إنَّ طلب السيد حسن نصرلله من اللبنانيين التبرع ل​حزب الله​ ليس سوى إثبات أنَّ سياسة أميركا تجاه ​إيران​ هي صحيحة. قالها وزير الخارجية الأميركي ​مايك بومبيو​ في لبنان ومشى، هو طبعاً قصد سياسة أميركا تجاه إيران ولبنان. تتشدد يومًا بعد يوم السياسة الاميركية اتجاه ايران وحلفائها، اَخرها من خلال فرض عقوبات إقتصادية على البلدان المستوردة للنفط الإيراني، أو تقديم 10 ملايين دولار لكل من يكشف معلومات عن طرق تمويل حزب الله.

‎تصِرّ الإدارة الأميركية على أن كل العقوبات التي تفرضها هي ضد الحكام وتظهِر في المقابل تعاطفًا مع الشعوب، لكنها في الباطن تهدف الى تجويع الشعوب لتدفعها للإنقلاب على حكامها.

سلّمت الإدارة الأميركية الملف اللبناني الى النظام السوري فكان المسؤول الوحيد عن الأوضاع السياسية والإقتصادية في لبنان منذ عام 1989 حتى عام 2005. يمكن القول إن السرقة والفساد ولدوا في لبنان بل أكثر من ذلك أن اللبنانيين هم منافسوا السوريين، لكن اللوم الأول والأخير بالنسبة لما اَلت اليه الأمور في تلك الفترة يقع على من كان يمسك بيده مفاصل البلاد، فكما كان للنظام السوري فضل في إيقاف الحرب وإعمار لبنان يتحمل هو ايضاً مسؤولية الفساد والسرقة.

بمباركة أميركية سيطر فريق 14 اَذار على السلطة بعد الخروج السوري فكان حزب الله ومعه الحلفاء في المعارضة، لكن سلسلة انتصارات حزب الله في الداخل اللبناني من احداث ايار عام 2008 الى إنتخاب الجنرال ​ميشال عون​ رئيساً للجمهورية الى فوز حزب الله وحلفائه في الإنتخابات النيابية الأخيرة مكّنته من السيطرة شبه الكاملة على السياسة اللبنانية. أمام هذا الوضع الجديد تجهد أميركا الى ضرب الحزب ولبنان معاً اقتصادياً، مستغلةً خطأ الحزب الاستراتيجي في الداخل اللبناني، فمن أراد تغيير مقولة لبنان القوي في ضعفه الى لبنان القوي في قوته كان الأجدر به ضبط الوضع الإقتصادي في السنوات التي رجّحت فيها كفته في الحكم، فالقوة الإقتصادية والعسكرية متساويتين.

‎يدفع اللبنانيون ثمن عدم تدخل حزب الله في السياسات الإقتصادية للحكومات السابقة تاركاً مقدّرات الأمّة تحت رحمة أناسٍ يتصرفون بها بخفّة و جنون. فالدين العام لكان 30 مليار دولار أدنى مما هو عليه اليوم لو تدخل الحزب أقله منذ 11 سنة وضغط على الأفرقاء اللبنانيين لحل مشكلة الكهرباء فقط لا غير. فمقاربة الحزب للأمور السياسية تختلف عن مقاربته للأمور الإقتصادية فمن فرض الجنرال عون رئيساً ومن فرض تمثيل اللقاء التشاوري في الحكومة تمنى الإستعانة بإيران لحل مشكلة الكهرباء. بين الفرض في السياسة والتمني في الإقتصاد ضاع البلد. حتى اليوم يظهر حزب الله فشلا في إدارة الملف الإقتصادي، يتميز النائب حسن فضل الله أكثر من باقي نواب الحزب من وقت الى اَخر في مقاربة بعض المواضيع الإقتصادية لكن فقط من زاوية مكافحة الفساد فهو يسعى الى كشف إختلاسات ببضع الملايين مكيلاً إتهامات معروفة مسبقاً انها ستتفتت كالموج على صخور الطائفية ولن تساعد في تحسين الأحوال او تأجيل الانهيار.

سقط الجنرال شارل ديغول في الإنتخابات الفرنسية وذلك بعد تحريره لفرنسا من سيطرة الجيش الألماني، كما سقط ونستون شيرشل في الإنتخابات وحوّل الخسارة البريطانية الى فوز في الحرب العالمية الثانية. لا يمكن للشعوب أن تحيا فقط على الإنتصارات العسكرية فلا بدّ من الرؤية الاقتصادية الواضحة للحفاظ على الإنتصارات العسكرية.

انها السياسة الأحدث للولايات المتحدة الأميركية،‎ انها الحرب الأقذر، انها القنبلة الأخبث، انها سياسة تجويع الشعوب لتطويعها، سياسة الغذاء مقابل النفط، سياسة العقوبات على إيران، سياسة العقوبات على كوريا الشمالية، سياسة ضرب الاقتصاد التركي، سياسة الضغط على ​الإقتصاد اللبناني​.