فعلا، وصدقًا، ومن دون مواربة، نحن الناس مسؤولون عن كل الهدر و​الفساد​ والصفقات والتوظيفات و"البلع" و"الشفط" والمواربة والتحايل والتهرب الضريبي.

اما المسؤولون، فهم براء من كل ذلك، كم نحن محظوظون، ويا لها من نعمة هبطت علينا بعد الحرب لأنهم أصبحوا مسؤولين عنا.

***

لو لم يكونوا كذلك فكيف يتم التجديد لهم في صناديق الإقتراع من العام 2005 وحتى اليوم؟ نحن الناس مسؤولون لأن نسبة منَّا هي التي ثابرت على انتخابهم حتى ولو كانت نسبة المقترعين قليلة، ولنكن صريحين، نسبة لا بأس بها منَّا، ما زالت مصرة على انتخاب الطبقة نفسها.

هل نلوم هذه النسبة؟ بالطبع لا، ف​الانتخابات النيابية​ فولكلور على المسرح اللبناني، وهو فولكلور رتيب ممل وقديم حتى دون ايقاع.

***

ولأن الناس هم المسؤولون عن الطبقة الحاكمة، فإنهم أيضًا "ابطال الازمة الاقتصادية"، وعليه فإننا نعتذر من الطبقة التي تسيّر أمور البلاد والعباد، عن الخطأ الجسيم الذي ارتكبناه بحقها، وعن اتهامها زورًا وبهتانًا.

فمن أولى واجباتنا، نحن الناس، ان ندفع كل الديون المترتبة على الوطن من جيوبنا لينعم هؤلاء "الابرياء" بمالهم الذي حصَّلوه وحصلوا عليه بعرق جباههم.

هذا أقل من واجبنا، ولنعترف: لِمَ كل هذه الضجة؟

هل لم نعد أناسًا؟

من نحن أذن؟

نحن الذين وظفنا أكثر مما تستوعب دولتنا.

نحن الذين ضربنا الرؤوس بالحائط وتنعمنا باموال ​النفايات​ و​الكهرباء​ و​النفط والغاز​، والاملاك البحرية، والسوق الحرة في المطار والمرفأ، وأهم من كل ذلك نحن الناس أوكلنا الى متعهدٍ واعطيناه كل ما في جيوبنا ليرتاح ولا "يعتل همّ" حتى ولد الولد.

***

نحن الناس الذين اهدرنا مليارات من ​مصرف لبنان​ على أمزجتنا.

نحن الناس واساتذة الجامعات وموظفو مصرف لبنان وموظفو ​الضمان الاجتماعي​ و​الاتحاد العمالي العام​ والعسكريون ​المتقاعدون​ والآتي على الطريق....

***

علينا ان نعترف نحن الناس اننا خُلقنا وعشنا وسنرحل خدمة لاصحاب الشأن المحبوبين أكثر بكثير منا، الذين لم يتوانوا لحظة واحدة عن التفكير بمصالحهم وتحويل اموالهم، ومن حقهم الترف ان في السفر أم باقتناء الطائرات الخاصة أم اليخوت أم البيوت حيث المتر المربع الواحد بعشرة آلاف دولار أميركي لا غير.

أصبحنا فريقين بعيدين بعد الارض عن المريخ.

الاول فريق الناس متهم بشتى انواع الاستخفاف وهدر الوقت والمال العام، نحن ناس بلا رؤية ولا تخطيط ولا الالتزام بالحد الادنى من احترام للفريق المسؤول عن نفسه ليس الاّ.

اللوم يقع علينا ونسألكم نحن بخدمتكم، ما المطلوب منا بعد؟

في الخلاصة:

نجح الفريق الثاني أو الترويكا بالالتفاف علينا نحن الناس واعطانا دروسا كيف وما يجب علينا؟

وما هو قصاصنا؟

في النهاية نحن مّن ندفع الاثمان الباهظة.