أكد بطريرك ​السريان الكاثوليك​ الأنطاكي، ​مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان​، في رسالة عيد القيامة بعنوان "قام من أجل تبريرنا" (رو4: 25)، أنه "في عيد القيامة، نجدد التزامنا بالقيم ​المسيحية​ بكل أبعادها، لأن فادينا يسوع القائم منتصرا على الخطيئة وثمرتها الموت، هو منبع ​المحبة​ وأمير السلام، وهو وحده قادر أن يجمع الأفراد والمجتمعات المتنوعة في ثقافة المحبة وسبل الاحترام المتبادل. كم نحتاج إلى السلام الذي أمن به الفادي تلاميذه الخائفين، كي ينهي النزاعات المسلحة والحروب التي ما فتئت تفتك بدول شرقنا المسيحي وتهجر أولادنا منه، حتى يكاد هذا الشرق يخلو من شعبه المسيحي الذي هو في أساس تكوينه".

وشدد على أنه "في وطننا الحبيب ​لبنان​، نتابع التحرك الرسمي على صعيد ​محاربة الفساد​ وإيقاف إهدار المال العام وضبط الإنفاق في الإدارات والمؤسسات العامة، ونطالب المسؤولين من وزراء ونواب بمعالجة جذرية شفافة وشاملة، تبدأ من القمة إلى ​القاعدة​. كما ونلاحظ تدني القيم الخلقية وتفشي ​السرقات​ وتهافت الشبيبة على ​المخدرات​، وتفاقم ​التلوث البيئي​، وما من حسيب أو رقيب. وكم يؤلمنا عدم البدء بتطبيق الإصلاحات التي طالب بها ​المجتمع الدولي​ الحريص على مصلحة لبنان واقتصاده أكثر من السلطات السياسية فيه، لأنها غارقة في حساباتها الضيقة ومصالحها الخاصة على حساب المواطنين وحاجاتهم الملحة. فها قد مرت سنة كاملة على انعقاد مؤتمر ​باريس​ المعروف بـ CEDRE، والذي أقر سلسلة قروض وهبات دعما للبنان واقتصاده. كل هذا فضلا عن عدم إقرار موازنة عام 2019 والكثير من التشريعات التي تعني المواطنين في لقمة عيشهم وحياتهم اليومية".

وأكد يونان أنه "لا يمكننا أن نغفل أزمة ​النازحين السوريين​ الذين يقارب عددهم نصف عدد سكان البلد، وإننا إذ نشكر للدولة اللبنانية استقبالها واستضافتها النازحين واللاجئين، على رغم المصاعب الإقتصادية التي يعاني منها لبنان، نشدد على عودتهم إلى أرضهم ووطنهم من أجل المحافظة على كرامتهم الإنسانية وحقوقهم المدنية وعلى حضارتهم وثقافتهم، من دون ربط تلك العودة بالحل السياسي في ​سوريا​"، مشيراً إلى أنه "فيما نجد في لبنان بارقة أملٍ لسائر مسيحيي الشرق، نصاب بالخيبة لتصنيف ست عائلات روحية فيه بالأقليات، وتهميش حضورها وتمثيلها السياسي في البرلمان والحكومة والإدارات الرسمية والمؤسسات العامة والأسلاك القضائية والعسكرية. وبين هذه العائلات أبناء كنيستنا السريانية، الذين كادوا أن ييأسوا من الحصول على حقوقهم المدنية أسوة ب​الطوائف​ الأخرى، دون أي تمييز أو تهميش إو إقصاء، وهم الذين قدموا التضحيات الجسام وآلاف الشهداء دفاعا عن لبنان وطنهم".

واعتبر "أننا نحمد الله على عودة الهدوء والاستقرار إلى الغالبية العظمى من محافظاتها ومدنها، لكننا نتألم لما تعانيه من أزمة اقتصادية تزداد سوءا"، مشيراً إلى أنه "بدأ أبناؤنا بالعودة إلى أرضهم في قرى سهل ​نينوى​ وبلداتها، بعد تحريرها من قبضة الإرهابيين والتكفيريين، مؤكدين دور المسيحيين وتأصلهم في بلاد الرافدين، أما ​الأردن​، فإننا ما زلنا نتابع إجراءات الإستحصال على الإعتراف الرسمي بطائفتنا ككيان ديني مستقل في المملكة الأردنية الهاشمية، لما يمثل ذلك من تحفيزٍ لدور كنيستنا في المملكة على كل الأصعدة الروحية والثقافية والإجتماعية".

وشدد على "أننا نتجه بأفكارنا إلى ​القدس​ والأراضي المقدسة، ونصلي كي تكون قيامة الرب علامة انتصارٍ لمنطق السلام والرحمة وقبول الآخر على منطق الحرب والحقد والإلغاء"، لافتاً إلى "أننا نعرب عن دعمنا لإخوتنا وأبنائنا المسيحيين في مصر، متضامنين معهم في مواجهة ما يعانونه من عنف وتهديد وإرهاب، ومثمنين ما يتخذه الرئيس المصري ​عبد الفتاح السيسي​ و​الحكومة المصرية​ من مواقف وما يقومون به من أعمال بهدف التصدي للتطرف وأعمال التكفير، وتأثير ذلك على ترسيخ دعائم العيش المشترك في هذا البلد".

وتوجه بـ "عواطف المحبة إلى أبنائنا وبناتنا الذين يكابدون آلام الإقتلاع و​النزوح​ والهجرة، من ​العراق​ وسوريا، إلى لبنان والأردن و​تركيا​، وإلى ما وراء البحار والمحيطات. كما نعبر عن مشاركتنا في معاناة المعوزين والمهمَّشين والمستضعفين، وكل العائلات التي يغيب عنها فرح العيد بسبب فقدان أحد أفرادها، سائلين للجميع فيض النِّعم والبركات والتعزيات السماوية".

وتحدث يونان عن "تبرير يسوع للمؤمنين بقيامته التي هي أساس الإيمان المسيحي والرجاء وينبوع المحبة غير المشروطة، وعن إتمام للخلاص الذي حققه الرب يسوع بسر الفداء، بموته وقيامته من بين الأموات"، داعيا المؤمنين إلى "عيش الشهادة الشجاعة للرب يسوع القائم، قولا وفعلا".