لا يمر يومٌ إلا ويكون هناك ملفٌ أو خبرٌ عن الفساد...

ولا يمر ملف عن فساد إلا ويكون في معظم المجالات سواء في الدوائر العقارية أو في قصور العدل أو في المطار أو في الوزارات أو في ​مصلحة تسجيل السيارات​ والآليات.

ولا يهم ال​لبنان​يين من كل ذلك إلا أن تكون الجدوى من ​مكافحة الفساد​ إعادة ما لخزينة الدولة من أموال خرجت منها من دون وجه حق أو لم تصل إليها.

***

في رأس انشغالات الرأي العام هذه الأيام ما يجري على مستوى السلطة القضائية.

الأنظار موجَّهة إلى النائب العام التمييزي ​القاضي سمير حمود​ وإلى مفوض الحكومة لدى ​المحكمة العسكرية​ القاضي ​بيتر جرمانوس​ وإلى النائب العام الاستئنافي في ​جبل لبنان​ القاضية ​غادة عون​ وإلى رئيس مجلس ​القضاء​ الأعلى ​القاضي جان فهد​ وإلى قضاة التحقيق سواء في ​بيروت​ أو جبل لبنان وسائر المناطق، وإلى ​التفتيش القضائي​ خصوصًا، وقبل كل شيء إلى ​وزارة العدل​ ككل بشخص الوزير الشفاف الدؤوب ​ألبير سرحان​.

هذه الملفات كلها مفتوحة، وهذه ورشة كبيرة إذا لم تكن لديها خارطة طريق يُعرَف كيف تبدأ ولا يُعرَف كيف تنتهي، فإن اللبناني يخشى ان يصل إلى يوم يقول فيه: "على الإصلاح السلام".

لكن الذي يجري يشكِّل مؤشرات واعدة إلى ان القضاء في لبنان خطا الخطوة الأولى في رحلة الالف ميل في اتجاه الاصلاح، وليس من مصلحة احد أن يتوقف.

***

وزير العدل يصل الليل بالنهار وأمامه ملفات الجميع من دون استثناء، وكأنه استحدث "غرفة عمليات قضائية" والخارطة أمامه وعليها كل الالوان:

فهناك "لون" ​التشكيلات القضائية​، والمعلومات هنا تتحدث عن أن اكثر من موقع سيشهد تغييرات نوعية سواء على مستوى الأشخاص أو على مستوى الأداء.

إلا ان أكثر من هاجس يتعلَّق بالعملية برمتها:

الهاجس الأول هو حسن اختيار ​القضاة​ الذين سيحلُّون محل القضاة الذين سيتم إبعادهم من مراكزهم.

والهاجس الثاني، ما هو ترتيب الملفات التي يجب فتحها؟ ووفق أية أولوية؟

في سلك القضاء اليوم ما يفوق الـ 400 قاضٍ: بينهم النزيه وبينهم غير النزيه، بينهم الذي مرَّ "بمعمودية الملفات والإغراءات وخرج منها نزيهًا وشفافاً" وبينهم الذي "ضعف أمام الإغراءات فسقط فيها". حين يتم الإختيار وفق هذه القواعد فعندها يرتاح المواطن.

***

أما لجهة الملفات التي يجب فتحها فهذا يعود إلى اولويتها وأهميتها وما هو مردودها على مصداقية الدولة وعلى خزينة الدولة، إنها الثنائية التي يجب ان تكون الهدف وهي "الخزينة والمصداقية"، فكل ما يصب في هذين الهدفين يجب الأخذ به.

والملفات أكثر من أن تُحصى: منها ما فُتِح وعُلِّق أو يراوح مكانه.

وهذه عينة من الملفات التي يجب السير فيها إلى النهاية:

ملف القضاة الذين ثبت لدى التفتيش القضائي أنهم تلقوا رشاوى في دعاوى نظروا فيها وأصدروا أحكامًا في شأنها. الأسماء موجودة لكننا نتحفَّظ عن ذكرها إلى حين صدور الاحكام في شأنها.

ملف إدارة السير لجهة الرشاوى التي تُدفَع، ويُقال إن "غلة الرشاوى" كانت تصل في بعض الأحيان إلى أكثر من عشرين الف ​دولار​ في اليوم الواحد.

ملف الدوائر العقارية حيث المعلومات تؤكد ان لا ملف يمكن ان يمر من دون ان تُدفَع عمولة عليه.

ملف العقود بالتراضي، وآخرها عقد الترويج السياحي الذي تجاوز مبلغ المليونَين ومئتين وعشرين الف يورو.

***

لا يصح في هذا المجال الحديث عن رشوة صغيرة ورشوة كبيرة، المهم في كل ذلك هو "فعل الرشوة"، فمَن يقبل قرشًا يقبل مليونًا... ومَن يعطي قرشًا يعطي مليونًا.

إنها "رحلة الالف ملف" بدأت، والمهم الإستمرار.