في إطار الحملة المفتوحة على الفساد من قبل معظم الأفرقاء السياسيين، أثار إقتراح قانون رفع السريّة المصرفيّة المقدّم من قبل تكتل "​لبنان القوي​" الكثير من اللغط حوله في الجلسة التشريعيّة الأخيرة، لا سيّما بعد أن كان وزير الخارجية والمغتربين ​جبران باسيل​ قد طلب من النوّاب إعلان موقفهم من هذا الإقتراح، بالإضافة إلى إقتراح رفع الحصانة، حيث لم يُقرّا، اذ سارع وزير الدفاع الوطني ​الياس بو صعب​ للإشارة إلى أن المؤيّدين كانوا أعضاء التكتل، بالإضافة إلى 4 نواب آخرين.

هذا الواقع، دفع حزب "الكتائب" إلى الردّ، مؤكّداً على موقفه من إقتراح رفع السريّة المصرفيّة، نافيا التصويت على مضمون الاقتراح في الجلسة، الذي أحيل إلى اللجان النيابيّة المختصّة لدراسته، فما حقيقة ما حصل؟.

في هذا السياق، تكشف مصادر نيابيّة، عبر "النشرة"، أن ما جرى هو التصويت على صفة الإستعجال فقط، بناء على النظام الداخلي ل​مجلس النواب​، حيث توضح أن إقتراح القانون المعجل المكرّر هو مبادرة تشريعيّة يتقدم بها نائب أو أكثر ولغاية عشرة نواب، يطلب فيها بمذكّرة معلّلة مناقشة الاقتراح بصورة الإستعجال المكرّر شرط أن يكون مؤلفاً من مادّة وحيدة.

وتلفت المصادر نفسها إلى أنّ المجلس، بناء على ذلك، يصوّت في البداية على صفة الإستعجال، وفي حال إقرارها يبدأ مباشرة بمناقشة الإقتراح والتصويت عليه، بينما إذا رُفضت يُحال الاقتراح على اللجنة المختصة، وتؤكّد أنّ هذا ما حصل بالنسبة إلى الإقتراح المقدم من "لبنان القوي"، ما يعني عدم البتّ في مصيره بشكل نهائي أو سقوطه، حيث من المفترض أن يعود إلى الهيئة العامة بعد الإنتهاء من درسه في اللجان المختصّة.

وفي حين تشدّد هذه المصادر على أنّ من حق المجلس النيّابي رفض صفة الإستعجال لأيّ إقتراح، توضح أنّ اللغط الذي حصل يعود إلى أهميّة الإقتراح المقدّم، خصوصاً أنه يأتي في وقت باتت فيه ​محاربة الفساد​ هي العنوان الأبرز على الساحة المحليّة، وبالتالي الموضوع سياسي بالدرجة الأولى.

إنطلاقاً من ذلك، تُفسر المصادر نفسها حرص وزير الخارجية والمغتربين على كشف هوية النواب الذين وافقوا على صفة الإستعجال، نظراً إلى أن هذا الموقف يعتبر موافقة مبدئيّة منهم، لكنها ترى أن إحالة الإقتراح إلى اللجان قد يكون أمراً مفيداً، لدراسته بشكل أفضل وتأمين توافق سياسي لتمريره، لا سيما أنها تستبعد أن يواجه بمعارضة شرسة من قبل أيّ من القوى الأساسيّة في البلاد.

على هذا الصعيد، يشمل الإقتراح الوزراء والنواب والموظفين و​القضاة​ والعسكريين ورؤساء وأعضاء الهيئات القضائيّة والناظمة والاداريّة على اختلاف أنواعها والمراقبين والمدققين الماليين، وكل من يقوم بخدمة عامّة وبشكل عام كل من هو محدّد في المادّة 2 من القانون رقم 154 تاريخ 27/12/1999 (قانون الاثراء غير المشروع) وأزواجهم وأولادهم القاصرين والأشخاص الثالثين، معنويين أو طبيعيين، المعتبرين بمثابة الشخص المستعار.

في هذا الإطار، يؤكّد عضو تكتل "لبنان القوي" النائب ​أسعد درغام​، في حديث لـ"النشرة"، أن التكتل سيتابع هذا الإقتراح حتى النهاية في اللجان المختصّة، وصولاً إلى إقراره في الهيئة العامة في نهاية المطاف، لا سيما أنّه عامل أساسي في محاربة الفساد، وينفي وجود أيّ مخاوف لدى التكتّل مما حصل.

ويشير النائب درغام إلى أنّ دور نواب التكتل في هذا الملفّ أصبح بمتابعته في ​اللجان النيابية​ بكافة الوسائل، ويعتبر أن ما حصل في الجلسة التشريعيّة، بالنسبة إلى مواقف باقي الكتل النيابيّة، غير مشجّع، خصوصاً أن تأييد صفة الإستعجال كان من نواب "لبنان القوي" و4 نواب آخرين فقط.

في المحصّلة، لا أحد يختلف على أهميّة هذا الإقتراح في إطار الحرب التي تعلنها القوى السياسيّة على الفساد، لكنّ ما حصل في الجلسة التشريعيّة يفتح الباب للسؤال عما إذا كانت المقولة اللبنانية الشهيرة: "اللجان مقبرة المشاريع" ستنطبق عليه؟!.