ركّزت صحيفة "الرياض" ​السعودية​، على أنّ "​اليمن​ اليوم تحاصره تحديات كثيرة ليست الحرب سوى واحد منها، أمّا أغلبها فموجود منذ زمن بعيد"، مبيّنةً أنّ "اليمن من أكثر البلدان شحًّا في المياه الجوفية، والماء هو الحياة فكيف يستنزف لزراعة ما يبدّد ويستهلك أجمل ما في الحياة وأعني بها شجرة القات الّتي سلبت من اليمني ماله ووقته وصحته واستبدلت به أحاديث مكرّرة تخرج من أشداق محشوة بأوراق تلك الشجرة المدللة الّتي أبت أن تجاورها شجرة البن الجميلة، فتآمرت عليها واقتلعتها من جذورها".

ولفتت في مقال بعنوان "يا شعب ما لك والشقاء؟"، إلى أنّ "التحديات الأخرى كثيرة، فمن أيها أبدأ، فليس الجهل والفقر والمرض سوى بعض منها، ولولا خوفي من زيادة حزن وكآبة أحبتي في اليمن لواصلت سرد بقيتها"، مشدّدةً على أنّ "كلّ هذه التحديات والجراح لا تزيدها الأيام إلا قساوة وعمقاً وتأصلاً، لذا على المواطن في اليمن أن يتوقف ويفكر بمستقبله ومستقبل أبنائه. يقول المثل: "إذا وجدت نفسك في حفرة فأفضل شيء هو أن تتوقف عن المزيد من الحفر".

ورأت الصحيفة أنّ "على الحكماء والمشايخ والقادة والمواطنين أن يطرحوا أهم الأسئلة وهو: أين يكمن مستقبل اليمن؟ هل هو بجلب المزيد من المذاهب الّتي تؤصل للفرقة والتناحر والبغضاء بين أبناء الشعب الواحد؟ وهل هو في إحياء متناقضات الماضي لتتصارع على أرض اليمن نيابة عن شيوخ مؤدلجة أو ملالٍ فقدت حسها الإنساني؟ أم أنّ مستقبل اليمن يكمن في تعليم بلا مذاهب وحكومة مدنية لا ترتهن للخارج؟ حكومة تمدّ يدها لكلّ من لديه القدرة على بناء الطرق والمصانع والمدارس والمستشفيات والحدائق، اليمن ليس بحاجة إلى المزيد من زرع ​الألغام​ التي تتربص بأبنائه ومواشيه سنين طويلة، وليس بحاجة إلى ​صواريخ​ أو طائرات مسيرة يرسلها لجيرانه".

وأكّدت أنّ "اليمن ليس بحاجة إلى حكومة داخل حكومة كما هو في ​لبنان​ حيث اختطف "​حزب الله​" القرار السياسي والاقتصادي، واليمن ليس بحاجة إلى ​إيران​ ولا حتّى لدول الغرب أو الشرق، بمقدار حاجته لجيرانه الأغنياء الّذين لديهم القدرة على التنمية واستيعاب المزيد من أبناء اليمن، وزيادة التبادل التجاري، والعمل على دخول مجلس التعاون".

وفسّرت أنّ "اليمن بحاجة إلى أشياء كثيرة لكن من أهمّها:

- أوّلًا: الحكومة الشرعية هي الأمل في بسط نفوذ الشرعية وتجريد "​الحوثيين​" من أسلحتهم مع بقائهم مكوّنًا من مكوّنات المجتمع اليمني، وجعل دورهم يتناسب ونسبتهم من الشعب اليمني وهي تقارب 5 بالمئة فقط، فكيف تتحكّم بمقدرات اليمن وترتهنه لحكومة خارجية طامعة. وهذا يتطلّب أن تصلح الحكومة الشرعية بيتها من الداخل وتبدأ بتأهيل كوادرها فنيًّا وإداريًّا واختيار أفضل الكفاءات وأكثرها نزاهة وحبًّا لليمن، مع الحرص على من يتمتّع بالحس الوطني بعيدًا عن الأنانية أو المصالح الشخصية، والعمل على إيجاد ائتلاف سياسي موحّد يجمع كلّ الأحزاب في اليمن لمواجهة المدّ الحوثي ومحاصرته؛ ومن أهمّ الخطوات توحيد جبهة المواجهة في كيان واحد يحسم الحرب على أرض الواقع ويقنع الحوثيين أنه لا طائل من المماطلة ومواصلة التعنت.

- ثانيًا: لا بدّ من التأكيد على أنّ أمن اليمن من أمن جيرانه، وأنّ اليمن عاش أفضل فترات أمنه وقوة اقتصاده حين كانت علاقته بالسعودية مميّزة، ومنها على سبيل المثال قيمة الريال اليمني، حيث كانت تساوي ريالًا سعوديًّا إلّا ربعًا، وتغيّرت كثيرًا بعد غزو ​الكويت​ وبدء الجفاء مع ​دول مجلس التعاون​. اليوم تبذل السعودية و​الإمارات​ جهودًا كثيرة للتخفيف من معاناة الشعب اليمني، لكن يجب أن يدرك كلّ إنسان في اليمن أنّ التعاون الحقيقي والتنمية سيأتيان بعد وقف الحرب وزوال أسبابها".