اقام المكتب الاقليمي ل​منظمة العمل الدولية​ في الدول العربية احتفالا في فندق "فينيسا" تحت عنوان "100 عام من الدفع قدما بالعدالة وتعزيز العمل اللائق"، برعاية رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ممثلا بوزير العمل كميل ابو سليمان، الذي اكد في كلمة له "أن هناك عملا كثيرا يجمع وزارة العمل ومنظمة العمل الدولية والجهات المعنية الاخرى، مشددا على ضرورة تعديل قانون العمل وقانون الضمان الاجتماعي وتفعيل قانون ضمان الشيخوخة. وتوقف عند اهمية خلق فرص عمل للبنانيين والاستفادة من "سيدر" لنجاح ذلك، من خلال التنسيق مع الجهات المانحة.

ابو سليمان تطرق ايضا الى "طريقة التعامل مع العاملات الاجنبيات"، كاشفا عن البحث بتعديل "قانون الكفالة" بعد الاستعانة بخبرات بعض المنظمات الدولية. واعتبر ان "منظمة العمل الدولية" نجحت في ترسيخ نفسها كركيزة اساسية من منظومة الامم المتحدة، الفريدة بوصفها منظمةٌ ثلاثية التكوين، بتعزيز الشراكة بين الحكومات وأصحاب العمل والعمال، مشيرا الى ان "هذه الشراكة يجب ان تكون دوماً ايجابيةً وتكافؤيةً وتكاملية، إذ إن الحكومات وجدت لخدمة مواطنيها العمال، واصحاب العمل لا يمكن لهم الاستمرار والتقدم من دون العمال كما ان العمال يخسرون فرصهم ان لم يكن هناك اصحاب عمل يستثمرون".

ابو سليمان اكد ان لبنان هو عضوٌ مؤسسٌ وفعّالٌ في منظمة الأمم المتحدة وملتزمٌ مواثيقها والإعلان العالمي لحقوق الإنسان لذا تجسّد الدولة هذه المبادئ في جميع الحقوق والمجالات من دون استثناء، لافتا الى ان لبنان يفخر بعضويته في منظمة العمل الدولية منذ عام 1948، وهو مصممٌ دائماً على الوفاء بإلتزاماته بموجب أتفاقيات العمل الـ51 التي صدّق عليها إيماناً منه بالقيم السامية التي تقوم عليها المنظمة وحرصاً على حقوق العمال الأساسية التي من دونها لا يمكن الحديث عن التنمية المستدامة.

وعوّل على تعزيز التعاون بين الدولة اللبنانية عبر وزارة العمل ومنظمة العمل الدولية ومكتبها الاقليمي للدول العربية في بيروت خصوصاً في ظل التحديات التي يمر بها لبنان جراء ازمة النزوح السوري التي تلقي بثقلها وارتفاع نسبة البطالة وانخفاض النمو، مثمنا التعاون المثمر بين لبنان ومكتب المنظمة الأقليمي في بيروت عبر البرامج القائمة ومن بينها: البرنامج الوطني للعمل اللائق(2017-2020)، مسح الأوضاع المعيشية للقوى العاملة والأسر في لبنان لعام 2017، مشروع الهجرة العادلة الإقليمي في الشرق الأوسط، مشروع القضاء على أسوأ أشكال عمل الأطفال.

المنسق المقيم للامم المتحدة ومنسق الشؤون الانسانية في لبنان فيليب لازاريني، اعتبر ان العمالة المنتجة والعمل اللائق عنصران رئيسيان لتحقيق عولمة عادلة والقضاء على الفقر، مشيرا الى ان تامين العمل اللائق عنصر أساسي في خطة التنمية المستدامة لعام 2030، وموضحا ان الهدف رقم 8 من الخطة يدعو إلى تعزيز النمو الاقتصادي وإلى العمالة الكاملة والمنتجة والعمل اللائق. ولفت الى ان هذا لن يكون سهلا في عدد من البلدان كلبنان الذي يمر بضغط غير مسبوق على الاقتصاد وركود بسبب الازمة السورية، ما يصعب على الحكومة المثقلة بالديون الخروج من هذا الوضع.

