لفت السفير الفرنسي في ​لبنان​ ​برونو فوشيه​ في حديث صحافي الى أن "​الحكومة​ رسمت لنفسها خارطة طريق وجرى تبنيها في 15 شباط من البرلمان وهي خارطة طريق اقتصادية وسياسية للحكومة ولكل لبنان"، مضيفا: "لا نسعى على فرض أي شيء على لبنان، نطلب فقط أن يحترم لبنان الالتزامات التي أعطاها لنفسه، ومنها الإصلاح في ​الكهرباء​ لأنها جزء مهم من عجز ​الموازنة​ ومن الدين وتشكل 40 في المئة من الدين و40 في المئة من عجز الموازنة"، مشددا على أن "المساعدة المالية السنوية للكهرباء تشكل بليوني دولار وهذا رقم مهم، ومن الملائم تعديل طريقة إدارة هذا القطاع ولهذا قلنا إنه أولوية".

وأشار الى أن "نسبة العجز بلغت في السنة الماضية 11.4 في المئة من إجمالي الناتج المحلي، وهذا ضخم، حصل انزلاق متواصل ويجب الرجوع إلى مسار يسمح بالعودة إلى التوازن"، لافتا الى أن "لبنان تعهد أن يخفض هذا العجز بمعدل 1 في المئة سنوياً، على مدى 5 سنوات، وننتظر منه أن يقدم موازنة تتطابق مع تعهده"، مشددا على أنني "فهمت أن الحكومة تريد الذهاب أبعد من ذلك أي أنها تسعى لخفض العجز إلى نسبة تقل عن 9 في المئة، هناك جهد حقيقي من الحكومة لتقديم موازنة فيها خفض جوهري للعجز"، مضيفا: "ولهذا سنكون متنبهين لنتأكد من التزام لبنان بهذا التعهد ففي الكهرباء هناك حاجة إلى مشتريات وإلى الفيول ويجب احتساب المال لأجلها في الموازنة وإذا لم تذكر هذه النفقات سيؤدي ذلك إلى الانزلاق مجددا وهو ما يجب تجنبه ويجب أن تكون موازنة صادقة ، فيها توازن يتناسب مع الالتزامات التي فرضتها الحكومة على نفسها".

وشدد على أن " ​فرنسا​ تحرص على استقرار لبنان طبعا وهو خاضع لتوترات أخرى غير الاقتصادية، نحن متيقظون جدا حيالها"، معتبرا أن "ليس من الضروري أن تجر التدابير الهادفة إلى خفض العجز إلى تحركات اجتماعية أو إلى أثمان ذات مفعول قوي"، مشيرا الى أنه "هناك تدابير تسمح بتقاسم العبء بين الجميع من دون التسبب بسيناريوهات من نوع هز الاستقرار الداخلي عن طريق حركات اجتماعية واسعة، وآمل ألا نذهب إلى هذا الحد"، مشيرا الى أن "تعديل الإنفاق في ​القطاع العام​ لا يتحقق في سنة واحدة"، مضيفا: "هو التزام لسنوات، ويمكن برمجة خفض الإنفاق على القطاع العام على سنوات عدة، ومن المهم وجود استراتيجية للموازنة، متماسكة ومنظمة، فيها تصور لإلقاء العبء ليس على الأضعف، بل على الذين بإمكانهم فعليا احتمال التخفيض"، لافتا الى أن " لديه انطباع بأن هذه الاستراتيجية غير واضحة وأي موازنة تتسم بالوضوح ستكون مقبولة من أولئك الذي ينظرون من الخارج إلى ​الاقتصاد اللبناني​، والمستعدين للمجيء إلى لبنان للاستثمار فيه، والذين يحتاجون إلى طمأنتهم إلى متانة تعهدات الحكومة القائمة".

ورأى أن "المانحين الذين أعلنوا في ​باريس​ أنهم سيقدمون الدعم للبنان، ما زالوا هنا وحتى لو أقلع "سيدر" متأخرا، الأساس هو أن يقلع وبشروط جيدة، بشفافية، وبجهد من قبل الحكومة التي أعلنت برنامج عملها وإذا سلكت الحكومة هذا الطريق فإن المانحين حاضرون، ولا خطر من أن يختفي المال"، شارحا أن "السفير بيار دوكين زار لبنان لتكرار ما ننتظره من اللبنانيين من خطوات، ولاحظ أنها لم تنفذ، أولا تحديد الأولويات في مشاريع "سيدر"، الأمر الذي لم يحصل وهناك 280 مشروعا في برنامج الاستثمارات تحتاج لتحديد الأولويات في التمويل كما طلب قيام الهيئات الناظمة لا سيما في الكهرباء نأسف بشدة لأن هذا لم يحصل، ولا نفهم الأسباب"، مضيفا: "كنا نتوقع رفع تعرفة الكهرباء بدءا من 2019 لم نطلب أن تخضع فواتير المساكن المتواضعة للارتفاع، لكن هناك إمكانية للتمييز بين الذين لديهم قدرة على ذلك بدءا من 2019 وبين من لا قدرة له"، آسفا لأنه "جرى استبعاد ذلك طلبنا أن يكون هناك هيئات ناظمة في ما يخص الطيران المدني والاتصالات، وأن يزود مجلس ​الخصخصة​ (PPP ) بالإمكانيات ولم يحصل شيء، هذه مطالب مكررة ولم تكن نزوات اللحظة الأخيرة".

