أكد المستشار الإقتصادي "للتيار الوطني الحر" ​شربل قرداحي​ أن ​لبنان​ لا يمر بأزمة خطيرة على المستوى الإقتصادي، لكنه ذكر بما حصل في الصيف الماضي عندما ارتفعت الفوائد إلى مستويات غير مسبوقة، بالإضافة إلى إرتفاع تكلفة السندات اللبنانية في الخارج إلى مستويات عالية جداً، في حين أن ميزان المدفوعات يشهد خروج رساميل أكثر مما يدخل، من دون تجاهل أن النشاط الإقتصادي دخل مرحلة من الصعوبة.

وشدّد قرداحي، في حديث لـ"النشرة"، على أن "لبنان يتمتّع بعناصر قوّة، لكن بحال لم تكن موازنة العام 2019 إصلاحيّة سيتسارع الهبوط، لناحية خروج الرساميل وإرتفاع الفوائد، وعندها ندخل مرحلة الخطر"، مؤكداً أن موازنة 2019 محوريّة إنطلاقاً من هذا الواقع.

من ناحية أخرى، أوضح قرداحي أن هناك فوارق جوهريّة بين الوضعين اللبناني واليوناني، أولها أن اليونان جزء من المجموعة الأوروبيّة لديها سعر صرف ثابت تجاه اليورو بينما السعر الثابت في لبنان هو تجاه الدولار، كما أنّ معظم الديون اليونانيّة كانت خارجيّة لمصارف أوروبيّة بينما معظم الديون اللبنانيّة داخليّة لمصارف لبنانيّة. في المقابل، كان لدى اليونان عناصر قوّة لا يمتلكها لبنان، منها أنه كان هناك إصرار أوروبي ومن قبل صندوق النقد الدولي على مساعدة اليونان، بينما نحن غير متأكّدين من الحصول على مساعدات.

على الرغم من ذلك، استبعد قرداحي الذهاب إلى مرحلة تشبه ما حصل في اليونان، نظراً إلى وجود الكثير من الإقتراحات الموضوعة على الطاولة التي تمنع ذلك، عبر خفض العجز وزيادة الإيرادات، ويضيف: "لدينا الكثير من الحلول التي تمنع حصول السيناريو اليوناني، لكن المطلوب إرادة سياسيّة ووطنيّة بالذهاب إلى خفض العجز بشكل كبير، والقيام بالإجراءات الكفيلة بإعادة النمو".

ورأى المستشار الإقتصادي "للتيار الوطني الحر" أن ​الموازنة​ المقدمة من قبل وزير المالية ​علي حسن خليل​ خطوة في الإتجاه الصحيح، مشيراً إلى أنها تطرّقت بكل جرأة إلى أبواب لم يكن أحد يقترب منها في السابق بفعل التوظيف السّياسي وكون بعض المجموعات صوتها مرتفع، لكنه أوضح أنها غير كافية لدرء المخاطر وإعادة النمو، لأنّ المطلوب النزول من عجز 5.9 مليار دولار في الموازنة المقدّمة من قبل ​وزارة المال​ إلى عجز تحت 4 مليار دولار، أو ربما كما اقترح وزير الخارجية والمغتربين ​جبران باسيل​ إلى حدود 2 مليار دولار، بحال أقرّت الإقتراحات التي تؤدي إلى خفض العجز.

وأوضح قرداحي أن الوزير باسيل تقدم بسلسلة من الإقتراحات، جوهرها خفض العجزين المالي والتجاري، بسبب مشاكل بنيوية وهيكلية في الإقتصاد اللبناني، مشيراً إلى أن هذه الإقتراحات تقوم أولاً على رفع الإيرادات، عبر رفع الضريبة على الفوائد إلى 12% وإخضاع المصرف المركزي لها، وعبر فرض ضريبة نوعية قدرها 3% على جميع الواردات بهدف دعم الصادرات وتحويل الإستهلاك المحلي إلى البضائع المصنّعة محلياً.

أما بالنسبة إلى النفقات، أوضح قرداحي أن "ورقة الوزير باسيل كانت شاملة، حيث تطرقت إلى مجمل النفقات في الدولة اللبنانيّة التي من الممكن خفضها، من الكهرباء إلى الفوائد إلى التهرّب الضّريبي والجمركي إلى تطبيق القانون في الأسلاك المدنيّة والعسكريّة، كي يكون لدينا موازنة رشيقة تسمح لنا باستعادة النمو".

ورداً على سؤال حول ما إذا كانت هذه الإقتراحات تلقى الصدى لدى باقي الأفرقاء، أوضح قرداحي أنه قد تكون تلك القوى بحاجة إلى بعض الوقت كي تتأقلم معها، لكنه أعرب عن تصوّره بأنه "بات هناك قناعة وطنيّة لدى مجمل القوى بأنّ المخاطر المحدقة بالبلاد والمسار الذي نمضي به لن يأخذنا إلا إلى المزيد من المصاعب والإنكماش"، مؤكداً أنه بحال لم يتم "إقرار الخطوات التي تقدم بها الوزير باسيل فإنّ البديل هو القيام بنصف خطوة، ما يعني العودة إلى المصاعب بعد 15 شهراً وإلى المكان الذي نحن فيه اليوم"، مشدّداً على أن الجزء الأكبر من الإقتراحات لا يمكن إلا أن تُقر بسبب غياب الخيارات البديلة.