عظمة "أبَّهة" ملوكية فاتيكانية... الخلود ل​مار نصرالله بطرس صفير​ والشكر والامتنان ل​مار بشارة بطرس الراعي​...

يقولون في تراثنا ال​لبنان​ي العريق والاصيل الذي انبثق منه "البروتوكول":

"الإنسان بيعمل قيمتو"... صحيح.

البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي​ "عمل قيمته" وقيمة الصرح البطريركي في تكريم البطريرك الماروني السابق الكارينال مار نصرالله بطرس صفير... ليدخل التاريخ لأننا نعرف غبطته عن كثب انه لم ينم منذ وفاة البطريرك صفير بل أشرف شخصياً على أدق التفاصيل، وبقي على مدى يومين واقفاً يصافح حشود المعزين، بالاضافة الى كلمة الرثاء التي كتبها ببلاغة قل نظيرها، ليرتاح ضميره انه قام بواجب الوداع على أكمل وجه.

في الشكل: تنظيم فائق، حتى لكأن البعض إعتقد أننا لسنا في لبنان، من فرط ما يشهد هذا البلد من فوضى في كل المجالات... حضور رئاسي منظَّم، حضور وزاري ونيابي وسياسي وديني لم يَشِبْه أي خطأ بروتوكولي ... وحضور شعبي من كل الأَطياف ومن كل ​الطوائف​ والمذاهب ومن كل المناطق، جاء ليثبت ان البطريرك الكاردينال صفير هو لكل لبنان ولكل طوائفه وليس ل​بكركي​ و​الموارنة​ فقط.

***

في المضمون، ارتقت عظة البطريرك الكاردينال الراعي إلى مستوى "الوثيقة الوطنية والدينية والتاريخية"... إختزلت في مئات الكلمات مئة عام من "عصر البطريرك صفير": من ولادته في العام 1920، تاريخ إعلان لبنان الكبير إلى وفاته في العام 2019، عشية بدء ذكرى المئوية الأولى لإعلان دولة لبنان الكبير.

وهكذا ترك البطريرك الكاردينال الراعي للاجيال القادمة "وثيقة صفير" التي من خلال كلماتها المعروفة يتعرَّفون على هذا الرجل الصلب كأنه من صخور ريفون الكسروانية، مسقط رأسه، أو جذع من جذوع الارز... المتواضع الذي لم يُرِد شيئًا لنفسه ولا لعائلته، فبقيت هذه العائلة المتواضعة على حالها.

***

في "وثيقة صفير" والتي لم يكرّم بطريرك بمثلها وبهذا العمق الأدبي الرائع، وللتاريخ يقول البطريرك الكاردينال الراعي: "تأتي الشّهادات عن هذا البطريرك الكبير من كلّ فم وعبر جميع وسائل الإعلام. فالكلّ يجمع على أنّه "خسارة وطنيّة". ورأوا فيه بطريرك ​الإستقلال​ الثّاني، والبطريرك الذي من حديد وقُدَّ من صخر، وبطريرك المصالحة الوطنيّة، والبطريرك الذي لا يتكرّر، المناضل والمقاوم من دون سلاح وسيف و​صاروخ​، وصمّام الأمان لبقاء الوطن، وضمانة لاستمرار الشّعب. وأنّه رجل الإصغاء، يتكلّم قليلًا ويتأمّل كثيرًا، ثمّ يحزم الأمر ويحسم الموقف. وكجبل لا تهزّه ريح، أمديحًا كانت أم تجريحًا أم رفضًا أم انتقادًا لاذعًا. فكان في كلّ ذلك يزداد صلابةً، على شبه شجرة ​الأرز​ التي تنمو وتقوى وتتصلّب بمقدار ما تعصف الرّياح بها وتتراكم الثّلوج على أغصانها. أمّا الشّهادة النّاطقة الكبرى فهي الوفود من جميع المناطق اللّبنانيّة ومن الخارج التي ما فتئت تتقاطر للتّعزية والصّلاة، والحشود التي لا تُحصى، وقد وقفت لوداعه على الطّرقات في خطّ متّصل من ​مستشفى​ ​أوتيل ديو​ إلى بكركي. هذا الحزن العارم الذي عاشه اللّبنانيّون، ترجمَتْه ​الحكومة​ اللّبنانيّة مشكورةً بإعلان يوم أمس يوم حِداد وطنيّ تُنكَّس فيه الأعلام، واليوم يوم إقفال عام للمشاركة في وداع هذا الرّاعي المثاليّ".

ليس هذا كل ما في "الوثيقة"، بل إن البطريرك الكاردينال الراعي بلغ ذروة التكريم، من خلال القول فيه انه "راح يملأ الفراغ السّياسيّ، مجاهدًا من أجل تحرير أرض لبنان من كلّ احتلال ووجود عسكريّ غريب، وشعاره مثلّث: حريّة وسيادة واستقلال"، وهو صدى لصوت أسلافه البطاركة العظام، بدءًا من خادم الله البطريرك الياس الحويّك أبي لبنان الكبير، والبطريرك أنطوان عريضه صانع الإستقلال وضامن الميثاق الوطنيّ".

***

عظيم صاحب الغبطة البطريرك الراعي، التاريخ سيشهد لكم على تكريمكم الرفيع المستوى للبطريرك صفير وعلى بلاغة رسالتكم.

واثبتت بكركي، في عهد وعهدة البطريرك الكاردينال الراعي، انها التاريخ والحاضر المُشرّف والمستقبل الواعد لكل لبنان.