تؤكد اوساط بارزة في تحالف ​8 آذار​ ان ما شهدته ​بكركي​ خلال الايام الماضية ومنذ إعلان وفاة البطريرك صفير وتتويجها بمراسم تأبين وتشييع ودفن، لم يعرفه ​لبنان​ له منذ اربعة عقود، ويؤكد الدور الوطني والهام والاستراتيجي للبطريركية المارونية تاريخياً وتأثيرها على الوضع اللبناني عموماً، كما يؤكد حضور الراحل صفير سياسياً وخوضه في مجالات عدة ابرزها رفض الوجود السوري الى الخصومة معه وإنشاء تكتلات سياسية وحزبية مناوئة له بالاضافة الى علاقة حذرة مع حلفاء ​سوريا​ في لبنان وعلى رأسهم ​حزب الله​.

ففي حياته جمع البطريرك الراحل كل التناقضات، وكان رجل حوار ونقاش وكان الصرح البطريركي قِبلة المتناقضين والمتفقين معه، وفي مماته وخلال مراسم تشييعه ودفنه، جمع الاضداد في ​السياسة​ وضمت بكركي في ارجائها المتخاصمين من الدول والافراد والاحزاب والشخصيات، فكان ​السفير السوري​ في لبنان ​علي عبد الكريم علي​ من اول المعزين وفي التعزية السورية تأكيد على الرغبة الرئاسية السورية بأفضل علاقة سياسية واجتماعية مع ممثلي الطائفة المارونية ​الرئيس ميشال عون​ والبطريرك ​بشارة الراعي​ وتاكيد على طي صفحة الخلاف مع الراحل مع مماته على إعتبار ان مواقف الراعي اتت خلال الاعوام التسعة الماضية متمايزة عن الخطاب الذي عرف فيه الراحل صفير. كما حضر حزب الله على رأس وفد كبير بالاضافة الى ​السفير الايراني​ في لبنان ​محمد جلال فيروزنيا​ للتأكيد على العلاقة الجيدة مع بكركي وسيدها البطريرك الراعي ولتكريس الاحترام لمقام وشخص البطريرك صفير.

ومع إصرار تحالف 8 آذار وحزب الله على افضل العلاقات مع بكركي والطائفة المارونية وقيادتها السياسية والدينية ومن خلال وجود اللجنة الاسلامية- ​المسيحية​ للحوار بين حزب الله وبكركي، تؤكد الاوساط ان الخطاب الذي القاه البطريرك الراعي خلال تأبينه الراحل الكبير شهد العديد من العبارات بعضها مألوف منه وبعضها جديد عليه، وقد يعكس تبدلاً في مواقفه من بعض القضايا. وتشير الاوساط الى ان تحليل مضمون الخطاب ودراسة ابعاده يدفع الى الحذر والتريث والانتظار لمعرفة ما ستكون عليه تعابير الراعي في عظة قداس الاحد المقبل او الاطلالات المقبلة للبطريرك الراعي. وتشير الاوساط الى ان الراعي وفي خطابه وصّف المراحل التي عاشها صفير، ولم يظهر انه يتبنى هذا الموقف او "يتقمصه" او يحاول ان "يرث" هذا الدور بعد وفاة صفير. فهو تطرق الى الاهانات التي تعرض لها صفير خلال الحرب الاهلية والتي قام بها مناصرون للعماد ميشال عون و​التيار الوطني الحر​، وهو تطرق اليها خلال وجود الرئيس عون واركان التيار الوطني الحر ونوابه ووزرائه. كما وصّف الراحل بأنه بطريرك الاستقلال الثاني اي انه يعتبر كما كل ​الموارنة​ باستثناء الوزير السابق ​سليمان فرنجية​ ان الوجود السوري في لبنان كان إحتلالاً وان خروج ​الجيش السوري​ من لبنان كان "تحريراً" قامت فيه "المقاومة المسيحية" بشكل سلمي وسياسي بعدما حملت ​السلاح​ في وجه الجيش السوري إبان الحرب الاهلية. بالاضافة الى ذلك تطرق الى ملف السلاح والسيف والصاروخ، عندما قال ان الراحل قاوم سياسياً ولم يحمل سلاحاً او سيفاً او صاروخاً وفي هذا الكلام رسائل الى من يحمل السلاح في لبنان الى ​سلاح المقاومة​ والتي تتميز بترسانة ​الصواريخ​ الموجهة الى صدر العدو الصهيوني لردعه.

وتخلص الاوساط الى ان خطاب الراعي يحتاج الى التريث والتدقيق قبل ​البناء​ على تبدل نوعي وجذري في خطابه الايجابي المستمر منذ 9 سنوات والذي اتى مغايراً لخطاب الراحل وتقول ان من المفيد التأكد من ابعاد الخطاب ومعرفة اذا ما كان مرتبطاً بالمناسبة ويوصّف الحقبة التي عاشها صفير او انه يتبناها ليكمل فيها فيما بعد، بما يشكل تحولاً جذرياً في خطاب وممارسة البطريرك الراعي وهو امر يحتاج الى بعض الوقت و​الاتصالات​ والتوضيحات للوقوف على حقيقته.