كشفت مصادر كنسية لصحيفة الجمهورية، أن الخلوة التي عقدها رئيس الجمهورية العماد ​ميشال عون​ مع البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس ​الراعي​ كانت ايجابية، والرئيس والبطريرك متفقان على خطورة الوضع، وانّ الاحوال المالية تتجه نحو الأسوأ بسرعة كبرى، وانّ الرئيس عون اثنى على موقف الراعي الذي اكّد من جهته دعم الرئيس في كل الخطوات الإصلاحية التي يجب أن تُتخذ، ليس من الرئيس وحده بل من كل الأفرقاء.

ولفتت مصادر متابعة لـ "الجمهورية"، الى ان موقف الرئيس عون في ​بكركي​ أثار تساؤلات في الاوساط السياسية حول من هو المستهدف بكلامه، وما دفعه الى هذا التصعيد، وتعدّدت "الروايات والسيناريوهات"، التي أفاد بعضها بأنّ عون مستاء لأسباب عديدة، فلم يكن مرتاحاً لما صدر عن وزير الخارجية ​جبران باسيل​ حول الموظفين وخفض رواتبهم. وانّه قال ما قاله لوزير الخارجية حيال هذا "الفاول". كما انّ عون، بحسب "الروايات"، لم يكن مرتاحاً لما عرضه وزير المال ​علي حسن خليل​ في مقابلته التلفزيونية الاسبوع الماضي، والتي أثنى عليها ​الحريري​، بقوله:"بعد هذا الكلام بالتأكيد ليس كما قبله"، وتضيف الروايات، انّ عون مستاء من مشاورات الحريري مع القوى السياسية التي يسعى من خلالها الى توفير غطاء سياسي للقرارات الكبيرة، اذ انّ هذه المشاورات اظهرت الرئيس وكأنه في موقع "المتفرج" لا اكثر.

وبحسب الروايات، فإنّ استياء عون قد زاد، حينما طرح قبل عطلة الفصح، عقد اجتماع في ​القصر الجمهوري​ حول هذا الموضوع، الا انّ رغبته هذه لم تلق استجابة، لاضطرار الحريري الى السفر لتمضية العطلة خارج لبنان.

وهو امر حمّس بعض المتفهمين لموقف رئيس الجمهورية الى القاء المسؤولية على رئيس الحكومة، "لحركته البطيئة، وانه يفضل شؤونه الخاصة على شؤون البلد، من خلال السفر المتواصل في الوقت الذي يتطلب الوضع منه حضوراً دائماً وجدّية كبيرة في مقاربة الامور والملفات الملحة، فضلاً عن عدم ابتداع اي فكرة إنقاذية لعجز ​الموازنة​، واللجوء الى اسهل الطرق، التي من شأنها ان تفاقم الازمة اكثر".

وبحسب مصادر واسعة الاطلاع، فإنّ الحريري نفسه، لم يكن مرتاحاً من الكلام الرئاسي، واعتبر انه يستهدفه شخصياً، ومع ذلك قرّر عدم التعليق، بأي كلام مباشر يصدر عنه شخصياً. الّا انّه تناول الموضوع باقتصاب في تصريح له بعد عودته الى بيروت امس، حيث قال: "«أنا لا أريد الرد، أفهم انّ كلاً من الأحزاب السياسية يريد أن يزيد رصيده، ولكن بالنسبة لي هي النتيجة، وأن يقرّ ​مجلس الوزراء​ موازنة فيها اصلاح كبير جداً، من اجل مستقبل اولادنا، وما يهمّنا هو ان نتشارك جميعاً في هذا الموضوع. نريد ان نأكل العنب ولا نريد قتل الناطور، والخميس نكون جاهزين إن شاء لله".

من جهتها، قالت مصادر سياسية متفهمة لموقف الحريري، لـ«الجمهورية»، ان كلام عون عكس غضباً واضحاً، واذا صحّ انّه منزعج من حركة الحريري والمشاورات التي يجريها في بيت الوسط وليس في بعبدا. فهذه تُعتبر دعسة ناقصة، حول باب الصلاحيات. فالحريري هو رئيس الحكومة، ويمارس صلاحياته في وضع الموازنة بعمل مباشر مع وزير المال، وبالتالي موقف رئيس الجمهورية يفترض ان يكون موقفاً ارشادياً وتحفيزياً، واما المهمة التنفيذية فهي لرئيس الحكومة".