لفت رئيس المركز الكاثوليكي للإعلام الاب عبدو ابو كسم، الى "ان البطريرك الراحل ​مار نصرالله بطرس صفير​، جاء في العام 1986، في ظل أزمة كبيرة ومرحلة قاسية كان يمر فيها لبنان، وهو أطلعنا في مجمع الاساقفة على صعوبة المرحلة، وكان رجل مبادئ جاءت خطاباته في مسار واحد في كل تلك المرحلة، ولم تتغير منذ العام 1986 وحتى تنحيه عن الكرسي البطريركي،" مشيرا الى ان "البطريرك صفير اعلن في العام 1989، ان لم يكن لديه خيار اخر غير القبول بالطائف في ظل المدفع، فقبل به مرغما بهدف وقف اراقة الدماء، ورأى حينها ان صورة الميثاق الوطني والعيش المشترك كانت محفوظة في الطائف، في حين ذهب المسؤولون بعيدا في ما خص صلاحيات ​رئيس الجمهورية​، وهو اعلن ان امام استمرار الطائف واستمرار الحرب انا مع الطائف".

وشدد ابو كسم في حديث تلفزيوني، على ان" البطريرك صفير لم يقم بادوار سياسية بل بأدوار وطنية وذهب مرغما الى العمل السياسي بسبب غياب زعماء المسيحيين في تلك المرحلة، وهو المؤمن ان ال​سياسة​ ما دخلت شيئا الا وافسدته"، وشدّد على "أهمية النداء الذي أطلقه صفير في العام ألفين، وجاء بمثابة انتفاضة على السوري الذي لم يطبق الطائف بان ينسحب من لبنان، ورأى في حينها ان الطائف لا ينفذ و​حقوق المسيحيين​ نتتقص و​الشباب​ يهاجر، وامام هذا الواقع وحين رأى ان ​السفينة​ تغرق، اطلق نداءه الشهير، فتلقّف السياسيون هذا ​الاعلان​ ومشوا فيه لتأتي النتيجة بعدها بانسحاب السوري وعودة العماد عون وخروج سمير جعجع من السجن، فعاد حينها صفير الى دوره الوطني بعد عودة الزعماء السياسيين ليطلعوا بدورهم".

وكشف ابو كسم، ان "سر البطريرك صفير كان يبقى بقلبه، مع العلم انه اعطى ثقته لعدد محدود من الاشخاص لا يتخطون عدد اصابع اليد الواحدة،" مؤكدا ان "المجد الذي اخذه صفير لم يأخذه احد من قبله في تاريخ الكنيسة، فكان يستقبل حين يزور الخارج استقبال الملوك،" واعتبر ان "نحن اليوم في ظل ​اتفاق الطائف​ ومع ذلك حصل ​المسيحيون​ على حقوقهم، وذلك مردّه الى ان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون قوي ونجح في لم شمل المسيحيين، ما يعني ان نحن كنا ضعفاء حين طبق الطائف على حساب المسيحيين"، وأشار ابو كسم الى ان "الاسماء التي قدمها صفير بالنسبة لخمسة اسماء اقترحوا لرئاسة الجمهورية، قبل اتفاق الدوحة، قدمها بعد ان تم الضغط عليه ولم يكن مرتاحا لتقديمها، وهو كان يرى ان كل هؤلاء هم ابناؤه ولا يفضل احدهم على الاخر، وصفير لم يأخذ طرفا مع حزب ضد آخر او زعيم ضد آخر وفي بعض الاحيان الناس يلبسون ​بكركي​ ثوبا على ذوقهم،" داعيا الى "قراءة مذكرات صفير وهو كان يعتبر نفسه أب للجميع"، موضحا ان "صحيح ان لديه مواقفه وقناعاته ولكن لم يخاصم احدا بل السياسيون خاصموه، فكان متصالحاً مع ذاته في حين ان الكنيسة مؤمنة بنموذج لبنان بالعيش المشترك وهي ثابتة في مسارها للحفاظ عليه".

وأكّد ابو كسم، "ان المبدأ الذي طرحه الراحل البطريرك صفير: أي شعار الحرية والسيادة و​الاستقلال​ كان شعار كل الاحزاب ​المسيحية​ التي حاربت لاخراج السوري من لبنان وعلى رأسهم العماد ميشال عون، كما كان ايضا شعار الاحزاب الاخرى التي تحت نفس الشعار حرّرت لبنان من الاحتلال الاسرائيلي"، ولفت الى ان " البطريرك صفير لو كان موجودا كان استقبل الجميع في بكركي اما الكلام الذي اطلقته الوزيرة مي شدياق من بكركي خلال قيامها بواجب العزاء، ينبع من عاطفتها اكثر مما يعبّر عن قناعة لديها".

وختم ابو كسم بالاشارة الى ان "كل الاشاعات اليوم عن ​الوضع الاقتصادي​ هدفها ضرب عهد ​الرئيس ميشال عون​"، داعيا "الاعلاميين الى اعلان الحقيقة لا غير او لا نكون اعلاميين خلاف ذلك، اذا انسقنا الى تسويق الشائعات، بل نكون تجار الكلمة،" وكشف ابو كسم " ان لم يطلب احد من البطريرك صفير ان يستقيل، بل هو شعر انه اصبح منهك القوى ولذلك تنحى بقرار ذاتي، وهو قال لنا انه يتنحى لانه يريد التفرغ لاخرته بالتأمل والصلاة، اما وداعه اليوم يليق به وبعظمته، وهو الذي يعتبره غبطة البطريرك بشارة ​الراعي​، ايقونة ​الكنيسة المارونية​، فالراعي أيضاً شخصية كبيرة تحترم الكبار ولذلك كان يحترم صفير، والتكريم اليوم في وداعه يعبّر عن كبر غبطته، وهو خسر ابا كان يرى فيه صورة التواضع والقداسة."