إنه أسبوع عمل طويل، لم تعتد ​الحكومة اللبنانية​ على مثله، جلسات متلاحقة ل​مجلس الوزراء​، وصولًا إلى جلسات في عطلة نهاية الأسبوع للإنتهاء من درس الموازنة وإرسالها إلى رئاسة ​مجلس النواب​ لأحالتها إلى ​لجنة المال والموازنة​ ثم إلى ​اللجان النيابية المشتركة​ ثم إلى الهيئة العامة لمناقشتها والمصادقة عليها لأصدارها في قانون.

***

هل تنجح الحكومة في هذا التحدي، وهي غير معتادة عليه؟

في الظروف العادية، تعقد الحكومة جلساتها مرة في الأسبوع على أبعد تقدير، وأحيانًا يمرّ أسبوعان من دون ان تعقد أي جلسة، لكن هذه المرة "الأَحمال على الأَكتاف"، ولم يعد بالمقدور الإنتظار أو التحمل للأسباب التالية:

1- في الآخر من أيار تنتهي الدورة العادية لمجلس النواب، فإذا لم ينتهِ درس الموازنة العامة للعام 2019، فهذا يعني الإضطرار إلى فتح دورة استثنائية، مع ما يعني ذلك من تمادٍ وتأخير في الموازنة.

2- السبب الثاني الذي يحتم الإسراع في إصدار الموازنة بقانون هو ان صلاحية الصرف على القاعدة الإثنتي عشرية تنتهي أيضًا في 31 أيار الحالي أيضًا، ما يعني ان هناك "زركة في المهل" سواء على مستوى إنجاز الموازنة أو على مستوى وقف العمل بالصرف على القاعدة الإثنتي عشرية. فهل هذا يعني العودة إلى الإنتظام العام اعتبارًا من الأول من حزيران المقبل؟

***

دعونا نتفاءل، ولكن أبعد من إنجاز الموازنة، لا بد من التفتيش عن تمويل لها، وهنا تكمن العقدة الكبرى، فمن أين سيأتي التمويل؟

استطرادًا، ماذا عن الأموال المنهوبة سواء في التلزيمات أو في المشاريع أو الصرف المتمادي للجمعيات وغيرها؟

بدايةً، لا بد من التوضيح أن المال المهدور هو المال العام والمؤتمن عليه مَن يتولون مسؤولية عامة... والمحاسبة يجب ان تطال:

المؤتمنين على المال العام الذين أعطوا التلزيمات، هؤلاء هم الذين يجب ان يُحاسبوا لأنهم يقعون تحت بند "إستغلال السلطة" على كل مستوياتها.

كل البلد كان يعرف كيف تحصل التلزيمات، ومن أين تأتي التعليمات لإنجازها، فلماذا لا تتم الإستدعاءات من أجل الحصول على الأموال المنهوبة؟

من هنا يجب الانتباه إلى ما يلي:

إن مكافحة الفساد يجب ان تنطلق من ​القطاع العام​ للوصول الى امتداداته، إذا وُجِدَت، في ​القطاع الخاص​، فالمال موجود في "ايادٍ رسمية" والمحاسبة تبدأ منها، فإذا كان هناك من هدر فإن هذا الهدر يبدأ من اليد التي وقّعت على التلزيمات والتعهدات سواء في الخليوي أو في الطرقات أو في الكهرباء أو في غيرها. والخلاصة هي التالية: فتشوا في اوراق مَن لزَّموا وليس في أوراق مَن نالوا التلزيمات.

***

في سياق آخر لا بد من التعريج عليه:

"حلَّوا عن المصارف"... ففي الوقت الذي تتعرض فيه المصارف لأبشع الحملات، فإن وفدًا منها سيزور مطلع الاسبوع المقبل ​الولايات المتحدة الأميركية​ وان اللقاءات ستكون مع مسؤولين في الخزانة الاميركية والكونغرس.

السؤال هنا: كيف يواصل هذا القطاع الدفاع في وجه الحملات، في وقت تتواصل الهجمات المغرضة عليه؟