اشارت صحيفة "الغارديان" في مقال بعنوان "امرأة ​السودان​ ذات الثوب الأبيض أيقونة ولكن الحقيقة ليست بهذه البساطة"، الى إنها الصورة التي جذبت أعين العالم إلى الثورة في السودان: شابة ترتدي ثوبا أبيض اللون، وتقف على سيارة وذراعها مرفوع وإصبعها يلوح في توبيخ للنظام بينما يحيط بها متظاهرون. واوضحت أن الشعب السوداني كان يتظاهر منذ أشهر ضد الرئيس المطاح به ​عمر البشير​، ولكن دون اهتمام إعلامي دولي كبير، حتى هذه الصورة التي انتشرت على نحو "مذهل" وتداولتها شتى وسائل الإعلام. واوضحت أن وسائل الإعلام سعت لمعرفة هذه المرأة وقصتها وسبب اختيارها هذا الثوب الأبيض.

ولفتت الصحيفة البريطانية الى إن ​السودانيين​ على شبكات التواصل الاجتماعي قدموا تفسيراتهم لهذا الثوب الأبيض: فقد ارتدت هذا الرداء الأبيض اقتداءا بالمقاتلات والملكات النوبيات، كما أن الثوب هو ما ترتديه المرأة السودانية في مجال العمل، فهو زي المعلمة في المدرسة أو الموظفة في الشركة. واوضحت إنه كما هو الحال مع الكثير من الصور الأيقونية فإن هذه الصورة، على الرغم من قوة مدلولاتها، ليست سوى اختزال وتبسيط لقصة أكثر تعقيدا.

وذكرت أن السودان بلد تحدده انقساماته العرقية منذ استقلاله عام 1956، فالطبقة الموسرة المسلمة ذات الأصول العربية هيمنت على ال​سياسة​ في البلاد وأدارت الحروب الأهلية والصراعات على مدى عشرات السنين. أما الثقافة النوبية، التي تستمد منها صورة المتظاهرة السودانية معطياتها، فتنحصر في شمال البلاد في منطقة أصبح يهمين عليها المنحدرون من أصول عربية. ولفتت الى إنها مفارقة محزنة أن تكون الصورة الأيقونية للثورة على نظام قمعي متهم بجرائم حرب تذكرة بهيمنة الفئة التي يسعى المتظاهرون لإبعادها. واوضحت إن الثوب الأبيض، الذي ترتديه النساء العاملات تقليديا في السودان، يجب أن يذكرنا بأن هذه المرأة هي الاستثناء وليست الصورة العامة للنساء في البلاد.

واشارت الصحيفة إلى أنه في الوقت الذي غدت المرأة أيقونة للثورة السودانية، كان غيرها من النساء في البلاد اللاتي شاركن في الاحتجاجات يتعرضن للتحرش اللفظي والجسدي ويعيرن لأنهن نساء. كما أن المرأة صاحبة الصورة ذاتها تعرضت لمضايقات لمجرد كونها امرأة من القوى الرافضة لتغيير المجتمع والرافضة للتعامل بندية مع المرأة في المجتمع. وختمت بالقول إن الثورات لا يجب أن تكون مجرد تغيير سياسي، بل يجب أن تكون سبيلا لتغيير مجتمعي أكبر.