أكد رئيس حزب "القوات ال​لبنان​ية" ​سمير جعجع​ أن "لا تأثير مباشر لرزمة العقوبات التي سيتعرّض لها "​حزب الله​" و​سوريا​ و​إيران​ على لبنان ولكن يبقى التأثير غير المباشر بحكم وجودنا في المنطقة ذاتها ولكن لا أعتقد أنه سيكون كبيراً"، مشيراً إلى أن "لا مستقبل لحزب الله أو أي حزب إلا بالإنتظام وممارسة دوره في الإطار السياسي والدستوري مثل باقي الأحزاب وفي النهاية لا يتسقيم إلا القانون".

وفي مقابلة مع قناة "العربية"، أوضح أن "تمويل حزب الله ليس على ما كان عليه سابقاً وكلما اشتدت العقوبات على إيران تنعكس سلباً على تمويل الحزب ويظهر ذلك على الساحة اللبنانية باعتبار أن انخفاض التمويل يؤثر جزئياً على قوّته"، لافتاً إلى أنه "يجب ألا ننسى أن حزب الله بجزء كبير منه عقيدة وايديولوجيا وشعور ديني كبير وتاريخي ولكن بجزء آخر لديه متفرغون بأعداد كبيرة ونتكلم هنا عن عشرات الالاف من الذين يتقاضون رواتب بالإضافة إلى مؤسسات اجتماعية ومساعدات كثيرة وبالتالي كل هذا يتأثر".

وشدد جعجع على أنه "لا شك أن النظام الايراني الحالي بوجوده وخصوصاً بنظرية تصدير الثورة تسبب باضطرابات في العديد من ​الدول العربية​ بدءاً من ​اليمن​ وليس انتهاءً بلبنان"، مؤكداً أنه "إذا أردت الحديث الان عن لبنان، فبلدنا لديه مقومات ​الحياة​ الدستورية وله تاريخ كاف يسمح بتخطي هذه التحديات وهذا التأثير، حتى لو لم يسقط النظام ككل في إيران".

واعتبر أنه "من الممكن أن يأخذ البعض على اللبنانيين انهم لا يقاومون بشكل كاف من أجل قيام دولة فعلية ولكن برأي ما حصل حتى الآن ليس بقليل قد لا يكون بمستوى طموحاتنا في الزمان والمكان ولكن عاجلاً ام آجلاً سنصل الى قيام دولة فعلية في لبنان تملك كل القرار الاستراتيجي وقرار ​السلاح​ من دون أي أحد آخر"، مشيراً إلى أن "الانطباع عن أن لبنان أصبح دولة حزب الله غير صحيح على الاطلاق وهناك الكثير من الواقعات ولو واقعات صغيرة تدل على عكس ذلك".

وأوضح أنه "منذ شهر تقريباً تم تشكيل المجلس الاعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء وحاول حزب الله كثيراً أن يضم عضواً له فيه وهو النائب البير منصور إلا أنه لم يفلح في ذلك وسقط خياره وانتصر خيار نائب آخر من "14 آذار" الاقحاح وهو النائب ايلي حنكش من حزب الكتائب اللبنانيّة"، مشيراً إلى أنه "في ما يتعلق بتعطيل الرئاسة لم يكن الفعل لحزب الله وحده، فالحزب وحلفاؤه المباشرين لم يكن باستطاعتهم تعطيل انتخابات الرئاسة ولكن حصل ذلك بوجود كتلة كبيرة مثل كتلة التيار الوطني الحر".

وشدد جعجع على أنه "لم يكن "حزب الله" من يعطل الرئاسة بل "التيار الوطني الحر" وذلك ليتمكن من إيصال مرشحه الى رئاسة الجمهورية"، مشيراً إلى أنه "في كثير من الأوقات هناك نوع من تقاطع المصالح بين "حزب الله" وفرقاء وأحزاب أخرى تؤدي إلى فعل ما يظن البعض انه من فعل حزب الله وحده إلا أن حقيقة الأمر ليست كذلك".

ورأى أنه "في اي موقف يخرج به الآن حزب الله من دون تقاطع مصالح مع فريق آخر نرى أنه لا يستطيع الوصول إليه، ما يدل على أنه وحلفاؤه المباشرين اقلية وليسوا أكثرية"، معتبراً أن "أي حزب عملياً بحجم "حزب الله" لديه بشكل مباشر 3 وزراء كما لديه كحلفاء مباشرين كحركة "أمل" بـ3 وزراء وحليفين آخرين موجودين في الوقت الحاضر في تكتل التغيير والإصلاح".

