أشار المدعي العام المالي ​علي إبراهيم​ إلى أنه "في جعبتنا الكثير من الأمثلة والحالات والأوضاع، التي تظهر أننا في بلد نخره الفساد بجميع أوجهه وفي جميع قطاعاته، دون اي استثناء"، سائلا "هل نحن قادرون على مكافحة هذا الفساد؟ الجواب نعم"، متمنيا من الأجيال القادمة "ان تمحو هذا الوباء الذي يجتاحنا".

وخلال لقاء بعنوان "القضاء ودوره في ​مكافحة الفساد​" في صالون الحاج أبو رضا الثقافي في بلدة الوردانية في اقليم الخروب، تحدث ابراهيم عن "المسؤولية الكبيرة التي يتحملها القاضي، وعن المسيرة التي يبدأها القاضي عندما يتدرج ويصبح قاضيا فعليا"، مشيرا الى انه "يتعرض على اثر ذلك الى ضغوطات يومية من جيرانه وأقاربه ومن السياسيين".

وتناول اختصاص النيابة العامة المالية، فأشار الى "ان اختصاصها شامل على مستوى الجمهورية اللبنانية، وكل الجرائم المتعلقة بهدر واختلاس المال العام والتعدي عليه، وكل ما يتعلق بالجمارك و​وزارة المالية​ والدوائر العقارية والطوابع، وتزوير وترويج العملة والبلديات والشركات والمصارف، والادارات والمؤسسات".

وأوضح "ان هذا العمل الذي يقوم به الشخص بهذا الاطار، هو محمي بالقانون، حيث يتمتع بالحصانة، حيث لا يمكن اي نيابة عامة مالية وغير مالية ان تلاحق أحدا من المخاتير او رؤساء البلديات إلا بإذن، والموظف لا يمكننا ان نلاحقه الا بإذن من وزيره، وفي قضايا الجمارك لا يمكن تحريك دعوى الحق العام إلا بإذن خطي من مدير عام الجمارك، وبالنسبة للمصارف لا يمكن ملاحقة اي مصرف الا بطلب خطي من حاكم مصرف لبنان، وأما النواب والوزراء فهم فوق "الغربال"، لأن لدى النواب نوعا خاصا من الحصانة، وأما بالنسبة للوزراء لا يوجد حصانة، ولكن الجهة التي تريد محاكمة الوزراء والرؤساء غير موجودة، حيث ما زال المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء لم يبصر النور، وأعتقد انه لن يبصر النور".

وأكد إبراهيم أنه "لن يتم ضبضبة او لفلفة اي ملف في النيابة العامة المالية"، مشددا على "أهمية تعاون المؤسسات وكل القطاعات في الدولة بمواجهة اي ملف يتعلق بأوضاعها المالية وغير المالية"، مشيرا الى "ان مكتب ​مكافحة الجرائم​ المالية في ​الشرطة القضائية​ هو اليد اليمنى". وحيا رئيس المكتب وعناصره الذين يقومون بعملهم على أكمل وجه".

وردا على سؤال عن الفساد المستشري في البلاد، أوضح ابراهيم "ان الأساس والحجر الزاوية في هذه المسألة هو البيت من خلال التربية، فكيف تربي تستمر"، داعيا الى "تنشئة جيل وتثقيفه على محاربة الفساد".

وشدد على "أن محاربة الفساد ثقافة"، سائلا "هل يمكن ان يحاسب السياسيون والوزراء والنواب أنفسهم"، معتبرا "أنهم مستفيدون من هذا النظام"، مؤكدا "ان مكافحة الفساد يتطلب تغيير النظام السياسي، عبر اجراء الانتخابات"، ومعتبرا "ان نظامنا الانتخابي الجديد أعادنا خطوات كثيرة الى الوراء، وبشكل ضيق جدا الى المذهبية، وهذا أمر لا يطور نظامنا السياسي ولا يسير الى الامام للاصلاح".

وأوضح أنه "في كل بلدان العالم هناك انظمة ديمقراطية، ومعارضة وموالاة، جهة تحكم وجهة تحاسب، نحن للأسف كلنا نريد ان نكون بالحكم، فمن يحاسب؟ فكل القوى السياسية الموجودة في الحكومة هم انفسهم في المجلس النيابي".

وقال: "لولا ظهري محمي، لا يمكنني أن أفعل شيئا، أنا بال​سياسة​ أسند ظهري على جبال، فأنا معي هذه الثقة الكبيرة التي أولاني اياها رئيس المجلس النيابي ​نبيه بري​، ويساعدني بهذا المجال ​السيد حسن نصر الله​، والدليل ان بري قال الشهر الماضي: ان الوزير الذي لن يحضر الى مكتب المدعي العام المالي القاضي علي ابراهيم سيحاسب، فهذا أمر حملني مسؤولية كبيرة".

وأكد ابراهيم "ان الاعلام يلعب دورا كبيرا في مكافحة الفساد"، لافتا الى "وجود ملفات لدى النيابة العامة المالية مصدرها الاعلام"، مؤكدا "ان جميع الملفات التي تفتح يتحرك فورا القضاء"، مشددا على "أهمية ان يكون الاعلام اعلاما موجها وضابطا ووطنيا يحمي المؤسسات والدولة".