أكد ​البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي​ خلال استقباله وفد من الحجاج الفرنسيين برئاسة راعي ابرشية "بوفي" الفرنسية المونسنيور بونوا غونان أن "العلاقة بين ​الكنيسة المارونية​ و​فرنسا​ تعود الى قرون مضت وهي علاقة وطيدة وتاريخية و​البطريركية المارونية​ تحتفل سنويا بإثنين ​الفصح​، وترفع ​الصلاة​ في الذبيحة الإلهية التي تقام على نية فرنسا في حضور السفير الفرنسي وطاقم السفارة، للتأكيد على عمق وقوة هذه العلاقة".

ولفت الى "ميزة ​لبنان​ في عيشه المشترك بين ابنائه مسلمين ومسيحيين والتي تعتبر فريدة في دول المنطقة،" مشيرا الى ان "الحرب في الشرق فرضت فرضا من دول تهمها مصالحها الخاصة ولا تكترث بتاريخ شعوب أصيلة لها حضارة وثقافة عريقة، وكل ما يهمها تحقيق مكاسب استراتيجية واقتصادية وغيرها على حساب كرامة وحرية وسلام وأمن واستقرار شعوب منطقة ​الشرق الأوسط​، والمتضرر الأكبر من هذه الحرب هم ​المسيحيون​ الذين هجروا من أوطانهم من ​العراق​ و​سوريا​ وتشتتوا حول ​العالم​".

ودعا الاسرة الدولية، ولا سيما فرنسا نظرا للعلاقة التي تربطها بلبنان، إلى "وجوب ايجاد حل للأزمة السورية فيعود ​النازحون السوريون​ الى ارضهم ويكملون تاريخا غنيا بالحضارة والثقافة والتراث والتقاليد".

من جهته، لفت المونسنيور غونان إلى "أنني تأثرت كثيرا بما قاله صاحب الغبطة وبما عرضه من وقائع عن هذه المنطقة في العالم واكثر ما لفتني ان لبنان هو بلد لا يعرف الإستسلام فهو لطالما أعاد بناء ما تهدم، كذلك هو بلد يتجدد يوميا وأود كمسيحي، وفي مواجهة التحديات ​الجديدة​ التي نواجهها اليوم والتي ليست على الصعيد السياسي وحسب، وانما ايضا على الصعيد الديني والعلاقة بين الاديان، والصعيد الكنسي والإجتماعي، ان تكون لدينا هذه النظرة للأمور. نحن نبتكر الأفضل بنعمة الرب وبقوة انجيل ​يسوع المسيح​ نرى امورا جديدة، وعلى ضوء ​الإنجيل​ نعيش بإخلاص لإرثنا وانما ايضا بجرأة لكي نتفق معا على بناء مجتمع يتمكن فيه الجميع من العيش باحترام متبادل".

ثم التقى الراعي محافظ ​جبل لبنان​ القاضي ​محمد مكاوي​، يرافقه مدير عام ​وزارة الأشغال​ ​طانيوس بولس​، قائمقام ​كسروان​ ​جوزيف منصور​، ورئيس اتحاد بلديات كسروان ​جوان حبيش​، وذلك في اطار الجولة التي يقوم بها في منطقة كسروان للإطلاع على "أداء الخدمة الإدارية في عدد من ادارات الدولة على الصعيد البيئي والإنمائي والصحي والإجتماعي، ومراقبة تنفيذ المشاريع الحيوية في عدد من المناطق".

بعدها، استقبل الراعي رئيس بلدية "نويللي سور سين" جان كريستوف فرومانتين، يرافقه رئيس جمعية الصداقة الفرنسية اللبنانية في "نويي" كارلوس فضول، وكان تبادل للآراء حول موضوع العالمية اليوم، وتأثيره على كافة الأصعدة ومن بينها على الصعيد الكنسي.

وأكد الراعي ان "الكنيسة العالمية هي الكنيسة التي تحتضن جميع المسيحيين على تنوعهم، وتوجد فيها وحدات يجب ان تحترم بعضها البعض والا تسعى ابدا لإقصاء اي وحدة من بينها، لأنه بالحفاظ على هذه الوحدات ومساعدتها يمكننا الحفاظ على الكنيسة العالمية"، معتبراً أن "هذا "التنوع بين الاديان يشكل لوحة فسيفساء فاذا اقتلعنا احد حجارتها نشوهها. لذلك يجب الحفاظ عليها كما هي، فهذا التنوع يخلق وحدة، وهذا ما نعيشه في وطننا لبنان"، مشددا على ان "التحدي اليوم هو بين التماثل والعالمية، فالتطابق اوالتماثل هو امر ممل بعكس التنوع الذي يكسر الروتين ويدعو الى اكتشاف اشياء جديدة. ف​الموارنة​ مثلا ينتشرون حول العالم ولكنهم يحافظون على طقوسهم وهويتهم وارثهم وتاريخهم وهذه هي الفرادة، هم لا يذوبون في جماعات مسيحية اخرى. ويبقى سلاح الكنيسة في مواجهة التحديات واحد وهو الصلاة والحقيقة كما قال قداسة ​البابا​ يوحنا بولس الثاني".