وأكد أن "الموازنة ليست شرطا مسبقا لتنفيذ "سيدر" ويعود للحكومة أن تطلق المشاريع المطروحة في برنامج الاستثمارات"، مشددا على أن "سيدر" بدأ لكن المشكلة أن الآليات التي ترافقه لم تنشأ".

وأضاف: "زيارة الرئيس الفرنسي ​ايمانويل ماكرون​ تأجلت بفعل تطبيق الاصلاحات ولكن هذا ليس عقابا"، مشيرا الى أن "ماكرون كان يرغب في المجيء في سرعة لكن الأحداث اللبنانية جعلت الأمر غير ممكن، لم يشأ المجيء كي يقول للفرقاء اللبنانيين عليكم أن تؤلفوا حكومة يجب الإفادة من زيارة رئاسية من أجل بناء إطار التعاون الكبير مع لبنان لعشر سنوات مقبلة في مجالات التعليم، الثقافة والتعاون العسكري"، معتبرا أن "زيارة رئاسية من هذا النوع مهمة ولذلك يجب عدم تبديدها، وفضّل تأجيلها، كي تتم في ظرف يستطيع فيه أن يضع تصورا لمستقبل علاقة لبنان مع فرنسا يجب ألا ننسى أن لفرنسا أجندتها الوطنية، من السترات الصفر، إلى الإصلاحات، الحوار الوطني، ​الانتخابات​ الأوروبية، والرئيس أجّل الزيارة والتزم المجيء في نصف السنة الثاني".

وعن تأكيد الامين العام للأمم المتحدة نزع سلاح "​حزب الله​"في تقريره الأخير عن القرار الرقم 1559، شدد على أن "هذا مرجع مهم بالنسبة إلينا يملي جزءا من سياستنا في هذا البلد"، مشيرا الى أننا "نعترف بالسلطات الشرعية وندعم الجيش اللبناني وحصر القوة في يد الجيش اللبناني"، لافتا الى أن "لدينا علاقات أكيدة مع "حزب الله" مع ​الجناح​ السياسي، وليس مع الجناح العسكري"، مشددا على أن "علينا أن نؤكد على هذا المبدأ، لأنه مغزى ​القرار 1559​ وال1701 والاستراتيجية الدفاعية يجب إقامتها، فرئيس الجمهورية ​ميشال عون​ تعهد بها، وحسب معلوماتي "حزب الله" لا يعارضها، ونحن نساند إرادة الرئيس عون في القيام بجولة جديدة من التفاوض كما سبق للرئيس ميشال سليمان أن فعل"، مضيفا: "التعقيدات الإقليمية يجب ألا تحول دون تطبيق المبدأ الاستراتيجية، قد يكون صحيحا أن المناخ الإقليمي يعقد الأمر، لكن هذا لا يعني أن نحرم أنفسنا من تطبيق هذا المبدأ الأساسي، في دولة سيدة ، لجيشها أن يحتكر الأمن على أراضيها".

