لم يمرّ نبأ تغيير قائد الحرس الثوري الإيراني المفاجئ يوم الأحد الفائت خبرا عاديّا في الأروقة الدوليّة بعد تصنيف الحرس "ارهابيّا" على اللائحة الأميركية.

فتعيين اللواء حسين سلامي –صاحب مقولة" محو اسرائيل من الوجود" على رأس قيادة الحرس الثوري في ذُروة الكباش مع واشنطن، رسالة بحدّ ذاتها في توقيتها ومدلولاتها، وإذا كانت مؤشّرات مواجهة عسكريّة مباشرة بين الجانبَين غير واضحة حتى الآن رغم ازدياد الضغوط الأميركية على طهران والتي وصلت الى حدّها الأقسى عبر اعلان واشنطن وقف الإعفاءات من العقوبات على استيراد النّفط الإيراني، الا انّ المؤكّد انّ معركة "كسر عضم" بين المحورّين تلوح خيوطها في أفق شرق الفرات وصولا الى الحدود العراقيّة، "على ان يبرز الأخطر في حدثُين عسكريّيَن مُدوّيَين يتصدّران المشهد السوري والعالمي في غضون الأسابيع القادمة"- وفق ما نقلت تقارير صحافيّة عن مصدر في وكالة "تاس" الرّوسيّة، مُرجّحا انّ يُفضي أحد الحدثَين الى هزّة امنيّة غير متوقعة في تل ابيب.

وفي حمأة الضغوط الأميركيّة غير المسبوقة على ثلاثيّ محور المقاومة، ايران وسورية وحزب الله، تحدّثت معلومات عن أوامر تلقّاها مستشارون عسكريّون أميركيّون بالإستعداد لضرب قوات ايرانيّة في سورية بطائرات دون طيّار، تزامنا مع عمليّات رصد تحضّر لتحرّش أوكل لميليشيا "قسد" بالهجوم على مواقع الجيش السوري وحلفاء ايرانيّين في الميادين والبوكمال..ولم تنف مواقع اعلاميّة سوريّة معارضة في المنطقة، استعداد "قسد" وميليشيات مُسلّحة أخرى تابعة لما يُسمّى "مجلس دير الزّور العسكري" و"مغاوير الثّورة"، تجهيز هجوم واسع النطاق على مدينة البوكمال الحدوديّة دعمته واشنطن بكميّات ضخمة من الأسلحة النّوعيّة.

ووسط هدير الشّاحنات المحمّلة بالأسلحة والمعدّات الثّقيلة صوب مناطق سيطرة "قسد" في دير الزور على مدى اسبوعَين كاملَين، ألمحت بعض التسريبات الصّحافية الى انّ دمشق وطهران عازمتان على الحسم العسكري في شرق الفرات وفتح طريق دمشق-بغداد مهما كلّف الأمر، موضحة انّ الخطط العسكريّة وتفاصيلها اعتُبرت مُنجزة منذ الجولة الميدانيّة اللافتة التي قام بها رئيس الأركان الإيراني محمد باقري بدءا من دير الزور، وصولا الى البوكمال، بعد انتهاء اجتماع القمّة العسكريّة التي عُقدت بالثامن عشر من شهر آذار الماضي في دمشق.

ومع بدء العدّ العكسي لرُزمة العقوبات الأميركيّة اللاحقة على طهران، المُزمعة في الثالث من شهر ايار المقبل، والتي ستطال بتداعياتها أكثر من 80 مليون ايراني، وبعد تلويحها بعصا إغلاق مضيق هرمز ردّا على قرار تصفير صادراتها النّفطيّة، يبقى السؤال" هل سيصل هذا الكباش الى المواجهة العسكريّة المباشرة مع واشنطن؟ رغم انّ وزير الخارجيّة الإيراني محمد جواد ظريف، أعلن أمس الأربعاء "انّ طهران لا تريد هذه المواجهة الا انها جاهزة للدفاع عن نفسها".

يُجمع خبراء ومحلّلون عسكريّون على انّ ايّ انزلاق نحو مواجهة عسكريّة بين واشنطن وطهران ستكون "اسرائيل" الخاسر الأكبر فيها، "وانّ الجولان لن يكون بعيدا عن الردّ الإنتقاميّ".. في وقت تشخص الأنظار الى "منازلة" مُرتقبة حامية الوطيس في البوكمال، في سياق السباق المحتدم بين المحورين للسيطرة على طريق دمشق-بغداد، بعدما "أنعشت" واشنطن شرايين اعداد من "داعش" وإيكالهم –الى جانب ميليشيا "قسد"، مهمّة استهداف قوات الجيش السوري سيّما القريبة من هذا الطريق.. وبالتزامن، نقلت معلومات عن مصدر في وكالة تاس الرّوسيّة، اشارته الى انّ تل ابيب لن تكون بعيدة عن معارك الشرق السوري، وقد تزيد استفزازاتها الصاروخية ضدّ سورية عند احتدام المعارك هناك، بهدف المؤازرة في الضّغط، ومحاولة تشتيت القوّات السوريّة والايرانيّة لمنعها من فتح طريق الوصل بين دمشق-بغداد وطهران.

وبحسب المصدر- الذي استعاد واقعة القصف الصاروخي "الإسرائيلي" الأخيرعلى اهداف عسكريّة سوريّة في مدينة مصياف فجر 13 من الجاري، بزعم انها تتبع لقوات ايرانيّة، فإنّه للمرّة الأولى - بخلاف الهجمات "الإسرائيليّة" السابقة، تُوجّه تل ابيب صواريخ انطلاقا من منطقة صيدا اللبنانيّة البحريّة، متوقّفا عند إشارة لافتة مرّرتها صحيفة "معاريف" العبريّة بُعيد ايام، حيث زعمت انّ جثّة الجاسوس "الإسرائيلي" ايلي كوهين، مدفونة في كهف بمدينة اللاذقيّة... فهل ما اوردته الصحيفة المذكورة مجرّد رسالة الى الرّوس وجسّ نبضهم في امكانيّة استكمال ما أنجزوه بقضيّة تسليم رفات الجندي زخاريا باومل الى "اسرائيل؟ ام انها تبرير او تمهيد لهجمات صاروخيّة لاحقة قد تستهدف تلك المنطقة؟

تراقب القيادة السورية وترصد جيّدا ما يحصل على الضفّة المعادية، سواء تل ابيب او انقرة او واشنطن. ودون ادنى شكّ وضعت بالتنسيق مع حلفائها كلّ الخيارات على الطاولة لمواجهة حتى أسوأ السيناريوهات في ظلّ الحصار الأميركي الخانق على سورية..وفيما ينقل موقع "واللا" العبري عن قائد المنطقة الشماليّة في الجيش "الإسرائيلي نؤال ستريك، ترجيحه وصول بطاريّات مضادّة للطائرات" يصعب اكتشافها" الى عُهدة حزب الله، كما تأكيده نشر صواريخ "سي- 802 المضادة للسّفن على شواطئ لبنان وسورية تصل خطورتها الى تهديد السّفن في ميناء حيفا، لم يستبعد المصدر ان تواجه "اسرائيل" في المدى المنظور -ردّا على ايّ عمل استفزازي خطير، إحدى مفاجاتين مُدوّيتَين في الجوّ أو البحر..يعقبها هزّة امنيّة غير مسبوقة في تلّ ابيب.