مات البطريرك الماروني الكاردينال ​مار نصرالله بطرس صفير​ ...

مات البطريرك السادس والسبعون على رأس الكنيسة المارونية ...

مات الذي يُطلّق عليه "بطريرك انطاكية وسائر المشرق".

***

حدثُ الوفاة أن البطريرك صفير كان رجل حوار واعتدال، ذاع صيته في كل أرجاء المعمورة، ونذر نفسه ليس من أجل ابناء كنيسته او المسيحيين فقط بل من أجل كل اللبنانيين.

***

مات عن تسعة وتسعين عامًا أمضاها كاهنًا ومطرانًا وبطريركًا، وعلى مدى ستة وثلاثين عامًا من حياته كبطريرك، حتى ولو قدم استقالته في العام 2011، فإنه حاز على ثقة الجميع واحترام الجميع حتى الذين لم يكونوا متفقين معه لم يكن باستطاعتهم سوى ان يكنوا كل الاحترام له.

***

ليس قليلًا أن ينعاه البطريرك الماروني بانه أيقونة، فجاء في النعي: "بالألم والحزن الشديدين المقرونين بالرجاء المسيحي، يعلن غبطة البطريرك الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي خبر وفاة المثلث الرحمة البطريرك الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير، أيقونة الكرسي البطريركي وعميد الكنيسة المارونية وعماد الوطن".

***

وليس قليلًا ان يقول فيه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون: "بغياب البطريرك صفير الذي عايش لبنان على مدى قرن كامل قضى خلاله أكثر من 70 عاماً في الكهنوت، تفقد الكنيسة المارونية واحداً من أبرز بطاركتها ورعاتها، كانت له بصمات مشرقة".

ستفتقد الساحة الوطنية بفقدان البطريرك الكاردينال صفير، رجلاً عقلانياً وصلباً في مواقفه الوطنية، ودفاعه عن سيادة لبنان واستقلاله وكرامة شعبه، في أعتى المراحل والظروف. ولا شك أن اندفاعه في تحقيق مصالحة الجبل، كان من صلب ايمانه بميثاقية العيش المشترك، وضرورة تصفية نفوس اللبنانيين من رواسب الماضي، وتمتين أواصر الشراكة الوطنية".

سيبقى البطريرك صفير معلماً بارزاً في ضمير الوطن، وواحداً من رجالات لبنان الكبار على مر التاريخ".

***

وعندما زاره في المستشفى السفير السعودي في لبنان، وليد البخاري، قبل يومين من وفاته، وصفه بأنه "قامة كبرى في العالم العربي والاسلامي والمسيحي وهو الذي دعا للحفاظ على الوحدة الوطنية في لبنان، إن البطريرك صفير من اهم اصدقاء المملكة العربية السعودية ولعب دورا كبيرا في الحفاظ على أمن واستقرار وازدهار لبنان، والمملكة دائما وفيّة".

***

سيفتقد لبنان البطريرك صفير:

سيفتقد اللبنانيون تواضعه وثباته وإصراره وتمسكه بالاستقلال، سيفتقدون دوره الوطني في المحافظة على لبنان وعلى دوره في إنهاء الحرب: من اتفاق الطائف إلى مصالحة الجبل إلى دوره في ثورة الأرز.

***

حين انتُخب في ربيع العام 1986، كان لبنان في حروب متنقلة ومتلاحقة، وحين قدم استقالته في العام 2011، لم يكن لبنان قد ارتاح كليًا بعد.

بقي مؤمنًا بأن لبنان سيعود إلى النهوض مهما كانت الأعاصير قوية وشديدة. والسنوات التي أمضاها في الصرح البطريركي في بكركي، حتى بعد استقالته، من العام 2011 الى أيار من هذا العام، حفلت بمراجعة أحداث قرن أو اقل بقليل، منذ إعلان لبنان الكبير عام 1920، وللمفارقة فإن هذه السنة كانت سنة ولادته مرورًا بكل المحطات: الاستقلال عام 1943 ثم احداث 1958 ثم اندلاع الحرب اللبنانية في نيسان من العام 1975 وصولًا إلى اتفاق الطائف وإنهاء الحرب.

***

من مطلع تسعينيات القرن الماضي حتى استقالته من سدة البطريركية، كان البطريرك صفير القائد والمرشد والموجِّه، كان ملاذ الجميع ولا سيما منهم الذين كانوا يعتبرون انفسهم مغبونين.

على مدى عقد من السنوات، وتحديدًا بين العام 1990 و2000 كان المَقْصَد الذي يلجأ إليه كل مَن يعتبر نفسه مظلومًا.