أول من أمس، كشف وزير المال ​علي حسن خليل​ أن من اقتراحات التخفيض التي اقترحتها الوزارة حسم ٥٠ بالمئة من رواتب السلطات العامة* (الرؤساء والوزراء والنواب الحاليين والسابقين)، الأمر الذي حظي بدعم شعبي لافت لا سيما على ​مواقع التواصل الإجتماعي​، إلا أن اللافت هو الإنقسام بين النواب حول هذا الإقتراح، الذي ظهر على شكل صراع طبقي بين فئتين: الأولى تضم رجال الأعمال الذين سارعوا إلى الدعم، أما الثانية فتضم النواب الذين لا ينتمون إلى الفئة الأولى، حيث ظهرت بعض الأصوات المحذرة من حصر النيابة والوزارة "مستقبلا" بأصحاب رؤوس الأموال والعائلات الميسورة، كما أعلن عضو "​اللقاء الديمقراطي​" النائب ​بلال عبدالله​.

بعض النواب، من مختلف ​الكتل النيابية​، يعتبرون أن هذا الإقتراح يأتي من باب "البروباغندا" الإعلامية في ظل الأوضاع الإقتصادية والإجتماعية، لكن الأساس هو في مكان آخر خصوصاً أن الأرقام التي سيوفرها مثل هذا الإقتراح ليست هي التي تحل المشكلة، لكن هؤلاء يفضلون، حتى الآن، عدم الحديث علانية عن هذا الملف، نظراً إلى أن التداعيات الشعبية لن تكون إيجابية.

في هذا السياق، يجدّد عبدالله في حديث مع "​النشرة​" رفضه تخفيض راتبه ومخصصاته قبل تخفيض رواتب بعض الموظفين، لافتاً إلى أن "هناك أكثر من 500 وظيفة في الدولة يتقاضى العاملون فيها أكثر من الوزراء والنواب وهذا ليس عدلاً"، ومتمنياً ألا يتحول الموضوع في ​مجلس النواب​ إلى صراع طبقي.

بدوره، يرى عضو كتلة "المستقبل" النائب ​عاصم عراجي​، عبر "النشرة"، أن من الأفضل أن يتقدم النواب الميسورون بالتبرع من مخصّصاتهم، نظراً إلى أن هناك نواباً ليس لديهم أي مصدر مالي آخر، ويضيف: "فئة رجال الأعمال في ​المجلس النيابي​ كبيرة، وهي تستطيع أن تقدم على هذه الخطوة"، ويعد بتقديم إقتراح قانون بهذا الصدد.

ويشدّد عراجي على أنه لا يمكن أن يكون البرلمان حكراً على رجال الأعمال، لأن هؤلاء لن يمثلوا مصالح الفقراء في عملهم، ويتوقع أن يؤدي مثل هذا الإقتراح، في حال وصوله إلى المجلس النيابي، إلى إنقسام من نوع آخر تحت قبّته.

من جانبه، يشير النائب عن حزب "الكتائب" ​الياس حنكش​، في حديث لـ"النشرة"، إلى أن رئيس الحزب النائب ​سامي الجميل​ سبق له أن قدم إقتراح قانون يتعلق بإلغاء تعويضات النواب السابقين، على أن يحصل على 75% من الراتب لفترة سنة واحدة فقط تكون مرحلة إنتقاليّة قبل أن يعود إلى الإنخراط في سوق العمل، إلا أنه يلفت إلى أن تخفيض تعويضات النائب الحالي ستكون ضربة قاسية لمن تخلى عن أعماله الخاصة لينخرط في الشأن العام، بغض النظر عن "الشعبويّة" المعتمدة في هذا المجال.

ويؤكّد حنكش أنّ هناك بين النواب من هو قادر على التخلي عن التعويضات الخاصّة به، لكنّه يشدد على أنّه في المقابل هناك من لا يمتلك هذه القدرة.

أما عضو كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب ​الوليد سكرية​، فيلفت في حديث لـ"النشرة"، إلى أن مثل هكذا إقتراح لن يمر في المجلس النيابي، ويضيف: "فليؤمّنوا لنا حياتنا ولا نريد شيئاً آخر"، ويؤكد أن تعويضات النائب لا تكفي حتى نهاية الشهر، فكيف هو الحال في حال تخفيضها 50%.

بالنسبة إلى الدعم الذي حظي به الإقتراح من عدد من النواب، يشير سكريّة إلى أن هؤلاء من أصحاب الأموال الذين لا تهمّهم هذه التعويضات، لأنّ ما يعنيهم هو عدم التعرّض لأموال الشركات والمصارف الّتي لديهم، ويؤكد أنها ليست المرة الأولى التي ينقسم مجلس النواب فيها بين "الفقير" و"الغني"، حيث أن هذا الواقع يتكرر في كل مرة يطرح فيها ملف إجتماعي.

بالنسبة إلى عضو كتلة "التنمية والتحرير" النائب ​قاسم هاشم​، لا يمكن القول أن تعويضات النواب هي أساس العجز في ​الموازنة​، بل أن هناك الكثير من الأبواب التي من الممكن أن تؤدي إلى خفضه، ويدعو النواب المقتدرين إلى المبادرة للتخلي عن تعويضاتهم من تلقاء أنفسهم، خصوصاً أن هناك مجموعة كبيرة ليست بحاجة لها، ويسأل: "هل المطلوب أن تكون السلطات مختصرة على كبار رجال الأعمال والرأسماليين؟.

وفي حين يؤكد النائب هاشم وجود جو كبير رافض لهذا الإقتراح، يشير إلى أن هناك من النواب من تخلى عن مهنته لمتابعة عمله النيابي دون أي تقصير، ويضيف: "أنا منذ العام 2001 لم أعد قادراً على متابعة عملي كطبيب أسنان، علماً أن مردودي المالي حينها كان أضعاف التعويضات التي أحصل عليها اليوم".

في المحصّلة، هذا الإقتراح كان الحدث الأكبر بين النواب، حيث سجلت حالة إعتراض كبيرة من قبل البعض، في حين كان هناك من يعدّ العدة لمواجهته في حال وصوله إلى المجلس النيابي، وسط قناعة بأنّه لن يمر مهما كان الثمن.