فقط عندما تنفذ عمليّة أمنية نوعية في بعلبك–الهرمل ضد أحد المطلوبين وعندما يسقط قتلى أو جرحى من تجّار ومروجي ​المخدرات​، تعود المطالبة بإقرار قانون ​العفو العام​ الى الواجهة من جديد عبر نافذة ​البقاع​ الشمالي، أي المنطقة التي تحمل الرقم القياسي بعدد مذكرات التوقيف الصادرة بحق مطلوبين من أبنائها.

أما في الأيام العادية التي يكون فيها الوضع الأمني هادئاً، فيبقى ملفّ العفو العام طيّ النسيان بالنسبة الى أهالي بعلبك-الهرمل، وقد يكون السبب أنهم فهموا اللعبة جيداً، لعبة العفو العام التي إستثمرت سياسياً قبل الإنتخابات النيابية، إنتهت مع إقفال صناديق الإقتراع وإعلان النتائج.

هذا النسيان لملفّ العفو العام من قبل المطلوبين البقاعيين، يبدو أنه لم ينسحب على عاصمة الشمال ​طرابلس​ حيث يحضر العفو العام في الكثير من خطب الجمعة، وحيث لا ينفك أهالي الموقوفين الإسلاميين عن المطالبة به تارةً في الشارع وتارةً أخرى عبر وسائل التواصل الإجتماعي.

تحت عنوان "العفو مطلبنا وكرامة الإنسان حقنا" جاء تحركهم الأخير في طرابلس وصيدا والبقاع، والهدف من العودة الى الشارع، هو الضغط على جميع المسؤولين المعنيين بهذا الملف، وعلى رأسهم رئيس الجمهورية العماد ​ميشال عون​، لإعادة قانون العفو الى التداول السياسي من جديد بعدما وضع في الدرج بعد الإنتخابات النيابيّة الأخيرة.

في المقابل يرى المتابعون لهذا الملف أن عودة المطالبة بقانون العفو ليست موفّقة أبداً لناحية التوقيت، ويسألون،" من هو الذكي الذي إختار للأهالي هذا التوقيت غير المناسب لإعادة طرح ملف العفو العام في الشارع والمساجد؟ وهل يمكن لمن باءت مطالبته بالعفو بالفشل قبل الإنتخابات النيابيّة، بدفع السياسيين الى إقراره اليوم أيّ بعد الإنتخابات؟ وفي زمن ينشغل فيه سياسيو لبنان بالموازنة العامة وبكيفية خفض الإنفاق والعجز، هل يمكن طرح ملف بحجم قانون العفو؟ وهل يتوقع المستفيدون منه إعادة تحريكه في ظرف سياسي كهذا"؟.

وفي عودة سريعة الى المرحلة التي كان فيها قانون العفو مطروحاً على طاولة المفاوضات، وتحديداً الى الظروف التي أدّت الى رميه في الدرج، تكشف مصادر نيابيّة بارزة أن العقبة الأساسية التي منعت الإتفاق السياسي على مسودة قانون العفو، كانت في القرار المتخذ من قبل الرئيس عون والذي يرفض فيه التوقيع على أيّ قانون عفو سيفرج عن مجرمين تورطوا بجرائم إرهابيّة وتلطخت أيديهم بدماء عسكريين وضباط أكان في أحداث طرابلس بين ​جبل محسن​ و​باب التبانة​، أم في عبرا و​بحنين​ وكذلك بالنسبة الى معارك ​عرسال​ ٢٠١٤ و٢٠١٧ إضافة الى ما شهدته البلدة الحدوديّة من إعتداءات بين هاتين المعركتين. كذلك كان هناك فيتو رئاسي على ضمّ جرائم القتل وتجارة المخدرات والخطف مقابل فدية الى لوائح المعفى عنهم.

لكل ما تقدم، توقّفت المفاوضات السياسيّة حيال قانون العفو وأجريت الإنتخابات من دون إقراره، وبما أن الجوّ السياسي في لبنان اليوم لا يسمح أبداً بفتح ملفّ خلافي بهذا الحجم، فما من أحد يهتم لقانون العفو، لذلك المطالبة به اليوم ليست في محلّها ولن تثمر أكثر من ضجة إعلاميّة لا أكثر ولا أقل، حتى ولو طلب وزير الداخلية الأسبق نهاد المشنوق من وزيرة الداخلية ريا الحسن إعادة فتح هذا الملفّ على مصراعيه.