لم يعد الوضع السياسي في الحكومة الحالية كما كان عليه في الحكومة السابقة، خصوصاً لناحية التعاطي مع الملفّات الكبرى وعلى رأسها خطة ​الكهرباء​. الّتي تم تعديلها من قبل وزيرة الطاقة والمياه ​ندى بستاني​، والمقاربة إختلفت ولم يعد الأمر محصوراً بإعتماد البواخر فقط كحلٍّ موقت، على رغم كل ذلك هناك أمر وحيد لم يتغيّر ألا وهو إنتقاد ​القوات اللبنانية​ المستمر لخطّة الكهرباء ولآداء وزراء ​التيار الوطني الحر​ في ​وزارة الطاقة والمياه​. في عهد الحكومة السابقة كانت القوات رأس حربة في الهجوم على وزارة الطاقة والوزير سيزار أبي خليل، وكان يساندها بين الحين والآخر وزراء الحزب التقدمي الإشتراكي ووزراء حركة أمل وحتى وزراء حزب الله. اليوم، يمكن القول، أقلّه في العلن، أن ما من فريق من هؤلاء يهاجم الخطة المعدلة والوزيرة بستاني، إلا القوات اللبنانية. وفي هذا السياق، ينقل زوار قصر بعبدا عن رئيس الجمهورية غضبه الشديد من الهجوم الذي قام به رئيس حزب القوات ​سمير جعجع​ وبعض وزرائه منذ أيام على خطّة الكهرباء، علماً أن اللجنة الوزارية المكلّفة بدراستها وإقرارها خلال أسبوع واحد لم تعقد حتى اليوم أكثر من إجتماع واحد لمناقشتها التي يتخطى عدد صفحاتها الـ٣٠٠ صفحة، وذلك بسبب عملية قسطرة القلب التي خضع لها رئيس الحكومة سعد الحريري في الخارج.

"غضب رئيس الجمهورية من مهاجمة القوات ل​خطة الكهرباء​"، تروي أوساط الحريري، "أنه مضاعف لدى رئيس الحكومة، كيف لا وقد وتّر الهجوم القواتي أجواء الحكومة مجتمعةً وأعاد الأمور بين التيار الوطني الحر والقوات الى زمن التراشق والإتهامات والحروب الإلكترونيّة على صفحات التواصل الإجتماعي، وهذا ما يخلّ بالإتفاق السياسي الذي أبرم بين الأفرقاء عند تشكيل حكومة "الى العمل". أوساط الحريري تسأل، "أولاً، كيف تسمح القوات لنفسها بشنّ هذا الهجوم العنيف على خطة الكهرباء ونحن قد إتفقنا على طاولة ​مجلس الوزراء​ وفي الإجتماع الأول والوحيد الذي عقدته اللجنة الوزارية بأن تبقى النقاشات على الطاولة، بعيداً كل البعد عن التداول الإعلامي، وذلك الى حين الإنتهاء من إقرارها والإتفاق على كل التعديلات التقنية التي يقترحها الافرقاء وتوافق عليها اللجنة الوزارية"؟. وتضيف الإوساط، "ما الفائدة من هذا الهجوم السيّاسي الإعلامي الذي إنطلق من معراب، وهل هكذا يتمّ تعديل الخطة إذا كانت تحتاج الى ذلك وتطويرها؟ بالتأكيد لا، لأن الهجوم الإستباقي الذي شنته قيادة القوات يوصلنا فقط الى النتائج التالية :

أولاً-توتير الأجواء الحكومية.

ثانياً-تمسك التيار والوزيرة بستاني أكثر فأكثر بالخطة كما هي ورفض التعديلات عليها.

ثالثاً-العودة الى المربّع الأول في ملف الكهرباء، أي الى زمن العرقلة ووقف المشاريع، وبمعنى آخر الى وضع اللبنانيين أمام أمر من إثنين، إما العتمة وإما الرضوخ الى مافيا المولّدات الخاصة.

رابعاً-تأثير السجال الكهربائي المكهرب على ملفّات أخرى ما يعني إدخال الحكومة في نفق العرقلة والنكايات والتعطيل مقابل تعطيل.

غضب الحريري سيسمعه وزراء القوات في أول إجتماع للجنة الوزاريّة، أما غضب الرئيس عون ممّا قامت به القوّات فمتروك في هذه المرحلة الى وقت آخر، لأن الهدف الأول بالنسبة الى بعبدا هو إقرار الخطة وإلاّ، لكل حادث حديث مع القوّات وغيرها.