يتحدثون في العلن عن ضرورة ضبط الحدود ووقف التهريب على أنواعه عبر الحدود ال​لبنان​ية السوريّة، وفي مجالسهم الخاصة، يبحثون عن كيفية التقشّف المالي عبر تخفيض موازنة ​وزارة الدفاع​ و​الجيش اللبناني​.

نعم هو حال بعض السياسيين الذين لا يدرون ماذا يفعلون، لأنّهم يعبثون بالمؤسسة الوحيدة التي يمكن الإتّكال عليها حقاً بالحزم والضرب بيد من حديد بعيداً عن أيّة حسابات، عندما يتعلق الأمر بالحفاظ على السلم الأهلي ومواجهة ​الإرهاب​ وضبط ​الأمن​.

يحاول البعض من السياسيين التذاكي على المؤسسة العسكريّة، من خلال التسليم بعدم وجود أي نية للمسّ برواتبهم وبالتقديمات الطبيّة والمدرسيّة التي يحصلون عليها مع عائلاتهم، مقابل ضغط يمارسونه لإلغاء التدبير رقم ٣ الذي اعتمد بقرار من ​مجلس الوزراء​ عام ١٩٩١ يوم كُلّف الجيش بحفظ الأمن في الداخل وعلى الحدود، ويعطي العسكريين بعد تقاعدهم تعويضاً قيمته ثلاثة رواتب عن كل سنة خدمة. ورداً على هذا التذاكي، تسأل مصادر عسكرية متابعة، " هل يعرف هذا البعض مدى خطورة طرح كهذا؟ بالتأكيد لا والجواب في هذه الأرقام. على الحدود اللبنانية–السورية التي تبدأ في عكار وتنتهي في شبعا، تنتشر أفواج الحدود البريّة الأول والثاني والثالث والرابع، وعديد هذه الأفواج يتخطى الـ٥٠٠٠ عسكري، هذا في حال التدبير رقم ٣، يبلغ طول هذه الحدود ٣٧٥ كلم، ما يعني أن عدد العناصر المنتشرين في الكيلومتر الواحد هو ١٣ فقط، مع الأخذ دائماً بعين الإعتبار التداخل الجغرافي للحدود، وما يمكن أن ينتج عنه من صعوبات أمنية في ضبطها. نعود ونذكّر إن رقم الـ٥٠٠٠ آلاف عسكري هو في ظل التدبير رقم ٣ وهنا لا بدّ من توضيح أمر مهم أن هؤلاء لا تصل نسبة خدمتهم أو تواجدهم في المراكز الحدوديّة المتقدمة الى أكثر من ٧٥٪‏ إلا في الحالات الإستثنائيّة التي يكون فيها الجيش محجوزاً. في الأيام العادية، هناك مأذونيات تعطى لنسبة ٢٥ ٪‏ من هؤلاء العسكريين والضباط، أما إذا ألغينا التدبير رقم ٣ الذي يرفع حال الجهوزيّة والإستنفار الى مستوى أمني عالٍ، وإعتمدنا التدبير رقم ٢، فتنخفض نسبة الخدمة لدى الوحدات المنتشرة على الحدود الى خمسين في المئة أي الى ٢٥٠٠ عسكري فقط، ما يعني أن عدد العسكريين المنتشرين في الكيلومتر الواحد لن يتخطى الـ٦ فقط. أما إذا صدر القرار عن مجلس الوزراء بإعتماد التدبير رقم ١ فنسبة الذين يخدمون على الحدود ستنخفض الى ٢٥٪‏ أي بمعنى آخر لن يبقى على ​الحدود اللبنانية السورية​ إلا ١٢٥٠ عسكرياً أيّ بمعدل ٣ عسكريين في الكيلومتر الواحد، وهذا أمر يقرّره مجلس الوزراء مجتمعاً ويتحمّل مسؤولية تبعاته.

أخطر من هذا الطرح هو ما يحكى عن توجّه تقشّفي يقضي بالإبقاء على التدبير رقم ٣ للوحدات المنتشرة على الحدود مقابل إعتماد التدبير رقم ٢ للوحدات المنتشرة في الداخل أي على مداخل المخيّمات وفي ​طرابلس​ و​بيروت​ والمناطق الأخرى، والتدبير رقم ١ للعسكريين الذين يخدمون في المراكز والثكنات الثابتة أيّ من الإداريين واللوجستي، وهنا يطرح السؤال، هل يمكن للوحدات المنتشرة على الحدود أن تخدم في المواقع المتقدمة من دون دعم لوجستي من الثكنات؟ من دون أكل وشرب ومحروقات وألبسة وأمتعة؟ ألا يعرف هذا البعض من السياسيين أنّ هذا الدور تلعبه الألوية التي تخدم في الثكنات؟ وهل يدرك هذا البعض مدى خطورة التمييز بين صفوف العسكريين وتحويل الجيش الى عسكري حدودي تعويضه يفوق ٣ أضعاف تعويض زميله الذي يتساوى معه من حيث الرتبة؟! كل ذلك فقط لأنّ الأول يطبّق عليه التدبير رقم ٣ وهو يخدم بحسب التدبير رقم ١؟!.

نعم هم يعبثون بآخر حصن مؤسساتي في لبنان، وهم لا يدرون ماذا يفعلون!.