اشار وزير الدولة لشؤون ​رئاسة الجمهورية​ ​سليم جريصاتي​ الى انه "في ذكرى المجزرة التي لا يمر عليها الزمان أو النسيان، يشرفني أن أقف خطيبا بينكم اليوم، برغبة ودعوة من قيادة الحزب الحليف بشخص أمينه العام، ناقلا إليكم أولا بأول تحيات سيد قصر الشعب، فخامة الرئيس العماد ​ميشال عون​، المتبحر في تاريخ أطياف شعبنا ووطننا والمستشرف أبدا المخاطر التي قد تتهددنا، ما يجعلنا نرد التحية بألف تحية، معاهدين الرئيس بأننا سنظل العضد لعهده ودوره وموقعه ورمزيته، وقسمه بهدف إنهاض مشروع الدولة من كبوته".

وسأل جريصاتي خلال مهرجان خطابي بحضور أكثر من عشرين ألف شخص في كاثوليكوسية الأرمن الأرثوذكس في أنطلياس بتنظيم من الأحزاب الأرمنية الثلاثة: الطاشناق الهنشاك والرامغافار في ذكرى الابادة الارمنية، "كيف لنا أن ننسى ما حل بالأرمن على يد السلطنة العثمانية، وهم ​المسيحيون​ الأول باعتناق مملكتهم الدين المسيحي رسميا في أوائل القرن الرابع، ما جعل من دولتهم تلك الدولة ​المسيحية​ الأولى في ​العالم​؟ وكيف لنا أن ننسى ماذا حل بالسريان والأشوريين والكلدان في مجزرة سيفو على الأرض ذاتها، أرض الظلم والنار والجفاف القاتل في البصائر والضمائر؟ وكيف لنا أن ننسى المجاعة المفتعلة بالحصار في جبل ​لبنان​، والتي قضت على نصف سكانه في الحقبة التاريخية ذاتها وعلى يد الإجرام ذاته، باكورة ​الإرهاب​ الشامل والإبادة الجماعية، أي ما يسمى في العصر الحديث بالجرائم ضد الإنسانية، التي تستهدف بالقتل الجماعي والتهجير القسري والإغتصاب الممنهج ​الجنس​ البشري لأسباب عرقية أو إثنية أو دينية أو بمعرض الحروب التي لا توفر مدنيا أو مسالما أو أسير حرب أو نسوة أو طفولة؟"

وسأل: "كيف لنا أن ننسى، لا لنراكم الحقد الأعمى بل لتعتبر ونعقد العزم على طلب الإعتراف الرسمي بالمجازر تلك والإبادة والتهجير ، حتى نستكين جميعا وتهدأ أرواح شهدائنا الأبرار، فتتحقق في ذلك العدالة الانتقالية Justice traditionnelle إن وجدنا إليها سبيلا؟" وقال: "إن الإصرار على نفي négation الإبادة الجماعية من شأنه أن يجعل الجرح نازفا أبدا وغير مندمل، فتتوالى أجيالنا على ذكرى يرتفع معها شاهقا، جدار فاصل من العداء، مجبول بألم الأجيال وعطشها إلى العدالة، وعصي بالتالي على الهدم والاختراق".

أضاف:" الجدار بمفهومنا نحن أهل القانون الدولي هو عنصري بطبيعته وعدائي، على ما هو حال جدران العدو الإسرائيلي، وهو يأسر من يشيده بحق وعناد ونكران مقيت للحقائق التاريخية، وهو أسر عابر للزمن ومنتقل من جيل إلى آخر، ويحول دون الإعتراف بالذنب، من دون هوادة التفاعل التنقوي للذاكرة وأثقالها وآمال السلام العادل". وقال: "أما اليوم، فأقول لكم أنكم أن أتيتم لبنان، كما أتينا، لنستظل سماء هادئة وسكينة، ونفترش أرضا معطاء وواعدة، حتى إن اكفهر الجو في ما بيننا في بعض الأزمنة الصعبة والمؤلمة من حياتنا العامة، عرفتم أنتم، قبل سواكم، وبسبب تجاربكم القاسية، أن تحافظوا على الوصل والوصال مستحقين بذلك لبنانكم، وقد أصبحتم، بعد ​الطائف​، الطائفة السابعة المؤسسة له، وبالتالي في صلب القرار الوطني الذي تشاركون في صناعته، بجدارة ومسؤولية عاليتين".

اضاف: "قيل يوما أن الألم ملهم المعجزات، فهنيئا لنا ولكم معجزة عيشنا الواحد في ظل عهد واعد، عل الله يلهم سوانا بأن يطرد من قلبه وذاكرته شياطين الماضي الخبيث والتاريخ الثقيل. فلنبعد جميعا ومعا عن أسوارنا أنور باشا وأسياده وأمثالهم من رحم الاستنساخ، فنسلم ويرغد عيشنا إلى الأبد، في وطن أزلي ارتضيناه جميعا وطنا نهائيا لنا وللأجيال القادمة" .