يعدّ مرفأ ​بيروت​ واحداً من أهمّ المرافق العامة التي يمكن أن تدرّ الأموال على خزينة الدولة إذا ما سارت الأمور بالشكل الصحيح وفي الوقت نفسه يمكن أن يتحوّل هذا المرفق الى واحد من أهم مزاريب الهدر التي تخسر الدولة بسببها المليارات...

في المشهد العام عندما تصل البضاعة الى ​مرفأ بيروت​ يفترض أن تمرّ عبر التفتيش الجمركي للتأكّد من "الحمولة" والنوعية وإحتساب الرسم الجمركي، وذلك يتمّ أولاً عبر المركز الآلي الذي يحددّ مطابقة لما تمّ التصريح به، وهنا بحسب مصادر مطلعة يكمن الشكل الأساسي من أشكال التهريب الجمركي في المرفأ.

تشرح المصادر عبر "​النشرة​" أهميّة ضبط المركز الآلي، لافتةً الى أن "المستوعب" يصل الى المرفأ، يمرّ عند نقطة التفتيش عبر المركز الآلي الذي يعطي إشارتين إما خضراء وبذلك يمرّ دون تفتيشه أو حمراء فيتم فحصه، وهذا يعني أنه يمكن أن يكون بداخله بضاعة مهرّبة أو غير مصرّح عنها"، مشيرةً الى أن "في المرفأ مجموعة تجار على علاقة بمخلّصين جمركيين أو Transitoire يمرّرون البضائع عبر هذه النقطة ودون تفتيشها". وتضيف المصادر: "خطورة التلاعب في النظام الآلي ليس فقط بتهريب الأموال بل باختلاسها وتعديل القيود، لأن المحافظة مرتبطة بالمركز الآلي وكميّة الهدر في هذا المجال تصل الى ملايين ال​دولار​ات".

في السياق نفسه، تشير المصادر الى إن "​النيابة العامة​ في ​جبل لبنان​ تحرّكت فطلبت القاضية ​غادة عون​ من مدير عام ​الجمارك​ ​بدري ضاهر​ التحقيق في قضية الأخضر والأحمر في المركز الآلي على أن يرفع النتيجة اليها بعدها"، لافتة الى أن "ضاهر باشر التحقيق بالموضوع وإستدعى المسؤول عن المركز الآلي، وبحسب إفادته الأوليّة فإنه أكد أنه في موضوع الأخضر والأحمر والنظام الآلي بكامله فهو يأخذ معلوماته كاملة من المجلس الأعلى للجمارك".

وتشدد المصادر على أن "مدير عام الجمارك بدري ضاهر راسل ​التفتيش المركزي​ مرّات عديدة شارحا أن نظام الأخضر والأحمر في المركز الآلي غير سليم، ويمكن عبره القيام بالتهريب وطالبه بالتحرّك سريعاً في الموضوع، وحتّى اليوم لا تزال الأمور على حالها في المرفأ".

"قصة التلاعب بالنظام الآلي في المرفأ تشكّل المصدر الأساسي للتهريب ولكن ليس الوحيد". وهنا تلفت المصادر الى "وجود قضية التلاعب بالفواتير التي تتم وتؤدي الى هدر الأموال الطائلة"، وتشرح أن "البضاعة القادمة من ​الصين​ تشكّل أحد أبرز مصادر هذا التلاعب والتهريب، فعند وصول البضائع الى بيروت تقدّم فاتورة الى الجمارك بقيمة خمسة آلاف دولار في حين أن القيمة الحقيقية تتجاوز ربّما مئة ألف دولار للتهرّب من دفع الضريبة".

في المحصلّة تعتبر معالجة قضيّة المركز الآلي في مرفأ بيروت اساسيّة للتخلص من التلاعب ومعالجة وضعه وإيقاف الهدر في هذا المرفق العام... ليبقى السؤال: "هل يتخذ القرار في معالجة هذه القضية وتصل الى خواتيمها حتى ولو كانت هناك جهات معيّنة تغطّي هذه الأعمال"؟.