صحيح أنّها ليست المرّة الأولى التي يخوض فيها حزب "الليكود"، ورئيس الوزراء ال​إسرائيل​ي ​بنيامين نتانياهو​ غمار معركة إنتخابيّة، لكنّ الأصحّ أنّ الإنتخابات التي تُخاض مرّة جديدة الثلاثاء 9 نيسان، هي من بين الأصعب والأكثر حدّة. فهل سيخسر نتانياهو السُلطة، أم أنّه سيتمكّن من ضمان أغلبيّة نيابيّة مُؤيّدة له، وذلك لسنوات إضافيّة؟.

بداية، لا بُد من التذكير أنّ الإنتخابات الإسرائيليّة المُرتقبة هي لإختيار أعضاء المجلس التشريعي رقم 21، وهي تجري قبل موعدها الأصلي بنحو 7 أشهر، وسيتمّ خلالها إنتخاب 120 مقعدًا في ​الكنيست​ عن طريق التمثيل النسبي ضُمن لائحة مُغلقة في دائرة إنتخابية واحدة على مُستوى إسرائيل. ويقود حاليًا حزب "الليكود" برئاسة نتانياهو، إئتلافًا حُكوميًا هشًّا جدًا، بإعتبار أنّه مدعوم من قبل أغلبيّة طفيفة جدًا في الكنيست، تبلغ 61 عُضوًا من أصل 120. وبالتالي، إنّ أي تراجع في حجم التمثيل الشعبي للأحزاب التي يتشكّل منها الإئتلاف الحُكومي الحالي، يعني إحتمال خروج "الليكود" ومعه نتانياهو من السُلطة، في حين أنّ فوز "الليكود" ومن معه من حُلفاء في الإئتلاف، بأغلبيّة عدديّة في الإنتخابات، سيمُهّد الطريق لنتانياهو لأن يتجاوز ديفيد بن غوريون كأكثر رئيس وزراء إستمرّ في منصبه القيادي في تاريخ إسرائيل(1).

إشارة إلى أنّ نتانياهو عانى من نكسات ومن صُعوبات عدّة في المرحلة الأخيرة، بسبب مُلاحقته بإتهامات فساد ورشوة وخيانة الأمانة وغيرها، وهو فشل في تمرير مجموعة من القوانين ومنها تجنيد اليهود المُتديّنين، حيث رفضت الأحزاب الدينيّة وبعض الأحزاب الأخرى، ومنها حزب "هناك مُستقبل" بقيادة يائير لبيد، التصويت لصالح القانون، الأمر الذي زاد من هشاشة الإئتلاف الحُكومي بقيادة حزب "الليكود". لكنّ نتانياهو عمل طوال مراحل حملته الإنتخابيّة، على تقديم نفسه للشعب الإسرائيلي بأنّه الشخصيّة الأبرز القادرة على تأمين الحماية للإسرائيليّين من المخاطر الأمنيّة المُتأتية من كلّ من ​إيران​ و"​حزب الله​" وحركة "حماس" وغيرهم، والشخصيّة الأبرز على تأمين حماية سياسيّة دوليّة لإسرائيل. وليس بسرّ أنّ الرئيس الأميركي ​دونالد ترامب​ قدّم دعمًا معنويًا كبيرًا لنتانياهو عشيّة الإنتخابات، بإعلانه الإعتراف بأنّ ​القدس​ عاصمة لإسرائيل، ثم بإعلانه عشيّة الإنتخابات الإعتراف بضمّ إسرائيل ل​هضبة الجولان​ السُوريّة المُحتلّة. كما أنّ الرئيس الروسي ​فلاديمير بوتين​ قدّم خدمة مهمّة لنتانياهو قبل أيام من الإنتخابات، عبر تسليم إسرائيل رفات جندي كان قد فقد في لبنان في العام 1982.

بالنسبة إلى أبرز المُنافسين لنتانياهو شخصيًا ولحزبه عُمومًا، يبرز إسم الرئيس السابق لأركان الجيش الإسرائيلي، بني غانتس، الذي شكّل أخيرًا تحالفًا مع رئيسين سابقين آخرين للأركان، هما موشيه يعلون وغابي أشكينازي، وكذلك مع حزب "يش آتيد" الوسطي، بقيادة "يائير لبيد". ومن ضُمن المنافسين أيضًا حزب "اليمين الجديد" بقيادة كل من نافتالي بينيت وآيليت شاكيد، وهو الحزب الذي يسعى لإستقطاب الناخبين العلمانيّين والمُتديّنين على حدّ سواء. ويُشارك في الإنتخابات أيضًا حزب "العمل" بقيادة آفي غابي، علمًا أنّ نتائج إستطلاعات الرأي غير مُشجّعة لهذا الحزب اليساري الوسطي، وكذلك حزب "زيهوت" بقيادة موشيه فيغلين، علمًا أنّ هذا الحزب يمزج في أفكاره وطروحاته ما بين الخطّ الليبرالي والفكر القومي المُحافظ.

ولأنّ نتانياهو يُعوّل على أنصار اليمين بشكل خاص وكذلك على المُتشدّدين للفوز، بات يعتمد خُطابًا أكثر تطرّفًا من السابق، وهو مثلاً تراجع عن مُوافقته المَشروطة لحلّ الدولتين، حيث صار يعتبر أيّ دولة فلسطينيّة مُستقلّة ومُسلّحة بمثابة خطر على إسرائيل. كما أنّه تعهّد بضمّ المُستوطنات في الضفّة الغربيّة المُحتلّة، وبرفض تفكيك أي مُستوطنة في المُستقبل حتى ولوّ لتطبيق أي خُطّة سلام.

وبحسب نتائج إستطلاعات الرأي التي أجريت أخيرًا في إسرائيل، إنّ فرص اليمين بالفوز بالإنتخابات هي الأعلى، لكن بفارق غير كبير، الأمر الذي يعني-في حال حُصوله، أنّ رئيس حزب "الليكود" بنيامين نتانياهو سيبقى على الأرجح في الحُكم، من ضُمن تحالف سياسي إئتلافي يضمّ الأحزاب اليمينيّة، من أقصى اليمين المُتشدّد إلى يمين الوسط–إذا جاز التعبير، وذلك حتى لوّ فشل "الليكود" في رفع عدد نوّابه في الكنيست، والذي يبلغ 30 حاليًا(2). وفوز نتانياهو مُجدّدًا يعني تمديد الوضع القائم في المنطقة حاليًا، إلى حين موعد إعلان "صفقة القرن" من جانب الإدارة الأميركيّة، وعندها تُصبح كل الإحتمالات واردة!.

(1) تمكّن بنيامين نتنياهو من الفوز برئاسة ثلاث ولايات حُكوميّة منذ العام 2009 حتى اليوم، علمًا أنّه كان ترأس أيضًا حُكومة بلاده بين العامين 1996 و1998.

(2) يأمل بنيامين نتنياهو برفع العدد من 30 حاليًا إلى 40 نائبًا.