إنه زمن "الديجيتال" أي العصر الرقمي، والكتابة صارت بالأرقام لأن الكلمات لم تعد تكفي، وحروف الأبجدية باتت بحاجة إلى "جداول الضرب والجمع والطرح والقسمة".

خطة ​الكهرباء​ جعلت ال​لبنان​ي يفكِّر رقميًا:

الكهرباء ستتوفر 24 ساعة على 24 ساعة سنة 2024.

هكذا يتم حفظ التاريخ جيدًا، وكما يقول المثل "مَن يعش يرَ"، فإنه بالإمكان القول: "مَن يعش يشهد على الكهرباء التي لا تنقطع".

ولكن مهلًا، لا تفرحوا، لقد كان عندنا كهرباء 24 على 24 في بداية الحرب، أي عام 1975، وما سنفعله عام 2024 أننا سنعود خمسين عامًا الى الوراء، فنكون في 2024 ما كنا عليه في 1975.

ما هذا الإنجاز؟

نحن من الدول التي لا تتقدم إلا إذا عادت إلى الوراء.

***

مجلس الوزراء​، وفي جلسة تاريخية (تصوروا ان التاريخ يُستحضَر من أجل تأمين الكهرباء في القرن الواحد والعشرين! ماذا لو كان موضوع ​النقاش​ هبوط مركبة لبنانية على سطح ​القمر​، فماذا نسمي الجلسة؟).

المهم، وبصرف النظر عن كل البطولات فإنه يمكن تسجيل أنه "في الثامن من نيسان من العام 2019، أقر مجلس الوزراء في جلسة استثنائية، ​خطة الكهرباء​ التي من شأنها تأمين ​التيار الكهربائي​ إلى اللبنانيين بالتدرج: زيادة 4 ساعات مع بداية

سنة 2020، وزيادة الساعات الى 21 في 2021 وصولاً الى 24 ساعة في 2024".

نعمة كريم.

***

ولكن بعد البطولات، لنتواضع قليلًا: ما كان ليحصل ما حصل لولا أحد شروط مؤتمر "سيدر" الذي يقول بضرورة التوصل إلى وقف عجز ​مؤسسة كهرباء لبنان​، ولولا ضغط ​البنك الدولي​ الذي يضع لبنان تحت المجهر.

ومن أبرز ما تم التوصل اليه وفق الخطة القديمة الجديدة:

نقل كلفة دعم أسعار الكهرباء من ​الموازنة​ العامة إلى المستهلكين، هذا يعني بالمباشر، رفع التعرفة، فلا تعود الموازنة هي التي تدفع العجز بل جيوب المواطنين.

أن تتولى دائرة المناقصات عملية استدراج عروض الشركات وفضها، من اجل مزيدٍ من الشفافية او لوضع ضوابط لمنع عرقلة التنفيذ.

هكذا تكون المسؤولية قد أصبحت مشتركة بين إدارة المناقصات وبين اللجنة الفنية في وزارة الطاقة لوضع كل الشروط اللازمة، وجرى الاتفاق على تشكيل لجنة وزارية جديدة أُوكلت لها مهمة حسم أي خلاف بين وزارة الطاقة وإدارة المناقصات التي ستتولى البت في دفتر الشروط، ومن ثم ترفع اللجنة تقريراً الى مجلس الوزراء لاتخاذ الموقف المناسب.

فيتم التلزيم وفق عقود الـ BOT أي بناء المعامل من قبل ​القطاع الخاص​ ثم تشغيلها وبيع انتاجها إلى مؤسسة كهرباء لبنان، ثم نقل الملكية والإدارة إلى الدولة بعد مدة يتم الاتفاق عليها.

الشركات التي ستتقدم للمناقصة ستقدِّم مشروعًا متكاملًا يتضمن المؤقت والبعيد المدى لتوفير الطاقة تدريجياً وخلال فترة لا تتجاوز أربع أو خمس سنوات أي انها تبدأ في النصف الثاني من هذه ​السنة​ لتصل الى العام 2024 بكهرباء 24 على 24.

***

أما بالنسبة إلى تخفيف العجز والهدر فسيتم من خلال توحيد سعر الإنتاج سواء في المرحلة المؤقتة أو المرحلة البعيدة المدى. ما يعني ان التعرفة سترتفع، ولن تعود مؤسسة كهرباء لبنان تبيع الكهرباء بأقل من كلفتها. ومعيار التعرفة من خلال ربطها بأسعار المشتقات النفطية، وتشطيرها وفق ما تعمل عليه ​وزارة الطاقة والمياه​ بالتعاون مع البنك الدولي بهدف الحد من العجز.

***

ودائمًا نقول: العبرة في التنفيذ.