لم يُكتب للتسوية السياسية التي رعاها رئيس ​مجلس النواب​ ​نبيه بري​ بين "​حزب الله​" و الحزب "التقدمي الإشتراكي" النجاح. فالحزبان يتمترسان خلف رأيهما بخصوص المجمّع الصناعي في جرود ​عين دارة​. لكن يبدو ان موقف "حزب الله" بات أقوى من "التقدمي"، بسبب تسلّحه بقرار ​مجلس شورى الدولة​ الذي أطاح بقرار وزير الصناعة ​وائل أبو فاعور​، وأقرّ بصحة الإجراءات القانونية والماليّة والاداريّة بشأن المجمّع.

يقول مواكبون للملف أن ​المختارة​ مضت في طريق معارضة عمل المجمّع بعد الفشل في تسويق حصول رئيس الحزب "التقدمي الإشتراكي" على نسبة شراكة فيه. وهذا بات معلوماً ولم ينكره جنبلاط ابداً. وبحسب المعلومات التي يتحدث عنها المتابعون انفسهم: "لم يعد امام الاشتراكيين من سبيل سياسي، الاّ الإستمرار بفرض أمر واقع أمني في جرود عين دارة، يمنع تنفيذ الأحكام القضائيّة المبرمة، وتجييش مواطنين بحجّة الحفاظ على ​البيئة​، وعدم الإكتراث بالبراهين العلميّة والقانونيّة التي قدّمها وفد الحزب خلال إجتماع ​عين التينة​. لكن هل يمارس "التقدمي" ضغوطاً على ​القضاء​؟.

فقد ذكرت المعلومات أنّ "ابو فاعور شخصياً زار هيئة القضايا الإثنين الفائت في سعيه لإحداث إنقلاب في المشهد"، يُتيح للمختارة نسف القرارات والأحكام التي صدرت، "لكن الاجتماع بين ابو فاعور و​القضاة​ لم يكن ناجحاً، رغم المساعي التي يقودها قاضٍ محسوب على الإشتراكيين لإيجاد مخرج قانوني ما لا يبدو متوافراً لفرض وجهة نظر جنبلاط في الكباش الدائر حول المجمّع الصناعي في جرود عين دارة". لم يسترح السجال بين الفريقين، لكنه تراجع اعلامياً، ولن ينسحب على الأرض، في ظل محاولة حزب "​القوات​" تسجيل موقف الى جانب جنبلاط ضد موقف "حزب الله"، ومحاولة صبغ الخلاف بالأبعاد السياسية، علما ان الحزب يتحرك من منطلق وجود شرعية قانونية وإدارية كاملة في الملف جعلت وزيره السابق النائب ​حسين الحاج حسن​ يُعطي المجمّع رخصة صناعية، بعد دراسة وتمحيص واطلاع رئيس ​مجلس الوزراء​.

وكانت هناك محاولات لوقف عمل الكسّارات والمعامل في كل ​لبنان​، لكنها إصطدمت بمواقف معترضة: اولا من اصحاب النفوذ الذين يملكون كسّارات في كل المناطق، وهي غير مرخّصة بالمطلق، كما حال الكسّارات التي يرعاها "التقدمي" في ​ضهر البيدر​. وثانياً جاء الإعتراض مبنيّاً على تأكيد أن هذا القطاع يُخفف من الأعباء على اللبنانيين ويشغّل اليد العاملة ويمنع الإستيراد المكلف مادياً، في وقت يحتاج فيه البلد الى الحد من صرف الاموال وزيادة المداخيل الى خزينة الدولة لا صرف الاموال في الإستيراد.

وأمام هذا الواقع، يطرح المتابعون أسئلة: هل يستطيع جنبلاط الإستمرار بمخالفة الأحكام القضائية ومنع تنفيذ قرار مجلس شورى الدولة؟ يقول مراقبون إن بري أبلغ الوفود الإشتراكية التي زارته ألاّ إمكانية لتلبية طلباتهم، لأن لا قدرة لهم على القفز فوق أحكام قانونية، ولا بدّ من تنفيذها. غير أن المختارة مصرّة على الرفض. فما هو المرتقب في هذه الحالة؟

يصرّ "حزب الله" على "اخذ كل ذي حق حقه، وفق القانون، أي تنفيذ العمل في المجمّع الصناعي، والفصل ما بين الخلافات السياسية من جهة، والأمور والإجراءات القانونية من جهة ثانية". ولذلك، رجّحت المصادر المطّلعة ان يكون أبو فاعور يحاول الضغط على الجسم القضائي، او التأثير على هيئة القضايا لتحقيق هدف المختارة. لكن الجسم القضائي لا يرضخ، خصوصاً في عهد المحاسبة والمساءلة الآن. إزاء ذلك، لا تتواجد أية إقتراحات للتسوية بين الفريقين، الى درجة قال فيها أحد السياسيين المتابعين للملف: الآن علمنا لماذا أصرّ جنبلاط على ​وزارة الصناعة​ خلال تأليف ​الحكومة​.