أتى حديث رئيس ​الحزب التقدمي الإشتراكي​ ​وليد جنبلاط​ عن "عدم لبنانيّة مزارع شبعا" على قناة "روسيا اليوم" في ذروة الخلاف بين "التقدمي" و"​حزب الله​" بشأن المجمّع الصناعي الذي يملكه آل فتّوش في عين دارة. أراد جنبلاط يومها أن يرفع من سقف شروطه بعدما لمس من الحزب تصلّباً شديداً في تبنّي قرار وزير الصناعة السابق النائب ​حسين الحاج حسن​. لكن الحزب زاد بالمقابل من تصلّبه لأسباب عدة:

-أوّلا، للتأكيد على أنّ وزيره الحاج حسن "تصرف بحسب القانون والشروط البيئيّة والصناعيّة التي ثبّتتها دراسة الأثر البيئي والاحكام القضائية التي أعطى على أساسها الحاج حسن مجمع عين دارة الرخصة التشغيليّة".

-ثانيا، ان الحزب يعرف ان تحرّك جنبلاط "يعود إلى مطالبته بحصص في معمل الإسمنت، لا أكثر ولا أقل".

-ثالثا، ان جنبلاط تخلّى عن عنوان سياديّ يعتبره "حزب الله" خطاً أحمر، أيّ لبنانيّة مزارع شبعا.

وبحسب المعلومات فإن رئيس ​المجلس النيابي​ ​نبيه بري​ كان تواصل سريعاً مع جنبلاط بعد تصريحه حول مزارع شبعا، طالباً منه وقف التصعيد، ووعده بالتدخّل لدى الحزب لحل المعضلة، فأبدى جنبلاط إيجابيّة. وعلى هذا الاساس أبلغ برّي الحزب "أنّ ما قاله جنبلاط حول المزارع لن يكرّره، وأصبح خلفنا". لكن "حزب الله" الذي كان ألغى إجتماعه بجنبلاط إستمهل أياماً عدّة للتجاوب مع طرح رئيس المجلس بالجلوس مع وفد "الإشتراكي" في عين التّينة. وما زاد من تمسّك الحزب بموقفه هو قرار ​مجلس شورى الدولة​ الذي ثبّت فيه شرعيّة وقانونيّة الترخيص الصناعي الصادر عن الحاج حسن.

تروي المصادر المطّلعة أنّ برّي حاول ترطيب الأجواء للخروج باتّفاق تسوية بين الفريقين، فأمسك العصا من وسطها، وإستخدم أسلوبه الخاص كونه يمون على "حزب الله" وجنبلاط معاً، لكنه لمس تصلّب الفريقين برأيهما في مقاربة موضوع المجمّع الصناعي في جرود عين دارة. فما كان من بري الاّ أن قال أمام المجتمعين عنده في ​عين التينة​ أمس الأحد: هناك أحكام قضائيّة مبرمة يجب الإلتزام بها، كي لا تتعرّض خزينة الدولة للعُطل والضرر والربح الفائت اليومي جرّاء عدم تنفيذ الاحكام التي قضت بتشغيل المجمّع الصناعي.

تقول المصادر المطّلعة أنّ وفد "حزب الله" أيّد كلام بري، لكن وفد "التقدّمي" لم يبدِ حماسة لحديث رئيس المجلس، متذرّعاً بالأهالي، فتمّ بعدها طرح سؤال على "الإشتراكيين": ماذا سيكون موقفكم في حال كان لكم حصة في المجمّع؟ فجاء الرد سريعاً: عندها يختلف الموقف.

تضيف المصادر أنّ "حزب الله" تسلّح بما ورد في الحكم القضائي، الذي كانَ إستند إلى دراسة الأثر البيئي، وهو ما يناقش به "حزب الله" الفريق "الإشتراكي"، فيردّد ما جاء في الدراسة: "ان المجمّع يقع في منطقة جرداء قاحلة (لا مصادر مياه ولا غطاء نباتي)، ويبعد موقعه 15 كلم عن بلدة عين دارة مرورا بالمديرج، ف​ضهر البيدر​، وصولا الى موقع المجمّع، ولا يوجد أيّ تجمع سكني ولا مدارس او مستشفيات او مبانٍ رسميّة بجواره، ولا معالم ثقافيّة او تاريخيّة او آثار ينبغي الحفاظ عليها ضمن هذا الشعاع"، عِلمًا ان الموقع مكرّس ومصنّف بأحكام قضائيّة: 395/ 2001، و 347/2003، ومؤكّد بتوصية نيابيّة بتاريخ 15 تموز 2003.

والأهم في النقاشات التي تجري هي أن دارسة الأثر البيئي التي إستند إليها كل من الحاج حسن والقضاء تحدّثت عن أنّ المعدّات التي ستعمل في المجمّع الصناعي في جرود عين دارة هي حديثة، تتوافق مع المعايير العلميّة الدوليّة الموضوعة لصناعة الإسمنت، بشهادة وكفالة شركات المانيّة ودانماركيّة، وان المجمّع سيعمل وفق شروط المعاهدات الدوليّة بخصوص التغيّر المناخي والحدّ من التلوّث وحماية طبقة الاوزون والحدّ من التصحّر.

وتتحدّث المصادر المطّلعة "أنّ الحزب كرّر القول أنّ الحاج حسن عندما أعطى الرخصة القانونيّة إستند ايضاً الى تلك الدراسات العلميّة، وبناء على إستشارة هيئة الإستشارات والتشريع والقرارات الصادرة عن ​مجلس الوزراء​ بموافقة وزارات: الصناعة، والصحة، والبيئة، والأشغال العامة والنقل، والطاقة والمياه".

وتقول المصادر ان السؤال الذي يُطرح عادة في مقاربة موضوع التلوّث الذي يثيره جنبلاط: هل أن المجمع في جرود عين دارة ينشر السموم، ومعمل سبلين يوزّع العطور؟!.

وعليه فإنّ كل ما حصل في إجتماع عين التّينة انه كسر الجليد فقط بين الفريقين من دون أيّ تنازل لا من "حزب الله" ولا من الحزب "التقدمي"، سوى الإتّفاق على إجتماع آخر لطرح أفكار الخروج من الأزمة على قاعدة عمل المجمّع الصناعي.