وأكد أنه "من الممكن أن يختبئ في بعض الأحيان "حزب الله" وراء حركة "أمل" إلا أنه في الأمور التكتيكية المتعلقة بإدارة الدولة وبعض الأمور الاخرى فلا وهذا أمر نشهده دائماً على طاولة مجلس الوزراء وفي مجلس النواب"، مشدداً على "أننا لم نعلن الهدنة مع حزب الله وسلاحه وعدم القتال بشكل مستمر وفي كل الأوقات لا يعني الهدنة باعتبار أنه يجب ألا يتم القتال شمالاً ويميناً من دون سبب".

ولفت إلى أنه "لا يمكن أن تتم الهدنة المزعومة مع حزب الله لسبب بسيط وهو لإيماني الراسخ انه بوجود سلاح حزب الله لا يمكن أن تقوم دولة لبنانية فعلية وجمهورية قوية كما نريدها".

وشدد جعجع على أن "هناك صفقة بين كثير من القوى السياسيّة في لبنان إلا أننا لسنا فيها ولم نكن فيها في أي لحظة من اللحظات"، معلناً أن "يدنا حرة في معارضة اي موقف او تأييد اي موقف ولا يتم توجيه أصابع الاتهام نحونا لسبب بسيط وهو أنه عندما لا يكون هناك شيء ليس باستطاعة أحد اتهامنا بشيء".

ورأى "أننا لسنا على شفير ثورة اجتماعية أو انهيار اقتصادي بمعنى الانهيار الكبير إلا أن البلاد تتخبط في صعوبات اقتصادية مالية هائلة وهذا أمر، فيما الثورة الشعبية أمر آخر، ولكن من الممكن اذا لم تُتخذ التدابير المطلوبة ان تشهد الحكومة ايام صعبة جداً"، مؤكدا أن "هناك الكثير من الخطوات المطروحة التي تناقش في الوقت الحاضر على طاولة مجلس الوزراء ونحن لن نتخذ موقفاً من أي قضيّة كالاقتطاع من الرواتب أو رفع سعر البنزين قبل ان نرى السلة متكاملة في هذا الصدد".

وأشار إلى أنه "بالنسبة لرؤيتنا في هذا الإطار فنحن كحزب نعتقد أنه يجب البدء من الامكانيات المالية الضخمة ثم التدرج نزولاً اذا اضطررنا النزول الى بعض الامكانيات الاقتصادية الصغيرة، لنتمكن من تقويم الوضع"، لافتاً إلى أنه "بكافة الاحوال يمكنني أن أقول إننا لا نوافق على الزيادة على البنزين باعتبار أننا لسنا بحاجة لخطوة مماثلة إذا ما بدأنا المعالجة من حيث يجب أن نبدأ".

وشدد جعجع على أن "هناك فساد حقيقي في قسم كبير من الطبقة السياسية، ومن الممكن أن نأخذ ملف الكهرباء كمثال باعتبار أنه لم يعد مسألة افتراضيّة وإنما لمسناها في العديد من الأمكنة لمس اليد"، موضحاً أنه "في ما يتعلق بالنفط لا شيء ملموس في الوقت الحاضر ونحن نتابع هذا الملف لنعرف ماذا يحصل فيه".

وأكد أنه "باستطاعة "القوّات" اليوم ولو كان عدد وزرائه 4 من أصل 30 وزيراً ان يواجه في مجلس الوزراء للوقوف في وجه كل الصفقات المفترضة"، مشيرأً إلى "أنني سأعطي فكرة عن المنطقة كما أراها، فالأساس اليوم هو ان المواجهة الاميركية مع حلفائها والإيرانية مع حلفائها مواجهة جدية ولا أراها موقتة او مرحلية او تكتيكية وإنما حتى إشعار آخر ذاهبة الى النهاية وهذا لا يعني بالضرورة ان المرحلة عسكرية وأكبر دليل على أنها ذاهبة حتى النهاية، ما سمعناه في الايام الماضية ومفاده ان الاستثناءات التي أعطاها الاميركيون في مرحلة أولى عن النفط الإيراني ستتوقف".

ورأى أنه "من الآن وحتى الثالث او الرابع من أيار سيكون هناك مشكلة كبيرة بتصدير اي نفط إيراني وهذا سيزيد التوتر في المنطقة"، معتبراً أنه "مع اشتداد الخناق على الاقتصاد الإيراني من الممكن أن تفكّر ايران في ان تقوم بردة فعل في اي وقت من الأوقات لان الاقتصاد يوازي العسكر والامن حكماً".

