اعتبر الوزير السابق ​ابراهيم نجار​ أن الحكم سيحاول لأول وهلة مراعاة كل المقتضيات التي ينادي بها الشارع على اختلاف أنواعه وتوجهاته، وهذا أمر طبيعي، علما ان المطلوب من ​لبنان​ تخفيض النفقات الى حدود يستحيل معها للشارع أن يتقبل المزيد من التنازلات، بحيث انه كان مطلوبا تخفيض ​الرواتب والاجور​ 30% وعدم مخالفة قانون موازنة العام 2018 الذي يُحرّم على الادارات التوظيف، لكن النتيجة اتت انه تم توظيف 11700 شخص جديد. وقال: "هذا كله لا يمكن ان يتحمله مشروع موازنة العام 2019 خاصة وان ​البنك الدولي​ والممولين و"سيدر" بالمرصاد".

وشدد نجار في حديث لـ"النشرة" على وجود نفقات لا بد من عصرها وشدّ الحزام، لكن هذا وحده غير كفيل بدفع عجلة النمو ​الاقتصاد​ي الى الامام، مشيرا الى أخطاء عديدة في صياغة مشروع ​الموازنة​ الاخير لجهة استخدام خاطىء لبعض العبارات القانونيّة. وأضاف: "نحن في صدد موازنة تجنح نحو المحاسبة الرقميّة اكثر منها نحو توجيه النمو والاقتصاد والتوظيفات الماليّة، لذلك اعتقد ان هذا المشروع لا حياة له لانه رقمي وتنقصه الرؤية الاقتصاديّة، وأخشى ما أخشاه أن يزيد الطين بلة".

وأشار نجار الى ان لبنان بلد غني لكنه محكوم بطريقة خاطئة، لافتا الى ان الاموال المودعة في ​المصارف​ تتجاوز الـ230 مليار ​دولار​، وهذا الرقم يجعلنا دوليا في المرتبة الرابعة بعد هونكونع و​الدنمارك​ و​سويسرا​، أيّ قبل ​الصين​، موضحا اننا في هذه المرتبة منذ العام 2016، لكن للاسف البلد لم يحكم بطريقة متفقة مع امتياز أبنائها وقطاعه الخاص الجبار.

وردا على سؤال عما اذا كانت عمليّة ​مكافحة الفساد​ التي انطلقت أخيرا جدّية، رأى نجار أن كلمة الفساد بقيت شعارا باعتبار انه لم يتمّ تحميله بالمعاني المطلوبة، فالفساد ليس فقط سرقة الأموال العامة بشكل مباشر وهو متعدد الأشكال، لأن هناك ​السرقات​ المباشرة وغير المباشرة، وهي تتنوع بين الصفقات والسمسرات وغض النظر و​سياسة​ الانبطاح أمام السلطات الادارية من أجل بلوغ ترقية في سُلم الدرجات والرتب. وقال: "لسوء الحظ، لم يضع الحاكم حتى الآن تصورا واضحا عما يمكن تسميته فساد، لذلك ضعُفت الثقة بلبنان وبات الحكم منهك القوى وكأن الواقعات أسرع من الأفكار والجرائم أسرع من العقاب، وكأننا في مجموعة مزاريب لا بد من سد ثغراتها". واعتبر ان مكافحة الفساد تقتضي أن يكون هناك استراتيجيّة واضحة غير موجودة حاليا، "لكنني متفائل في هذا المجال، بأننا سنصل في يوم من الايام الى حلول ناجعة في هذا المجال، ربما بعد أن يُكمل الحكم مسيرته باتجاه تأمين مقتضيات سيدر".

وتطرق نجار للتطورات الأخيرة الى تشهدها المنطقة، مستبعدا اندلاع حرب قريبة، لافتا الى ان ​ايران​ معروفة بدهائها الدبلوماسي لا بأساطيلها وقواها العسكريّة، لذلك فانّ كل ما نشهده هو حاليا من قبيل حفظ ماء الوجه.