لفت بطريرك ​الأرمن​ الكاثوليك لبيت كيليكيا كريكور بدروس العشرون في كلمة له خلال ازاحة الستار عن النصب التذكاري للصداقة ال​لبنان​ية - الارمنية الى اننا "هذا البلد الذي كان منطلقا للحياة الإنسانية وللتنوع فكان لبنان مركز إستقطاب كما كان منطلقا لهجرة أجيال لم تعرف سوى البحر وسيلة للإنتقال إلى بلاد الله الواسعة حيث أثبت اللبنانيون على إختلاف إنتماءاتهم قدرتهم على فرض الذات والوجود والإندماج في كيانات مختلفة لحد الإنصهار في المجتمعات ​الجديدة​ مع حفاظهم على الهوية والتاريخ، وهذا ما عبر عنه ​رئيس الجمهورية​ اللبنانية ​ميشال عون​ خلال زيارته الأخيرة إلى ​أرمينيا​ قائلا أن لبنان هو وطن كوني وليس بلد إستيطان وذلك تعبيرا عن واقع الإندماج الإجتماعي القائم بين الشعبين اللبناني والأرمني سواء اكانت هذه الصورة موجودة في لبنان أو معكوسة في أرمينيا حيث الوجود اللبناني يجسد حقيقة التقارب والتآلف بين هذين الشعبين".

واضاف: " علاقة الشعب الأرمني ب​الشعب اللبناني​ ليست وليدة الصدفة، بل هي نتيجة مسار ومصير لشعوب مزجت دماءها بتراب الأرض وتعانقت أرواحها بشغف الإيمان حتى إنصهر مفهوم المواطنة لدى هذين الشعبين بحس الإنتماء إلى الوطن الواحد، فكان لبنان بالنسبة للشعب الأرمني ليس مجرد بلد إستيطان بل معقلا لإحتضان الإنسانية على إختلاف أنواعها وأشكالها وهذا الواقع يعكسه التعدد الطائفي والتنوع بين مختلف المذاهب والأديان التي وجدت في هذا البلد الحبيب موطئا للتآلف والإندماج بين مختلف أطياف النسيج الإجتماعي"، لافتا الى أن "هذا النسيج يبقى هو أساس وغنى هذا البلد الذي صح فيه قول ​البابا​ القديس يوحنا بولس الثاني في إرشاده الرسولي أن لبنان هو أكثر من وطن، أكثر من بلد أنه رسالة، رسالة في العيش المشترك السوي بين المسلمين والمسيحيين وحتى بين المذاهب على إختلاف تنوعها"، معتبرا أن "ليس غريبا عنا هذا الوصف الدقيق والصائب في ظل ما يشهده ​العالم​ من إنغلاق على الذات والتعصب والحقد والكراهية وهي جميعها عناصر تؤدي بطبيعة الحال إلى الجرائم بحق الإنسان أولا وبحق رسالته التي هو مؤتمن عليها ككائن بشري خلقه الله على صورته ومثاله".

وشدد على أننا "نجتمع اليوم لنتذكر ونذكر ونشهد على عمق العلاقة بين الشعبين اللبناني والأرمني وأسمح لنفسي بالقول أن هذه العلاقة لا يحدها مفهوم الصداقة بل أقل ما يقال فيها أنها عنوان وتجسيد لفعل ​المحبة​، محبة الأخوة ضمن البيت الواحد والعائلة الواحدة"، مضيفا: "نجتمع اليوم لنرفع الستارة عن نصب تذكاري يمثل عربون الصداقة بمشاركتكم جميعا وبمشاركة العزيز السيد كريكور دجابوريان الذي قدم هذا النصب إنطلاقا من حبه وتعبيرا عن إيمانه بهذا الوطن الحبيب الذي يجمع في أحضانه أبناء له بدون تمييز بين عرق أو لون أو طائفة"، مؤكدا أنه "لبناننا، لبنان الجميع، لبنان المحبة ولبنان السلام، حافظوا عليه فهو أرض القديسين وأرض لم تقو عليه الشياطين أنه أمانة بين أيدينا علنا نتعظ من الماضي من أجل مستقبل أفضل لأولادنا".

بدوره رأى النائب البطريركي لجمعية كهنة بزمار البطريركية والنائب البطريركي العام لابرشية بيروت المونسيور غبريال موراديان أن "إندماج الأرمن في المجتمع اللبناني هو واقع أساسي وجوهري في إزدهار لبنان ويأتي هذا الإندماج من قناعة كل مواطن أرمني بضرورة الإلتفاف حول الوطن والإبتعاد عن كل الإصطفافات الحادة والتحالفات الخارجية غير البناءة والمصلحة الفردية الضيقة والتركيز على جميع المقومات التي تنهض بهذا البلد. ان تاريخ الشعب الأرمني المعاصر هو ​تاريخ لبنان​ نفسه في بعض فصوله "، مضيفا: "هي قضية وجود وإيمان فقد عرف الشعب اللبناني والأرمني معاناة مشتركة ومسارا جدا متقارب من الإضطهاد على يد السلطنةالعثمانيين الرجل المريض، إضطهاد لم يرحم مليون ونصف المليون من الشعب ألارمني بواسطة المجازر والتنكيل، وآلاف من الشعب اللبناني على مدى 400 عام".