيضاً أن لا إمكانيّة لقيام منطقة صناعيّة، وبعد كلّ هذا المسار أعلنت ​وزارة الزراعة​ وبتاريخ 08/06/2018 بقرار يحمل رقم 456 "حرش الضيعة" في المتين محميّة طبيعية، خصوصاً وأنه يحتوي على أشجار "اللزاب" النادرة جدًّا و"الغار" و"الصنوبر" و"الملول" و"السنديان" و"العفص" و"الشوح" التي تشكّل مسكنا للعديد من الحيوانات و​الطيور المهاجرة​ وتعتبر ثروة بيئيّة علميّة ونباتيّة اضافة الى انها مورد ثقافي وجمالي وسياحي لا مثيل له".

أشجار نادرة

تلفت المصادر الى أن "دراسة بيئيّة أجريت في شهر كانون الأول الماضي أظهرت وجود نباتات نادرة مثلLiken ، والتي لا تتواجد إلاّ في المنطقة الخالية من التلوّث"، مشيرة الى أن "الدراسة أظهرت أيضاً أنه وفي حال تمّ المسّ بالنباتات فإنّ المناخ سيتغيّر كثيراً".

كذلك قامت الأخصائيّة في علم الجيولوجيا المائيّة كريستال أبي عقل بالكشف على المحميّة وأجرت دراسة على كلّ الآبار لتحدد مستوى ​المياه​ ونوعيتها، والهدف تحديد أهمية هذه المنطقة على الطبقة الجوفيّة، أشارت الى أنّه إذا حصل أي شيء في المحميّة سيكون تأثيره كبيرا على الميّاه الجوفيّة في المنطقة وفي المناطق المجاورة"، مضيفة: "تبيّن بعد الكشف الذي أجري أنه وفي حال تلوّثت الآبار الجوفية في المحمية فإن كلّ المنطقة ستصاب بالتلوّث".

بعد هذا كلّه تعود المصادر لتلفت الى أن "البلديّة طعنت بالقرار الصادر عن وزارة الزراعة والذي نشر في ​الجريدة​ الرسميّة، ولكن تم ردّ الطعن معللاً بأنّ من واجبات البلديّة المحافظة على المحميّة، فعادت وتقدمت بطعن أمام ​مجلس شورى الدولة​ بالموضوع ولم يصدر الحكم فيه بعد".

مشروع لم يتخطّ الدراسة!

"النشرة" إتّصلت برئيس بلديّة المتين زهير بو نادر الذي شرح أن "مساحة "حرش الضيعة" تبلغ حوالي 540 ألف متر مربع، وفي العام 2010 صدر قرار عن ​التنظيم المدني​ قسّم المنطقة قسمين ZONE F منطقة مصنفة مزارع وصناعات متوسطة وخفيفة، وzone F1 وهي منطقة سكنيّة وتسمح فيها الصناعات الخفيفة"، مشيرا الى أنّ "بعض سكّان البلدة اعترضوا على عدم وجود عقارات كبيرة تسمح لهم بانشاء صناعات، عندها وسعنا منطقة F1 لتشمل جزءاً من "حرش الضيعة" بعد موافقة التنظيم المدني".

زهير بو نادر اعتبر أن "المساحة المسموح العمل عليها من حرش الضيعة لا تتعدى الثمانين ألف متر مربع"، لافتا في نفس الوقت الى أن "الهجمة الحاليّة بعد الحديث عن المشروع الهولندي غير مبرّرة لأنّ موضوع الهولندي لم يتخطَّ الدراسة".

إذاً، وبعد تصنيف "حرش الضيعة" في المتين محميّة طبيعيّة، يبقى على البلدية وعلى كل أهالي البلدة المحافظة عليها لأنّ من شأن تحويلها الى منطقة صناعيّة أن يغيّر في معالم المنطقة!.