وصف رئيس ​حزب القوات اللبنانية​ ​سمير جعجع​، ​الوضع المالي​ والاقتصادي بالخطر، ورأى أن "البلد ينهار"، وأن ​الموازنة​ يجب أن تكون "ثورية ومتقشفة". مشددا على ضرورة الانصراف إلى معالجة الملفات الداخلية، لأنها كثيرة ومتشعبة".

ورأى جعجع في حديث صحافي أن رئيس ​التيار الوطني الحر​، الوزير ​جبران باسيل​، يتصرف على قاعدة أنه يحتكر التمثيل المسيحي، وهو في التعيينات يعمل على حصر التعيينات المسيحية به واستبعاد الآخرين، لكن القوات تتمسك بالآلية، لأنه حان الوقت كي تكون الإدارة مبنية على قواعد الكفاءة، حتى لو كان المعينون حزبيين أو ينتمون إلى أي تيار سياسي، مؤكدا ان ما يحصل حالياً، لا يبدو أنه يسير في هذا الاتجاه وستقف القوات ضده.

جعجع نفى مقولة ان القوات تلعب دور "المهادن" في هذه الأيام، او أنها في موقع المعزول إزاء دور التيار الوطني الحر ورئيس الحكومة سعد الحريري وحزب الله. ويصر على أهمية المشاركة في الحكومة، رغم أن قوى سياسية حاولت طوال خمسة أشهر إبعادنا عن الحكومة، على حد تعبيره، وكانت تفضل لو لم نشارك، لكن مشاركتنا أثبتت أنها فعالة وضرورية، معتبرا ان ما حصل في ملف الكهرباء أكبر دليل على ذلك، ونحن مستمرون في أداء دورنا كاملاً، بدليل أن قوى لا نتفق معها سياسياً كحزب الله تؤيدنا في بنود كثيرة على طاولة مجلس الوزراء، وأشار الى انه يتفق أيضاً مع حزب الله على ضرورة التهدئة الداخلية، لافتا الى ان إذا كان الحزب في ظل هذا الوضع الإقليمي المتوتر، يريد تهدئة الوضع ولا يريد افتعال أي مشكلة ويذهب إلى معالجات ملفات المياه والكهرباء والصحة، فهل نذهب نحن إلى تفجيره ونحن نعلم خطورة الوضع الداخلي؟. وأوضح ان قرارنا التهدئة، رغم أن سقفنا السياسي لم يتغير، وعناويننا السياسية معروفة ولم نبدلها، لكن الخطر الداهم يتعلق بمالية الدولة والوضع الاقتصادي، فالدولة ليست على شفير الانهيار، بل تنهار. والخطر المالي والاقتصادي كبير، ونحن نرى أن لا جدوى من أي تصعيد، إذ يجب إنقاذ ما يجب إنقاذه في ظل الانهيار الحالي. واعتبر جعجع ان الحملة الحالية على حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، ستترك آثاراً، ولو كانت هناك ملاحظات على هندسات مالية، ولكن الاسباب أصغر بكثير مما يُعتقد.

ولفت جعجع الى ان القوات لم تحصر نفسها في ملف الكهرباء، وما حققته القوات من تعديلات، رفضها الفريق الآخر طويلاً، مضيفا ان قبل أشهر من الآن كان الوضع مختلفاً 180 درجة عمّا أُقرّ أخيراً في الخطة، ونحن تمكنا والقوى السياسية التي توافقت معنا على ضرورة تعديل خمس نقاط أساسية، هي عدم التزام أي حلّ موقت، وتحويله حلاً دائماً، موضوع إدارة المناقصات، استملاكات سلعاتا، وتمنى أن يكون التبرير الذي أعطته وزيرة الطاقة صحيحاً، وهي للمناسبة تعمل بجدية ، والهيئة الناظمة لقطاع الكهرباء وتعيين مجلس إدارة، مؤكدا ان كل ذلك ليس أمراً بسيطاً. وكل نقطة من هذه النقاط استلزمت أشهراً عدة للنقاش ومطالبات من جانب القوات من أجل إقرارها، وسنظل نعمل من أجل متابعة تنفيذ هذه الخطة.

وشدّد على ان الموازنة يجب أن تعبّر عن ​سياسة​ التقشف القصوى. معتبرا ان من غير المسموح أن يمرّ عقد بالتراضي ومن ثم يُدفع مليونا دولار للترويج للسياحة في لبنان، في حين أن شركات عدة قادرة على الترويج وفق نظام الرعاية المعتمد في المهرجانات.

جعجع استغرب كيفية تصرّف الوزير باسيل في مسألة العلاقة مع نظام الرئيس السوري بشار الأسد، وسوريا على هذا النحو، وأن يعمل إلى إعادتها إلى الجامعة العربية. معتبرا ان من الممكن أن يزور باسيل دمشق، وكشف أن لا لقاء مرتقباً مع باسيل، ولا مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، لكن قنوات الاتصال مفتوحة. فالوزير السابق ملحم الرياشي زار الرئيس عون، والاتصالات قائمة عبر قنوات مع باسيل، لكن لا أحبّذ اللقاءات الفولكلورية، كذلك فإن المشكلة أن الرئيس عون يحيل المتحدثين معه على باسيل. وانتقد تحرّك باسيل يميناً ويساراً وفي كل الاتجاهات، في ما خص ملف النازحين السوريين، مشيرا الى ان بدلاً من أن يذهب باسيل من دون أي حل عملي، نقترح التواصل مع روسيا من أجل استحداث مناطق آمنة في الجانب السوري الحدودي، برعاية روسيا، من أجل نقل النازحين من لبنان إليها. وهذا الأمر أفضل الممكن في ظل الأوضاع الحالية، لأن لا أحد يمكن أن يتعرض لمناطق برعاية روسية، ويمكن روسيا أن تفرض هذا الأمر على سوريا وإيران من أجل حل هذه الأزمة. وستعرض القوات هذا الاقتراح على طاولة مجلس الوزراء.

واعتبر من جهة أخرى أن لا شيء غير معلن إقليمياً، وما يقوله الأميركيون في اللقاءات يقولونه علناً، فالظاهر هو نفسه المضمر، المنطقة تعيش حالياً في مواجهة أميركية إيرانية حيوية وكبيرة وشاملة، ولا شيء فيها مُخفى. فالأميركيون يريدون من إيران أن تنفذ البنود 12 التي سبق أن تحدثت عنها الإدارة الأميركية. ولفت الى ان لا أهمية كبيرة لتوصيف الحرس الثوري منظمة إرهابية، من باب أن واشنطن تصنف إيران على هذا النحو، وتصنيف الحرس الثوري هو تحصيل الحاصل. معتبرا ان الرد الإيراني ورفع السقف الأميركي من باب "التصعيد الكلامي المتبادل في المرحلة الراهنة"، لأن أي رد عملي لن يكون أمراً سهلاً. خاتماً بالاشارة الى ان احتمالات الحرب والسلم متساوية، وإسرائيل تستفيد من الوضع لتصعّد أيضاً، لكن باب المفاوضات أيضاً مفتوح.