اعتبر الخبير الخبير المالي والاقتصادي ​وليد أبو سليمان​ أن التجاذب السياسي هو الذي يحول دون وضع ​الموازنة​ العامة على طاولة ​مجلس الوزراء​ لمناقشتها واقرارها، مع العلم أن ​وزارة المال​ انتهت من اعدادها، لافتا الى أن كل فريق يريد عصر النفقات التنفيعيّة التي تعود للفريق الآخر، ولو أنه متعارف عليه أنه في الأوضاع التي تشبه وضعنا، لا بدّ أن تكون موازنة تقشفيّة ترشيديّة للنفقات تهدف الى تخفيض العجز الذي أصبح مطلباً دولياً أصر عليه المانحون في مؤتمر "سيدر"، حيث طلب من لبنان تخفيض عجزه بنسبة 5% على خمس سنوات أي بمعدل 1% سنوياً ما يعني نحو 560 مليون دولار سنوياً. وذكّر بأن لبنان لم يحترم المهل الدستوريّة التي تقضي بأنْ يصار الى اقرار موازنة 2019 في اواخر 2018.

واستبعد أبو سليمان في حديث لـ"النشرة" ان تلحظ الموازنة ضرائب جديدة قد تطال الفقراء أو الطبقة المتوسّطة، بتأكيد من كل من رئيس الحكومة ووزير المال والنواب، مرجحا اذا ما فرضت اجراءات جديدة أن تطال الطبقة الميسورة، مع العلم أن الضرائب التي فرضت لتمويل سلسلة الرتب والرواتب لم تأتِ بجدواها أو ببحبوحة للخزينة العامة.

ووصف أبو سليمان الوضع الاقتصادي بالصعب، لافتا الى ان معظم المؤشّرات تدل على مدى تأزّم الوضع حيث يطال الركود معظم القطاعات الانتاجيّة والخدماتيّة، وقال: "لكن الماليّة العامة في وضع حرج أكثر من الوضع الاقتصادي بسبب تفاقم الدين العام الذي تخطى الـ85 مليار دولار ومعه خدمة الدين الذي لا نستطيع السيطرة عليه الا من خلال اعادة هيكلة الدين العام".

وتطرّق أبو سليمان لخطّة الكهرباء التي طرحتها وزيرة الطاقة، معتبرا انها خطّة عمليّة، قابلة للتطبيق، والأهمّ من ذلك هو ابداء الوزيرة ليونة وانفتاحاً على مناقشة كل الأفكار والملاحظات، واضاف: "هي لا تتعاطى معها وكأنها مُنزلة غير قابلة للتعديل، مع العلم أنّ كل القوى السياسيّة تنادي بإنشاء المعامل على المدى الطويل، ولا بدّ من الاتفاق على المرحلة الموقّتة لانتاج نحو 1400 ميغاوات شرط ألاّ تزيد التكلفة والعبء على الخزينة العامة".

وردًّا على سؤال عن حديث البنك الدولي مؤخرا عن اصلاحات غير كافية يقوم بها لبنان، وعمّا اذا كان ذلك يهدّد بفقدان مشاريع واموال "سيدر"، قال أبو سليمان: "الأكيد أن المجتمع الدولي والاوروبيين لن ينتظروا اللبنانيين طويلاً، وعلى لبنان أن يقوم بواجباته وأهمها تخفيض العجز في الموازنة العامة، لأنّ المشاريع الواردة عبر "سيدر" قد تعود علينا بنحو مليار أو مليار ونصف المليار دولار سنوياً، الأمر الذي من شأنه أن يحرّك الدورة الاقتصاديّة ويخفّف من تدهور الوضع".