أحيا المونسنيور ​نبيه معوض​، ​رتبة دفن المسيح​ و​الجمعة العظيمة​، في ​كاتدرائية مار مارون​ في ​طرابلس​، وعاونه الخوري ​جوزيف فرح​ والأب راشد الشويري، بمشاركة حشد من المؤمنين.

وبعد القراءات المقدسة وتلاوة الاناجيل الاربعة، ألقى معوض عظة شدد فيها على "عمق سر الصليب" مؤكداً أن "صلواتنا أن يرتد الظالمون عن ظلمهم، ويعلموا أن ​المحبة​ هي السبيل الوحيد الى الانتصار".

واستعاد معوض في مستهل العظة، عبارات للقديس رومانوس المرنم، وهو يشرح لسامعيه في القسطنطينية لاهوت الصليب، بحوار بين يسوع وامه البتول، وفيه "لا تمرمري بالنوح يا أمي، يوم آلامي، فهذا اليوم بالذات نزلت انا الحلو من السماء كالمن، لا على جبل سيناء بل في حشاك فيه تكونت، كما تنبأ داود، حاولي أيتها الملكة أن تفهمي الجبل المدغل،أنا هو،اذ كوني الكلمة اتخذت منك جسدا، وبهذا الجسد أتألم به اخلص، لا تبك اذا يا أمي بل بالاحرى إهتفي: طوعا، تألم إبني وإلهي".

وأوضح أنه "وبذات اللاهوت نكتب كنيسة المسيح ليتورجيتها امام الرب المعلق على الصليب، والطالب المغفرة لطالبيه، نحن اليوم أمام نعش يسوع، وامام صليبه الخلاصي ننشد مديحا، نقف اليوم مع يوسف ونيقوديموس ومريم والنسوة، لنسكب عليه عبارات التأثر امام هول المحبة، نحن لا نبكيه بحزن بشري، لكننا نبكي تأثرا امام تلك المحبة الإلهية التي لم توفر شيئا إلا وسلكته، في سبيل خلاص البشرية".

ولفت إلى "أننا نبكيه بدموع الفرحة التي يلتمع وميضها من وراء جنبات الصليب، نحن فيه نتأمل محبة الباري وصبر الخالق في سبيل خلاص خليقته، نحن لا ننظر اليه كمصلح اجتماعي ولا كبطل خارق، نحن ننظر اليه إلها عظيما بالمحبة وسيدا عليا بالاتضاع، لا نقيس محبته بمقدار الألم، لكننا نقيسها بقدر التنازل، فليفكر كل واحد منا أن الرب الإله، من أجله ومن اجل خلاصه قاسى صفعة واحدة، وهذه وحدها تكفي لتدل على تلك المحبة الالهية الدفاقة، (قد وافيت ​العالم​ لتنجي آدم، فهناك لم تجده يا سيدي، فانحدرت للجحيم تطلبه)".

وأكد أن "هذا ما يختصر فعلا لاهوت هذا اليوم، يسوع، وهو المخلص، يسعى دوما في إثر خروفه الضال، آدم، فقد آدم الفردوس تيها وغرورا، فانحدر الإله الى الجبلة الترابية، الى الارض، ولان الموت تسيد جبلة آدم بعد ​الفساد​، والجحيم أطبقت عليه، لم يأنف سيد آدم وريه أن يقاسي موتا ويطلب حبيبه من قعر جوف الجحيم، يا له حبا تسامى فوق مدارك الناس، ويا له تواضعا سما كل تواضع،أيها الإله الذي لمحبته للبشر، آثر حمل عود الصليب وهو المحمول على اكتاف السرافيم، يا جمر المحبة الثالوثية التي قطنت أحشاء ​العذراء​ وبها قدست جبلتنا، يا من لظى بمحبته حتى قلوب صالبيه ولم يأنف ان يذوق موت العبيد ليحرر جبلته، أعطنا ان نتذوق حلاوة العيش معك، وان نحظى دوما بعزاء حضورك الإلهي، أيتها المحبة التي ذابت شوقا الى لقيا الضال وآثرت الا ان ترصده في اعماق جحيم انانيته، إمسحي من قلوبنا انساننا العتيق لنقدر ان نتلمس فرح القيامة، أيها الناصري الذي اعتمر التواضيع واتشح بضعف طينتنا ما خلا الخطيئة، هيا افترش مغارة نفوسنا واطرد من جوانبها ترهل الازمنة واملأها بوميض الفضيلة، لنكون قياميين على مثالك، يا من افتقدت مسكنتنا من غابر الايام وحللت في مشرقنا، ضع فيه نفحة من روحك القدوس لتعم الطمأنينة قلوب الناس، ويكتسح رجاؤك كيانهم، أطفىء بغفرانك قلوبا إمتلكها غضب بشري واسكب بجبروت صمتك طبول القلاقل الثآئرة في شرقنا".

وشدد على أنك "أيها الاله الذي مد يده على صليب المجد محبة وفداء، مد يدك وانزع من القلوب والصدور شهوة التكفير وغطرسة الاستكبار، وعلم الناس جميعا أن الارض بخيراتها، جديرة ان تكون فردوسهم الارضي وباكورة لفردوس سماوي يتذوقون فيها، ومن ههنا حلاوة العيش في ظل المحبة، مد يدك واستأصل من العقول إقصاء الغير، وسمر بقوة أناتك كل عنف وتطرف وتكفير وترهيب، ونسألك يا يسوع في يوم آلامك، أن ترد الاذى عن ​لبنان​ وان تظلله بنور قيامتك المجيدة،أنت معنا يا يسوع، وستكون أبدا معنا، كي نرتل لك وعلى جلجلة مجدك وصليب حياتنا:المسيح قام من بين الاموات ووطىء الموت بالموت، ووهب ​الحياة​ للذين في القبور".