اعتبر رئيس الجامعة الأنطونيّة ​الأب ميشال جلخ​ أن القطاع التربوي كغيره من القطاعات في لبنان يتأثر بالوضع العام،وبالحالة السياسيّة والطائفيّة وبالوضع الاقتصادي باعتباره بالنهاية قطاعا حيويا غير جامد، لافتا الى انالتراكمات منذ عشرات السنوات تركت أثرها عليه بعدما كان من أقوى القطاعات وأكثرها فعاليّة، ولكن وبالرغم من كل التجاوزات لا يزال قطاعا مهما ولدينا اعدادا كبيرة من الطلاب الذين يتوافدون من الخارج للتعلم في لبنان وليس فقط من دول عربية ودول قريبة انما من دول اوروبية وحتى من ​الولايات المتحدة​.

ونبّه جلخ في مقابلة مع "النشرة" من فقدان المستوى التعليمي نتيجة تشابكات سياسية–أكاديمية، مشيرا الى انّ كثرة الجامعات أدخلتنا بدوامة تجاريّة ربحيّة تنافسيّة بين الجامعات. وأردف ان "هناك تجاوزات كثيرة مرتبطة بشكل اساسي بعدم احترام القوانين، وبخاصة بموضوع استسهال اعطاء الرخص للجامعاتوبعضها غير مؤهل ولا تنطبق عليه المعايير اللازمة"، معتبرا ان من غير المقبول ان يكون في بلد صغير كلبنان أكثر من 52 جامعة وما يقارب الـ104 فروع. وكشف ان حوالي 10 جامعات جديدة قدّمت طلبات للحصول على تراخيص.

الأب جلخ أوضح انه حاليا لا قانون يحدد المعايير لاعطاء الرخص، علما ان قانون التعليم العالي نصّ على تشكيل لجنة لوضع معايير الجودة التعليمية، كي يتم على اساسها منح الرخص، لكن هذا لم يحصل. وأضاف، "حتى لو تم وضع المعايير، هل يمكن ان نثق انها ستطبق طالما المعيار في لبنان هو القوّة السياسيّة او الطائفيّة للشخص الذي يتقدم للحصول على رخصة"!؟.

وأشار رئيس الجامعة الأنطونيّة الى وجود جامعات خاصة يفوق عدد طلابها عدد طلابالجامعات الكاثوليكيّة كونها أرخص، لافتا الى ان ما يتم العمل عليه في ​الجامعة الانطونية​ وفي معظم الجامعات الكاثوليكيّة الاخرى هو تحقيق التوازن بين الكلفة والنوعية. وقال:"يمكن ان نكون ارخص من تلك الجامعات لكننا عندها قد نضطر لتوظيف أساتذة غير كفوئين. فنحن نعمل على تدريب وتطوير أساتذتنا من خلال دورات وابحاث يقومون بها على مدار العام".

ولم ينفِ الأب جلخ أن هناك في الجامعات الكاثوليكية من يسيء استعمال الادارة والسلطة والرسالة المسيحيّة، لافتا الى ان البعض ينجرّ بسهولة للمغريات والبعض الآخر قد يكون يسعى لتوسيع الجامعة وتقديم تعليم أفضل، لكن لا يمكن انكار ان ​الفساد​ الذي ينخر معظم القطاعات في البلدينخر مؤسساتنا والقطاع للكل". واضاف:"الرهبان والراهبات والكهنة هم بالنهاية اولاد المجتمع".

وتناول جلخ ملفّ الشهادات المزوّرة، فأكد أنه لا جامعات كاثوليكية كانت منخرطة بهذه القضيّة، موضحا ان "احدى الجامعات ورد اسمها بالموضوع لكن تبيّن ان هناك من زوّر شهاداتها وليست هي التي منحت شهادات مزوّرة". ووصف هذه الظاهرة بالمؤسفة والتي لا تليق بصورة لبنان الذي لطالما كان نموذجا ومنارة بالقطاع التربوي.

وردا على سؤال عن تمويل الجامعات الكاثوليكية، فأشار الى انه يتم الاتّكال على موارد الرهبنة التي تراجعت، ولكن بشكل اساسي على أقساط الطلاّب، مؤكدا انهم يقدّمونالمساعدات للهم وللمتفوقين،وان حوالي 14% مما تحصّله الجامعة يعود للطلاب، عدا عن اننا نؤمّن العمل للبعض في حرم الجامعة. واضاف:"اما الربح الذي تحقّقه الجامعة فيعود للأبحاث والتطوير العلمي ولاقامة وتجهيز المختبرات وتحديث برامج الكمبيوتر المكلفة جدا".

الأب جلخ أشار الى وجود مكتب في الجامعة الانطونية يهتم بتطوير ​الاساتذة​ بشكل دائم،كما تم مؤخرا تعيين نائب لرئيس الجامعة يهتمبالتنمية الانسانية الشاملة للاعتناء بالطلاب نفسيا وروحيا واجتماعيّا.

ولفت الى وجود لجنة مؤلفة من رؤساء الجامعات الكاثوليكية تجتمع بشكل دوري، "وقد طلبتُ مؤخرا ان تتوسع لتشمل رؤساء كل الجامعات المسيحيّة في لبنان لأنه بالنهاية مشاكلنا وهمومنا واحدة ويمكن ان نتعاون بالكثير من القضايا".

وردا على سؤال عما تقوم به الكنيسة والجامعات المسيحيّة لتثبيت المسيحيين في ارضهم، اعتبر رئيس ​الجامعة الأنطونية​ الأب جلخ اننا نعيش مرحلة تاريخية صعبة جدا، ولكن هذا ليس بأمر جديد،إذ لطالما كان هناك تحديات من هذا النوع في تاريخ الكنيسة التي هي ليست بالنهاية مؤسسة بشرية انما مؤسسة الهية. وقال:"من هنا لا يهمّنا العدد،فيسوع تحدّث عن الخميرة وحبة الخردل، وبالتالي يجب ان نتعاطى مع البعد الروحي للموضوع". واضاف:"الويل للمسيحيّة عندما تقوى، فعلى مرّ التاريخ عندما كانت المسيحية قويّة لم تقدّم التجربة الأمثل. ليس هدفنا ان نكون الأقوى بل ان نكون الافضل والاحسن".

وشدد على انه لا يجب ان يكون هناك مكان للاحباط في نفوسنا،"فالعالم اليوم بحاجة للمسيحيّة، سواء العالم الاسلامي او العلماني او الشيوعي، لأنّ المسيحيّة بالنهاية هي ايضا ثقافة وتربية على الانضباطيّة والاخلاق وعلى ما هو افضل".

وتناول الأب جلخ ​ملف النازحين السوريين​، فأيّد موقف ​رئيس الجمهورية​ العماد ​ميشال عون​ والبطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي لجهة انهم باتوا يهددون الكيان اللبناني الذي هو عبارة عن موزاييك من التوازن الدقيق،ان كان على الصعيد الاجتماعي اوالثقافي اوالعلمي او الطائفي. وخلص الى القول ان "لبنان لا يمكن ان يكون الا نموذجا للعيش معا وهو لا يمكنه ان ينخرط في عملية سياسيّة كبيرة تفقده ماهيّته ودوره".