أفادت صحيفة "الخليج" الاماراتية بأنه "لم يتوقف الحديث عن مرحلة ما بعد ​القضاء​ على تنظيم "داعش" في معاقله الرئيسية، خاصة في ​سوريا​ و​العراق​، فعلى الرغم من أن التنظيم قد جرى سحقه عسكرياً مع نهاية العام 2017 في العراق، وقبل أشهر قليلة في سوريا، إلا أن التحدي الأكبر يكمن في هزمه فكرياً، خاصة أنه يحاول العودة من جديد إلى الساحات التي كانت بيئة خصبة لتوسعه وتمدده، بالذات في البلدان العربية التي تشكل الأرضية التي يتكئ عليها للعودة مجدداً للقتال وإن بأساليب أخرى".

ولفتت إلى أن "داعش" خسر دولته المزعومة، لكن لم يتم إقصاؤه أو حتى إلحاق الهزيمة به كفكرة، إذ لا يزال تأثيره قائماً في المجتمعات التي طرد منها، بعد أن وطد نفوذه فيها لفترة تزيد على الأربع سنوات، من هنا فإن المعركة التي يجب على الجميع خوضها يجب أن تكون موجهة ضد حركات التطرف و​العنف​ التي تحولت للعمل تحت الأرض، كما هو حاصل اليوم في العراق، حيث عادت بعض خلايا "داعش" وبقية التنظيمات ​الإرهاب​ية للعمل من جديد، مستغلة حالة التراخي وعدم الجدية في معالجة الأوضاع التي أدت إلى ظهور التنظيم، بالذات ما يتصل بإعادة تأهيل الأجيال التي تتعرض لموجة من التضليل وغسل الأدمغة تحت لافتات متعددة، وإن كانت كلها تتحدث باسم الدين والحرص على تمثل تعاليمه".

وأشارت إلى أنه "لذا تبدو المعركة في الوقت الحاضر تنحصر في تحديد العوامل التي تؤدي إلى عودة ​التنظيمات المتطرفة​ للعمل في أجواء المناخات السابقة التي ساعدتها على التمدد والانتشار، إذ يجب أن يجري التعامل في الوقت الحاضر والمستقبل أيضاً، مع التحدي المتمثل في القضاء على الإرهاب بوصفه تهديداً وجودياً يمكنه أن يفضي إلى تدمير المجتمعات في البلدان العربية والإسلامية، وهذا الأمر لن يتحقق إلا بمعالجة الأسباب والجذور للتعصب والتطرف، والقضاء على قدرته على استدراج ​الشباب​ المحرومين أو الحاقدين أو المستضعفين ليتحولوا إلى جيش ضد مجتمعاتهم ويتوازى الخطر الذي تشكله التنظيمات الإرهابية في أكثر من بلد عربي، مع خوف مشابه، يتمثل في تنامي وصعود خطر الميليشيات الطائفية، التي صارت تحاصر المجتمعات العربية والإسلامية خاصة في العقود الثلاثة الأخيرة، وبدأت في غرز أنيابها في بؤر عربية مختلفة، من شأنها أن تؤدي في نهاية المطاف إلى تآكل المجتمعات العربية وتعميم الفوضى فيها، خاصة في المجتمعات التي لديها قابلية للتعاطي مع الخطاب الطائفي الذي صار يشكل خطراً داهماً يهدد بتفكيك هذه المجتمعات وإدخالها نفق المواجهات الداخلية".

وأضافت: "إن خطاب الميليشيات الطائفية وممارساتها يقودان إلى تقويض سيادة الدول، من خلال تأجيج الصراع الاجتماعي بشكل يؤثر بصورة خطيرة في الاستقرار الداخلي، كما هو حاصل في أكثر من بلد عربي، خاصة خلال العقد الأخير، والهدف النهائي يكمن بإحلال الميليشيات مكان الدولة الوطنية وتعطيل دورها بالكامل".