وشدد على أن "ليس لدينا التحليل نفسه مع واشنطن حول "حزب الله" واشنطن تعتبره إرهابيا وانضمت إليها أخيرا ​بريطانيا​"، لافتا الى أن "ماكرون أكد مجددا أننا نميز بين الجناح السياسي والجناح العسكري للحزب"، مشيرا الى أن "ليست لدينا اتصالات مع الجناح العسكري، ونعتبر أنه يجب أن نناقش مع الجناح السياسي لـ "حزب الله" الأوضاع وتمرير الرسائل إليه ، كونه يمثل جزءاً مهماً من الشعب اللبناني، في البرلمان و الحكومة"، معتبرا أنه "من المفيد التحدث إليه، والقول له عدم الرد على الاستفزازات، وعدم التصعيد وهذا من ضمن ما تقوم به فرنسا التي تتحدث إلى ​إيران​ و​السعودية​، وتحاول تقريب وجهات النظر عبر التواصل مع كل اللاعبين"، مؤكدا أننا "نتحدث مع إيران وثانيا مع "حزب الله" في شأن المواجهة بين إيران و​الولايات المتحدة​ ونقول لإيران إننا نأسف لأن أميركا خرجت من ​الاتفاق النووي​، لأنه اتفاق جيد على رغم أننا نعتقد بوجوب استكماله إلى ما هو أبعد من تاريخ انتهائه بعد 10 سنوات، ويجب تناول القضايا الإقليمية، والصواريخ الباليستية من أجل استكماله"، مضيفا: "كما نقول لإيران لا تخرجوا منه لأن هذا خطر، الجواب الذي قدمه الرئيس الايراني ​حسن روحاني​ قبل أيام يمكن أن يؤدي إلى انزلاق وكل الأحداث التي تحصل في اليومين الماضيين في نظري متصلة ببعضها البعض، ويجب ألا تكون لدينا أوهام، لأننا دخلنا في ألاعيب صغيرة خطرة جدا، في وقت قلنا أيضا لإيران لستم وحدكم، وأن الآخرين لم يتركوا الاتفاق ونسعى معكم لإنشاء آلية التفاف على ​العقوبات الأميركية​ سميت "إنستكس"، في فرنسا، وتتطلب قيام غرفة موازية في إيران، هذه الآلية ترتبط بإقرار إيران نصوصا تتعلق بالشفافية المالية وفق معاهدة "باليرمو" و"غافي"، معتبرا أن "سلسلة الرسائل هذه لإيران مع شركائنا الأوروبيين، تترافق مع حلقة ثانية من الرسائل إلى "حزب الله"، مؤكدا أننا "قلنا لهم، أنتم الذين تتواصلون مع إيران وتدركون خطورة الوضع وقد تنجرون إلى حيث يمكن أن تجروا لبنان معكم، احذروا جيدا لأن هذا خطر"، معربا عن اعتقاده أنه "مع وضع "الحرس الثوري" على لائحة ​الإرهاب​ ووقف استثناءات العقوبات على تصدير ​النفط​ ، تشعر إيران أنها محاصرة، وردة فعلها على خنقها يقود إلى سباق نحو الظلمة".

ورأى أنه "يعاد طرح موضوع مزارع شبعا لأن الولايات المتحدة تقوم للأسف، بخطوات متواصلة بدءا بنقل السفارة إلى القدس، والاعتراف بضم الجولان من قبل إسرائيل، الأمر غير مقبول لأنه لا يتفق والقانون الدولي والمواقف التي نأخذها"، لافتا الى أن "الجولان أرض محتلة وليس أرضا إسرائيلية واعتراف واشنطن بملكية إسرائيل لها لا يرضينا"، مؤكدا أن "قضية مزارع شبعا أعيد طرحها لمناسبة هذه المبادرة الأميركية غير الملائمة"، متمنيا أن "يكون هناك تفاوض بين الفرقاء لمعالجة الخلاف حول الأراضي، وكذلك أن يتم التوصل إلى اتفاق حول الحدود البحرية والبرية "يونيفيل" موجودة حتى لا تتسمم الأجواء في انتظار هذا الاتفاق".

وشدد على أن "فرنسا تعي العبء الذي يحمله لبنان جراء النزوح السوري لكن الأمر ليس سهلا إلى هذه الدرجة"، مؤكدا أن "هناك مقاربتين البعض يقول السوريون حاضرون للعودة من أجل المشاركة في إعادة إعمار منازلهم ويحتاجون بعض المساعدة للذهاب إلى المناطق الهادئة، وسيذهبون إلى هناك بسرعة، وهناك ما نراه نحن، حيث نجري استقصاءات مع الناس في مناطق عدة من سوريا، وكل الأجوبة التي جاءتنا هي نفسها: الناس تخاف"، معتبرا أن "ليس الوضع الاقتصادي الذي يدفعهم إلى العودة، بل الخوف هو الذي يمنعهم من العودة، لأن لا ثقة لديهم بالحكومة الحالية. ولا ثقة لديهم بالإجراءات التي تتخذها السلطات السورية، ولأن خطابات الرئيس بشار غامضة ولا تدفعهم للعودة"، معتبرا أنه "لا يمكن حصول العودة إذا لم يكن هناك حل سياسي شامل ربما يعتقد النظام أنه ربح الحرب على المدى القصير، لكنه إذا ربحها فإنه فعل مع 5 ملايين من النازحين، و5 ملايين لاجئين خارج منازلهم من دون ضمانات بقدرتهم على العودة"، مشيرا الى أن "الحرب لم تنتهِ وستستمر بوسائل أخرى وفي كل الأحوال إعادة الإعمار لن تمول من قبلنا طالما لا حل سياسيا يلائم اللاعبين السوريين".