وشدد جعجع على أنه "في أي وقت من الأوقات يمكن لإيران ان تقوم بردة فعل غير محسوبة في مكان ما، إلا أنه في الإجمال الإيرانيون يحسبون جيداً ولكن لا أحد يعلم وبتقديري واعطي مثلاً مضيق هرمز فاذا صار اي ردة فعل إيرانية في غير مكانها لن تمر بسهولة لان الجو العام هو جو تصعيدي من قبل كل القوى"، مشيراً إلى أن "لبنان يعتمد ​سياسة​ خارجية تسمى سياسة "النأي بالنفس" والدولة كدولة تلتزم بها ولدي في هذا الإطار أمثلة عدّة عن التزام الدولة هذه السياسة".

وأكد أنه "صحيح أن بعض القوى داخل الدولة كـ "حزب الله" مثلاً ومن وقت لآخر وزير الخارجية جبران باسيل لا يلتزمون بـ"النأي بالنفس" للأسف ولكن الدولة كدولة ملتزمة لذلك أرى أن الوضع في لبنان سيبقى بالهدوء الذي هو فيه اليوم"، مشدداً على أن "علاقات لبنان مع دول الخليج وخصوصاً المملكة العربيّة السعوديّة ودولة الإمارات العربيّة المتحدة في الوقت الراهن جد طبيعية ولم تسترجع بعد حرارتها السابقة ما بين العامين 1990 و2010 ولكنها عادت طبيعية"، معتبراً أنه "يجب ألا ننسى أن الخليج، ان كان المملكة العربية السعودية أو دولة الإمارات، له اهتمامات أخرى ملحة أكثر من لبنان أهمها اليمن".

ورأى أنه "لا يمكن للرئيس الأميركي دونالد ترامب أن يحوّل بشطبة قلم الجولان أرضاً إسرائيليّة لأن هذا الأمر هو فقط على ورقته باعتبار أن هناك بعض الامور التي لا يمكن حتى للولايات المتحدّة القيام بها"، مشدداً على أن "القدس والجولان ليسا تصريحاً يقوم به ترامب".

واعتبر جعجع أن "هناك العديد من المشاكل التي نعاني منها مع نظام الأسد على مرّ 50 سنة متواصلة ووصل به الدرك إلى احتلال لبنان، لذا فترسيم الحدود يمكن أن نعدّها آخر مشاكلنا معه، في ظل كل المشاكل التي نعانيها كقضيّة الأسرى اللبنانيين والمفقودين اللبنانيين في السجون السورية"، لافتاً إلى "أنني لا أرى أن نظام الرئيس السوري بشار الأسد سيستمر فنحن بانتظار دولة سورية جديدة من أجل العمل معها على ترسيم الحدود".

وشدد على أن "نظام الأسد لم يستعد شيئاً وليس بمقدوره استعادة أي شيء وإذا انسحب الإيرانيون يسقط وإذا انسحبت روسيا يسقط نظام الأسد والإيرانيين معاً"، مؤكداً أن "المعادلة معروفة يمكن اعتبار السلطة في سوريا موجودة عملياً بين أيدي الإيرانيين والروس والأميركيين والأتراك وبالتالي لا يمكن الحديث عن دولة موجودة في سوريا".

واعتبر جعجع أن "لبنان الرسمي لا يطالب بعودة بشار الأسد إلى جامعة الدول العربيّة وإنما وزير الخارجية جبران باسيل بصفته الحزبيّة باعتبار ان الحكومة لها رأي آخر في هذه المسألة"، مشيراً إلى أنه "في ما يتعلق بالطرح الروسي كحامي الاقليات انا لا أرى ذلك، وإنما أرى بشكل مستمر وكسياسة كل دولة كبرى ان روسيا هي حامية مصالحها في الشرق الأوسط، ولا تضحي بها لا في سبيل اقليات ولا اكثريات".

وشدد على أنه "في السنوات السبع الأخيرة أصبح لدينا انطباع ان الاكثريات هي من أصبحت بحاجة إلى حماية في المنطقة وليس الأقليات"، معتبراً "أننا لا نشعر كمسيحيين بأننا اقلية بالمنطقة وعند الحاجة ندافع عن أنفسنا".

وأكد جعجع أن "في اليمن هناك اقلية حوثية، من دون الخلط بينهم وبين الزيديين، وللأسف اعطتهم ايران حجم اكبر من حجمهم كما شاءت الظروف ان يقوموا بتحالفات معينة مع الرئيس الراحل علي عبدلله صالح الأمر الذي أدى الى ما أدى اليه"، موضحاً أنه "في ما يتعلق بالسودان والجزائر فما يحصل الان هو ما حصل في لبنان عام 2005 تقريباً ويكشف عن حضارة ورقي رغم صعوبة الأوضاع في هذان البلدان، لذا اقصى تمنياتي ان تصل هذه الثورات الشعبية الى نهاياتها السعيدة فهي قطعت أشواط لا بأس بها ولكن أمامها أشواط أخرى على أمل ان تجتازها بسلام".