لازاريني سلط الضوء على بعض الفئات التي يجب ان تنال اهتماما خاصا في لبنان، ابرزها الشباب اللبناني الذي يواجه تحديا كبيرا بسبب عدم توفر فرص العمل وارتفاع معدلات البطالة ما يفسر رغبتهم في الهجرة. كما علق على الفجوة بين الجنسين في سوق العمل والتي تعد من بين أكبر الفجوات في العالم حيث يوجد ثلث النساء فقط في سن العمل في سوق العمل ، مقارنة بمتوسط عالمي يبلغ 50%.

كذلك تطرق لازاريني الى مسالة عاملات المنازل ونظام الكفالة الحالي، موضحا ان هذا النطام يعمل اليوم على إنشاء علاقة سلطة غير متكافئة بين أرباب العمل والعمال المهاجرين ما يجعلهم عرضة للسخرة.

وركز على ملف "مكتومي القيد" لان هؤلاء الاشخاص يقضون حياتهم تحت الرادار من دون الحصول على ادنى حقوقهم من تعليم وعمل لائق ومزايا اجتماعية اخرى، مضيفا: "وفقًا للقانون اللبناني، لا يمكن نقل الجنسية إلا عن طريق الأب. ولكن أيضًا ، إذا فشل الأب في تسجيل طفله في غضون عام يصبح الاخير غير موجود قانونيًا في الدولة. لذا من المهم مراجعة الإطار القانوني لمعالجة محنة نحو 30000 شخص من أصل لبناني يعيشون في لبنان من دون هوية لبنانية".

لازاريني توقف عند مشاريع "CEDRE" والالتزامات التي يمكنها ان تعزز الاندماج الاقتصادي، موضحا ان تأثير هذه المشاريع محدود على الفقر وعدم المساواة إذا لم تكن مصحوبة بتدابير تعالج نقاط الضعف في سوق العمل وتشمل الفئات الضعيفة والمهمشة. وختم بالاشارة الى اهمية وضع سياسات عمل لتعزيز ظروف العمل اللائق ودعم توظيف الرجال والنساء في المجتمعات الضعيفة وتحسين نظم الحماية الاجتماعية لضمان الاندماج الاجتماعي والاقتصادي والنمو المستدام.

رئيس الاتحاد العمالي العام ​بشارة الاسمر​، اعتبر بدوره ان هذه المنظمة هي الوحيدة من وكالات الأمم المتحدة التي تضم ممثلي العمال وأصحاب العمل جنباً الى جنب مع الحكومات في تمثيلها واتخاذ قراراتها، مشيرا الى انه رغم التحديات الكبرى التي ألقيت على عاتقها الا انه صدر عنها المئات من الاتفاقيات والتوصيات والدراسات القيّمة وأنشأت لها مكاتب إقليمية فاعلة، ومنها المكتب الإقليمي للدول العربية في بيروت عام 1976 الذي أعيد افتتاحه بعد نهاية الحرب عام 1995.

وركز على نقاط أساسية ثلاثة يعتبرها من أبرز المهمات المطروحة في لبنان للعمل على إنجازها، وهي: العمل من أجل إعادة الاعتبار للعقد الاجتماعي الذي يشمل الحقوق الإنسانية في الوصول إلى التعليم والحصول على العمل اللائق والرعاية الصحية والاجتماعية وضمان الشيخوخة والسكن والنقل والبيئة النظيفة وسوى ذلك من أساسيات الحياة. وكذلك توفير الحماية الاجتماعية الشاملة من الميلاد إلى الشيخوخة من خلال إرساء أرضية للحماية الاجتماعية توفر مستوى أساسياً من الحماية لكل محتاج خصوصاً في مجالي الصحة والبطالة بما في ذلك إنشاء صندوق للبطالة. كذلك إرساء ضمانة شاملة للعمال بصرف النظر عن ترتيبات تعاقدهم أو وضع استخدامهم وبحقوق أساسية للعمال وأجور معيشية كافية. كما ضمان التمثيل الجماعي للعمال وأصحاب العمل من خلال الحوار الاجتماعي المتكافئ كمصلحة عامة – يجري الترويج لها بما يمكّن العمال من التمتع الكامل بالحرية النقابية والحق بالمفاوضة الجماعية.

وتضمن الحفل عرضا عن ابرز انجازات منظمة العمل الدولية، واختتم بفقرة غنائية للفنانة عبير نعمة.