مرة جديدة، لا بد من التذكير بأن ​رئيس الجمهورية​ هو الوحيد من بين الرؤساء والوزراء والنواب الذي يقسم اليمين، فبموجب المادة 50 من ​الدستور​، عندما يقبض رئيس الجمهورية على الحكم يحلف امام البرلمان بالقول: "أحلف بالله العظيم اني احترم دستور الامة ال​لبنان​ية وقوانينها واحفظ استقلال الوطن اللبناني وسلامة اراضيه".

الرئيس عون عنده قسَمان، فعدا اليمين الدستورية، عنده قَسَم ​الجيش​. وبين اليمين الدستورية وقَسَم الجيش تبدو مسؤولية الرئيس عون مضاعفة ويبدو حرصه مضاعفًا أيضًا، وهذا ما يبدو في كل خطوة يخطوها وفي كل موقف يتخذه.

احدث ما تجلَّى في هذه المواقف ما اعلنه من قضية ​اللاجئين الفلسطينيين​ و​النازحين السوريين​،

يقول في هذا المجال: "أن ​إسرائيل​ أعلنت أن اللاجئين الفلسطينيين سيبقون حيث هم الآن. في لبنان هناك نصف مليون لاجئ فلسطيني، إذا بقوا عندنا مع مليون و600 ألف نازح سوري، لا يعود للبنان من وجود، لأن الديمغرافيا الخاصة به تتغير بالكامل.

ان التأثيرات السلبية لهذا الوجود اقتصاديا، وأمنيا، وتربويا، على لبنان كبيرة، وهو لم يعد باستطاعته تحمّلها. ويخاطب الرئيس عون الغرب قائلًا: إن ما نطلبه هو مساعدة لبنان لإيجاد حل لهذا الملف، عبر إقناع الدول الغربية بالقبول بعودة النازحين السوريين إلى بلادهم في أسرع وقت ممكن، بعدما بلغت الكثافة السكانية في لبنان نسبة 600 شخص في الكيلومتر المربع، وهذه الكثافة هي عادة للمدن وليست على مستوى بلد بأكمله.

***

هذا الموقف الجريء والمتقدم لرئيس الجمهورية يستحق الدعم والتأييد من كل المسؤولين ومن كل السياسيين، وانه يجب ان يكون محط إجماع.

وحين نقول إن ال​سياسة​ تأتي أولًا، فإن ما نقصده هو ان الاستقرار السياسي يتقدم على ما عداه، ومنه تنبع سياسة الاستقرار النقدي والاقتصادي والاجتماعي، وهذا النوع الثاني من الاستقرار هو ما يجب العمل عليه من خلال ​الحكومة​ مجتمعة أو من خلال مبادرات وزارية سريعة ومسؤولة.

***

من هذه المبادرات ما قام به وزير الاتصالات ​محمد شقير​ الذي بقرار واحد يحقق وفرًا بما يصل إلى مليوني ​دولار​ في ​السنة​. المبادرة هي التالية:

"بعد متابعة استمرت حوالي ثلاثة أشهر لإنهاء ملف الخطوط الخلوية المجانية الموضوعة تحت تصرّف الوزارات والإدارات العامة، وعددها حوالي 5 آلاف خط، اتخذ ​مجلس الوزراء​ قراراً وافق فيه على اقتراح ​وزارة الاتصالات​ القاضي بالطلب من هذه الجهات المعنية المذكورة آنفاً، بنقل وتحويل فواتير الخطوط الخلوية المستخدمة من قبلها إلى حسابها الخاص وإدراجها ضمن موازنتها لعام 2019، وإعطاء مهلة شهرين للقيام بعملية النقل".

الوزير شقير كان مصرّاً على إنهاء ملف الـ5 آلاف خط خلوي باعتباره باباً من أبواب هدر المال العام"، خصوصًا أن "التكلفة السنوية لهذه الخطوط تصل إلى مليوني دولار".

وتم إعطاء مستخدمي هذه الخطوط مهلة شهرين لتحويل فواتيرها إلى حسابهم الخاص، والخطوط التي لن تنقل ضمن المهلة المحدّدة سيتم قطعها.

***

كم من الخطوات المماثلة التي يجب اتخاذها من سائر الوزارات؟

كم من ابواب هدر موجودة اصلًا؟

وحسنًا فعل مجلس الوزراء من خلال الاتفاق على تخفيض مساهمات الدولة في كل الصناديق والمجالس ك​مجلس الانماء والاعمار​، ​صندوق المهجرين​، ​مجلس الجنوب​، المجلس الاقتصادي الاجتماعي، ومعهد البحوث العلمية، والمجلس الاعلى للخصخصة، و"اليسار" و"​ايدال​" و"​الهيئة العليا للاغاثة​"، نسبة 10 في المائة.

ومع ذلك يبقى المطلوب أكثر بكثير، وليتذكروا دائمًا ان دَيْن الدولة لامس المئة مليار دولار.