الشعب ال​لبنان​ي ذكي، لذا لا يصح "التذاكي على ذكي"... حتى إشعار آخر، ما زال المسؤولون يتذاكون على الشعب: حينًا بالوعود وحينًا بالكلام المعسول، وحينًا بالقول إن الحكومة قد حزمت أمرها وأن الإجراءات الموجعَة آتية.

نسأل مع المتسائلين: إذا كانت لديكم أبواب تقشف، فماذا تنتظرون لكي تطبقوها؟ لا بل، لماذا تتأخرون في تطبيقها؟ القاعدة تقول: مَن يستطيع التقشف في شيء فإن هذا الشيء بالإمكان الإستغناء عنه، وتبعًا لذلك، كم من الاشياء يستطيع الإنسان الاستغناء عنها؟ واستطرادًا، كم من الأشياء تستطيع الدولة الاستغناء عنها؟

***

الإنسان لا يستطيع الاستغناء عن الدواء والغذاء والملبس والتعليم، ما عدا ذلك فإنه قادر على التقشف فيه. كم مرة نسمع رب عائلة أو ربة بيت يقولان عن سلعة أو شيء أو مشروع "هلَّق مش وقتو... هناك ما هو أهم الآن"؟ قد يكون هذا المشروع تبديل سيارة أو تغيير فرش منزل أو رحلة استجمام. تتقشف العائلة وتركِّز على الأهم قبل المهم وعلى الاساسيات قبل الكماليات لتمرير ظرف صعب.

هناك خيارٌ ثانٍ أمام العائلة، وهو "قرض السكن وقرض السيارة ومختلف أنواع القروض" فيُمضي الإنسان كل عمره في تسديد القروض على أنواعها.

أما الخيار الأفضل فيتمثَّل في التقشف أو ما يُقال له "ترشيد الإنفاق".

السؤال هنا: هل قامت دولتنا الكريمة بالخيار الافضل؟

نسارع إلى الإجابة: بالتأكيد لا.

لا مؤشرات تقشف في أي قطاع من القطاعات وفي أي زاوية من الزوايا، ودعونا نعدِّد:

كشف وزير المال عن خمسة آلاف خط يستخدمها موظفون وتدفع خزينة الدولة فواتيرها، فلماذا لا يتم توقيف هذه الخطوط، والتوقيف لا يحتاج لأكثر من "فقسة زر"؟ هل قام معاليه بذلك؟

هناك 13 ألف سيارة موضوعة بتصرف الموظفين، فلماذا لا يتم توقيفها أمس قبل اليوم واليوم قبل الغد؟ ماذا تنتظرون؟

هناك سفارات لبنانية في الخارج يزيد عددها عن عدد سفارات الولايات المتحدة في الخارج أو سفارات ​فرنسا​ أو سفارات ​روسيا​، فهل لبنان يحتاج إلى سفارات في الخارج أكثر من حاجة ​الولايات المتحدة الاميركية​ وفرنسا وروسيا إليها؟

لماذا هناك وفود فضفاضة إلى الخارج؟ لماذا لا تتم المشاركة في المؤتمرات والإجتماعات على مستوى السفير المعتمد في هذه الدولة أو تلك؟

بالإمكان القيام بأكثر من إجراء، وبشكل فوري، هكذا الأسواق تتفاعل مباشرة مع الإيجابيات، وهكذا نُعطي إشارات إيجابية إلى الدول المعنية بمؤتمر "سيدر" وإلى ​البنك الدولي​ وإلى ​صندوق النقد الدولي​.

***

أما اذا كانت الأمور عكس ذلك، فلا الاجتماعات تنفع، ولا الوعود تنفع، ولا البيانات تملأ الفراغ.

***

هذا في بعض المقترحات التي يمكن ترجمتها على عجل، ولكن ماذا عن المقترحات الأخرى المطروحة على بساط البحث؟

ان بعض ما هو مطروح هو التالي:

خفض مخصصات الرؤساء والوزراء والنواب والمستشارين بنسبة 50%.

خفض النفقات السرية بنسبة 20%.

خفض بدلات النقل والانتقال في الداخل والخارج ونفقات الوفود والمؤتمرات ونفقات الدراسات وغيرها بنسبة 50%.

تجميد 15% من اجور الموظفين والمتعاقدين والاجراء والمتعاملين و​المياومين​ ومعاشات المتقاعدين، لمدّة 3 سنوات، على ان تعاد لهم بدءا من العام 2022، مع زيادة توازي نسبة التضخم.

زيادة الضريبة على ​القيمة المضافة​ الى 15%.

خفض نفقات المفروشات والتجهيزات بنسبة 50%.

رفع الضريبة على الفوائد من 7% إلى 10% لثلاث سنوات.

إلغاء مبدأ الإعفاء الجمركي لكافة المستفيدين منه بمن فيهم النواب.

زيادة رسم الاستهلاك على صفيحة ​البنزين​ بمبلغ 5000 ليرة.

***

هذا غيضٌ من فيض، لكن الأهم من كل ذلك هو المبادرة إلى التنفيذ، لئلا نبقى غارقين في بحر الوعود واستطراداً على الدنيا السلام.