حين قـام ولي العهد السـعودي الأمير محمد بن سلمان MBSبـالإجـراءات فـي فندق "الريتز كارلتون"، كانت هذه الإجراءات محط أنظار العالم الذي كان يتابعها بدقة، وكانت البورصات العالمية وكبريات شركات المال والاستثمارات والتدقيق تتابع لحظة بلحظة ما يجري لأن من شأن هذه الإجراءات ان تؤدي، أو ان تتسبب بتطورات أو بمفاجآت في البورصات العالمية، لِما للسعودية من أهمية عالمية سواء على مستوى ​النفط​ أو على مستوى ​العالم الإسلامي​.

بعد سنة ونصف سنة على هذه الإجراءات، بات بالإمكان القول إنها كانت الأجرأ في تاريخ المملكة العربية ​السعودية​، وحققت ما يمكن إعتباره أنه جاء لمصلحة المملكة وشعبها، والاجراءات لا لزوم لسردها إنما وبالخلاصة رُدّ لخزينة المملكة نحو 400 مليار ريال سعودي، أي ما يتجاوز المئة مليار ​دولار​ اميركي فقط لا غير.

***

لنقارن الوضع عما نحن عليه في ​لبنان​، بما هو عليه في ​المملكة العربية السعودية​. لو أن الأمير محمد بن سلمان MBS إعتمد "الآلية اللبنانية" في ​مكافحة الفساد​، وهذا الهدف الأساسي وليس فذلكات إفراغ ما بقي من جيوب الناس، هل كان وصل إلى نتيجة؟

كان عليه ان ينتظر مَن يتقدَّم بإخبار.

وبعد الإخبار تتم إحالة الملف إلى التحقيق.

ويجب إنتظار تحديد موعد للإستدعاءات.

يبدأ التحقيق وتبدأ المداخلات.

إذا كان المستدعى من طائفة معينة، يجب التفتيش عن ملف لمستدعى من طائفة اخرى على قاعدة "ستة وستة مكرر" لئلا يُعتبر ملف محاربة الهدر والفساد وكأنه استهداف لطائفة أو مذهب أو عشيرة.

وحتى لو تم فتح الملف فإن هذا القاضي أو ذاك ربما "يراجع مرجعيته الطائفية" التي سعت لتسميته في هذا الموقع أو ذاك، فماذا لو طلبت منه مرجعيته التريث في تحقيقاته وأحكامه؟

نتحدث هنا عن ملف واحد لا غير، فإذا كان ملف واحد يأخذ كل هذا السجال والأخذ والرد، فكيف سنصل إلى فتح كل الملفات التي تسببت بعجز في خزينة ​الدولة اللبنانية​ بلغ المئة مليار دولار؟

***

هذه الآلية، بالتأكيد لا تنفع! ماذا ينفع إذًا؟

إنها "آلية" الأمير محمد بن سلمان MBS:

"الريتز كارلتون" يكون في فندق "فينيسيا" إذ يستوعب أعداد المتورِّطين في ​السرقات​ والصفقات: لا مداخلات من أحد ولا شفاعات لأحد ولا شفقة على أحد: الشفقة الوحيدة يجب ان تكون على ​الشعب اللبناني​ الذي هو صاحب الحق في الاموال المنهوبة ليتم صرفها على ​المستشفيات​ و​المدارس​ و​معالجة النفايات​ وتوفير ​الكهرباء​ وخلق فرص العمل.

***

من دون هذه الآلية، عبثًا التفتيش عن الإصلاح، إذا لم يتمّ ردّ المال المسلوب الى خزينة الدولة اللبنانية.

فمنذ ان بدأت هذه الحملة في لبنان، أين أصبحت التحقيقات؟ وما هو الملف الذي وصل إلى خواتيمِهِ بتوقيف المرتكبين ولنبدأ بإسترداد ولو مليون دولار من المال المسروق، ربما يكفي لنشعر ان حرب الفساد فعلاً قد بدأت.

لا يوجد أي ملف سلك طريقه إلى النهاية، فالملفات إما أنها لا تفتح، بقدرة قادر، وإما انها تُفتَح لكنها تُعلَّق أو تُجمَّد، وإما انها لا تصل إلى خواتيمها المطلوبة.

***

ماذا يعني كل ذلك؟

نحاول ان نكون إيجابيين، لكن ما نشهده لا يبشر بالخير، الشيء الوحيد الذي يُعطي نتيجة هو:

عودوا إلى "آلية" محمد بن سلمان MBS.

وإلاّ فذلكوا وخفّضوا وأضيفوا وقسّموا على سنوات قدر ما أمكنكم وبالنهاية، الطامة الكبرى ستقع على الناس ولن تخسروا شيئاً من جيوبكم حتى أذانكم مقفلة لن تسمعوا أنينهم.

ودمتم لإنفسكم.